كنت والدكتور «أحمد عواض» رئيس هيئة قصور الثقافة، ثم انضم إلينا المخرج والمنتج السينمائى «شريف مندور» والكاتب الصحفى الفلسطينى الأردنى البريطانى «أحمد المصرى»، أخذنا الحوار من الفن إلى الثقافة ومن التاريخ إلى الجغرافيا، وكان العنوان العريض لتلك الدردشة المسائية التى امتدت لنحو ثلاث ساعات هو مصر ودورها التاريخى وقوتها الناعمة وتأثيرها فى المحيط العربى والإقليمى.
وبروح محبة وناقدة فى ذات الوقت، طوف بنا الحديث عن أوضاع الثقافة والفن فى مصر، قال أحمد عواض: إن جهداً مهماً يبذله وزملاؤه فى هيئة قصور الثقافة لتطبيق مفهوم عدالة توزيع الخدمات الثقافية على مختلف ربوع مصر، وإن الهيئة مع مختلف المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة تحاول أن تلعب الدور المنوط بها فى تقديم خدمة ثقافية للمصريين، لم يسلم «عواض» من انتقاداتنا ولم يخفق فى الرد علينا وإن اتفق معنا على أن الطريق طويل وأن المطلوب أكثر، وكان من بين ما قاله عواض أن وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم ستكون بعد أيام فى قرية سبيتة بجنوب سيناء حيث تشهد عروضاً ثقافية وفنية لشباب وبنات القرية البدوية التى زارتها قبل نحو عام، وأن الزيارة تأتى ضمن خطة تحرك متكاملة لربط أبناء المناطق الحدودية فى مصر بالمركز، أعجب الصديقان «شريف والمصرى» بالفكرة، خاصة أنها تكمل جهداً آخر بدأ فى الصعيد بعروض مسرح شارع لمواجهة الفكر المتطرف.
لام الصديق أحمد المصرى، الذى كان يلتقى أحمد عواض للمرة الأولى، لامه على أن هذه الأنشطة والفعاليات لا تغطى بالشكل المطلوب فى الصحافة والإعلام، وشاركه الرأى شريف مندور زميل عواض فى المعهد العالى للسينما.
كان الحوار يدور وأنا أفكر فى الحلقة المقبلة من برنامج «أهل مصر» الذى بدأت تقديمه على شاشة «سكاى نيوز عربية»، قلت للدكتور «عواض» أريد أن أسجل هذه الزيارة وأجرى حواراً مع وزيرة الثقافة عن هذه الأنشطة والفعاليات، استحسن الجميع الفكرة وتحمس لها «عواض» لكنه طلب مهلة لعرض الأمر على وزيرة الثقافة، وفى صباح اليوم التالى كانت موافقة الوزيرة على التصوير وإجراء الحوار، وفى الموعد المحدد وبعد الحصول على موافقات التصوير كنت وفريق البرنامج الزملاء أحمد عوارة وحسام الهادى وسامى العنسى ومحمد إبراهيم فى عين المكان، على بعد نحو أربعين كيلومتراً من شرم الشيخ بكل ما تحمله من ألق وتألق، وفى القرية البدوية كان الشباب والبنات من أهل القرية وكأنهم فى يوم عيد، يستقبلون الضيوف ويرحبون بهم بكرم بدوى غير محدود، وبدأت الجولة بوزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم ومحافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة.
كانت وجوه الأطفال تنطق بالبهجة وكانت سواعد الرجال تمتد للجميع لتقدم المساعدة والعون لأولئك الذين شعروا بدفء الوطن الحقيقى بعيداً عن عبارات المجاملة الاعتيادية.
فى الخلفية كان شباب القرية يرفعون علم مصر على أعلى تبة مطلة على المسرح الأسمنتى الذى توسط دائرة واسعة نصبت فى قلبها خيمة واسعة ضمت الضيوف وشيوخ القرية البدوية، وبدأ الشباب والفتيات فى إلقاء الشعر بالعربية الفصحى واللهجة البدوية الدارجة، فيما كانت عجوز من القرية تجهز الخبز البدوى الطازج وتساعدها فتيات فى إعداد العسل قبل تقديمه للضيوف، فى الوقت الذى تفرغ فيه لإعداد الشاى البدوى عجوز سيناوى يمكنك أن تقرأ فى تجاعيد بشرته آثار السنين الطويلة التى أمضاها فى تلك القرية، لم يزر خلالها القاهرة إلا مرة واحدة.
كان يوماً رائعاً أمضيناه مع أهل مصر فى تلك القرية البدوية التى تحتاج كغيرها للكثير، صورنا وأجرينا الحوار مع الوزيرة التى تحدثت بكل بساطة أهل مصر عن مشروعات وزارة الثقافة والأنشطة التى تعتزم تقديمها فى العام الحالى، وكان الاحتفال والحوار جزءاً من حلقة «أهل مصر» التى ستبث مساء اليوم على شاشة «سكاى نيوز عربية».
أما جلسة الدردشة المسائية التى جمعتنى مع «عواض ومندور والمصرى» فكان فيها أيضاً حوار ممتد عن كبير عائلة المصورين السينمائيين وعميد معهد السينما الأسبق الدكتور شوقى على محمد، ولهذا حوار آخر وفقرة أخرى ممتعة من «أهل مصر».
و«أهل مصر» هو العنوان الذى اخترته مع إدارة قناة سكاى نيوز عربية ليكون اسماً للبرنامج الذى أقدمه.