خلال 46 يوما.. كيف تعاملت الصين مع فيروس كورونا القاتل؟
فيروس كورونا الجديد
رعب شديد يسود العالم مع بداية العام الجاري، بسبب الفيروس القاتل المنتشر مؤخرا "كورونا الجديد"، حيث سجلت بكين أول إصابة بالفيروس الجديد في 12 ديسمبر 2019، قبل أن يرتفع عدد القتلى خلال شهر إلى 106 فردا، وفقا لما أعلنته السلطات، من بين أكثر من 4500 حالة إصابة بالفيروس الذي ينتقل عبر الجهاز التنفسي.
وتنتقل "كورونا" بين الحيوانات والأشخاص، حيث وصفته وسائل الإعلام الصينية بأنه "قذر وفوضوي"، قبل أن ينتقل لعدة بلدان مجاورة ثم أخرى عربية وأوروبية، ليعلن اليوم، عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني، وانج يي، أن بلاده قادرة تماما وواثقة في التغلب على الالتهاب الرئوي المرتبط بفيروس كورونا الجديد في وقت مبكر، مبديا استعداد بكين لمواصلة تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي، وخاصة منظمة الصحة العالمية، بطريقة مفتوحة وشفافة، وبذل كافة الجهود لخدمة قضية الصحة العامة الدولية.
وأضاف وانج - خلال لقائه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، اليوم الثلاثاء في بكين - أن الصين لديها قيادة قوية وتجربة مفيدة في التعامل مع وباء سارس، وأنها هذه المرة، أكثر عزما في مكافحة الوباء، ولدينا إجراءات أقوى وأسرع وأكثر وعلى نطاق أوسع.
من جهته، أشاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس بقوة النظام الصيني وفعالية التدابير الصينية، معربا عن تقدير منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي بالتدابير الحرجة التي اتخذتها الحكومة الصينية، وجهودها الهائلة لمنع انتشار الوباء.. آملا في تعزيز التعاون مع الصين وتقديم المساعدة اللازمة لها.
تعرف على فيروس كورونا
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية هي مجموعة كبيرة من الفيروسات التي تسبب مرضًا يتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى أمراض أكثر حدة، لذلك أعراضها تشمل الحمى وصعوبة التنفس، ويمكن أن يسبب العدوى الالتهاب الرئوي والمتلازمة التنفسية الحادة والفشل الكلوي وحتى الموت.
وتضم فيروسات كورونا أكثر من 30 فيروسا، مكونة من قسمين فرعيين، والذي جرى اكتشافه لأول مرة عام 1965، ومن أشهر أنواعها والمنتشر حاليا في الصين، هو متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، المعروف باسم "سارس"، الذي تفشى في آسيا في عام 2003، وانتشر في بلدان في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 650 شخصا في الصين قبل احتوائه بنجاح.
وبسبب ذلك الأمر وانتشار الفيروس لعدة دول أخرى، جرى تقييد حركة وحرية السفر والتجارة بين البلدان، ورفع الإنفاق على العملية الاحترازية للحد من انتشاره، وإذا استمر تفاقمه سيؤثر على النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط، على غرار ما حدث في العام 2003 حينما تفشى فيروس سارس القاتل والذي أودى بحياة نحو 800 شخص في الصين، وأدى إلى انكماش الناتج المحلي للبلاد بنحو 5%.
الصين: أطباء عسكريون في الميدان.. ومحاضر لمن لا يرتدي "القناع"
رغم التعتيم الشديد على الفيروس في بادئ الأمر ورفض الصين الإعلان عنه صراحة، إلا أنه ف ي نهاية عام 2019، أفصحت الصين عن انتشار نوع جديد من عائلة "كورونا" هو "سارس"، الذي ينتقل بشكل أساسي عن طريق الرذاذ، وسط إمكانية أن يسهم التلامس في انتشاره أيضا.
ومنذ انتشار الفيروس، اتخذت الصين إجراءات عدة للحد من تفشي انتشار المرض، سارع رئيس الوزراء بزيارة مدينة ووهان، التي توصف بأنها بؤرة انتشار المرض، وجرى عزل البعض في قسم الحمى بالمستشفيات، وتعليق تجارة الحيوانات البرية، وتأجيل دورة الألعاب الشتوية الصينية الوطنية، وتمديد عطلة الربيع حتى الثاني من فبراير، وتأجيل موعد استئناف الدراسة إلى منتصف الشهر المقبل، وإغلاق دور رعاية المسنين الذين ينتقل إليهم الفيروس سريعا.
كما اتخذت إجراءات غير مسبوقة لمواجهة الفيروس، إذ عزلت مدينة ووهان، منشأ الفيروس، عن العالم الخارجي، والتي تعد أبرز المعالم السياحية في العاصمة الصينية، التي يزورها يوميا 80 ألف شخص، وألغت الرحلات الجوية إليها وقطعت الشوارع والسكك الحديدية المؤدية إليها، والتي تعد أكبر عملية حجر صحي في العالم.
وفرضت قيود سفر على 35 مليون صيني، الذين كان أغلبهم بصدد الاحتفال بالسنة القمرية خارج الصين، وتقييد سفرهم حرم دولا وشركات طيران من نفقاتهم، كما ألغت العديد من الاحتفالات العامة الكبرى بهذه المناسبة، وهو ما يعتبر خسارة فادحة للتجار والمرافق الترفيهية.
كما اتخذت مدينة شانتو الساحلية الواقعة في إقليم قوانغدونغ الصيني من إجراءات الرقابة على انتشار المرض مثل جهود التطهير والتعقيم، وتعليق دخول حافلات الرحلات الطويلة إلى أراضيها، ما لم تتخذ إجراءات لقياس حرارة المسافرين، بعدما أعلنت ثلاث مدن هي تيانجين وبكين وتشيان، إجراءات من هذا النوع.
كما تسعى حاليا لتشييد مستشفى ضخمة، لمواجهة فيروس كورونا المتفشي، في مدينة ووهان، والانتهاء منها في 3 فبراير المقبل، حيث يتسع لنحو ألف سرير، وتبلغ مساحته 25 ألف متر مربع، فيما بث التلفزيون الصيني لقطات تظهر عشرات الجرافات تعمل ليلا ونهارا من أجل وضع أسس المنشأة الطبية.
وبتوجيهات من الرئيس الصيني، أرسلت بكين 450 من الأطباء العسكريين إلى المدينة، التي تفشى فيها المرض وتفشى خارج حدود الصين، بحسب الوكالة الرسمية.
وفي شنغهاي، أعلنت مدينة ملاهي "ديزني لاند" إغلاق أبوابها، وفي مونتريال، ألغى "سيرك دو سولاي" الكندي عرضا آخرا، وأصدرت أوامر بارتداء الأقنعة الواقية إلزاميا على أن يجري تحرير محضر ضبط بحق الشخص المخالف.
بينما أعلنت مقاطعة خوبي "منطقة طوارئ صحية من الدرحة الأولى" وهو أشد مستوى في حالات الطوارئ، ما يعني أن الاستجابة ستكون مركزية بإشراف من مجلس الدولة في العاصمة بكين، ولذلك حضت الحكومة الناس على الإبلاغ عن أي استجابة طبية ضعيفة في منصة "التفتيش الصحي" على الإنترنت.
وأصدرت الحكومة المحلية بيانا تدعو المواطنين إلى التبرع لجهود مواجهة تفشي الفيروس، بما في ذلك أقنعة الوقاية، وأغلقت 21 حديقة حيوان أبوابها أمام الزوار للحد من انتشار الفيروس.
وأعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية، قبل يومين، عن علاج أول مصابة بفيروس كورونا القاتل، وهي سيدة صينية، تبلغ من العمر 56 عاما، تعيش منذ فترة طويلة في مدينة ووهان، تحسنت خلال رحلة العلاج، ولم ترتفع درجة حرارة جسدها لمدة ستة أيام، وأصبحت تتنفس بشكل أفضل، وأظهرت اختبارات رد فعل الأحماض النووية نتائج سلبية، بعد ذلك قررت لجنة الخبراء أن تخرجها من المستشفى.
أيضا، أمرت الصين بفرض إجراءات على مستوى البلاد للكشف عن حالات الإصابة المشتبهة بفيروس "كورونا"، في القطارات والطائرات والحافلات، موضحة أنه سيجري وضع محطات للكشف عن الإصابات، وسينقل الركاب الذين يُشتبه بإصابتهم "فورا" إلى مركز صحي، بعد أن أغلقت السلطات خمس مدن جديدة فيها نحو 56 مليون نسمة السبت الماضي، في محاولة لاحتواء المرض.
ونشرت القوات المسلحة الصينية، طواقم طبية محترفة في إطار مواجهة مرض الالتهاب الرئوي الناجم عن تفشي الفيروس، وفقا لما أعلنته السلطات العسكرية.
كما أعلنت الجمعة وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية، عن تأسيس فريق بحث وطني يتألف من 14 خبيرا، للمساعدة في الوقاية ومراقبة تفشي فيروس "كورونا" الجديد في الصين، والذي يعتبر جزءا من مشروع علمي- تكنولوجي عاجل للوزارة، تم إطلاقه بشكل مشترك مع لجنة الصحة الوطنية وإدارات أخرى في اجتماع عقد مؤخرا، لتوفير دعم علمي في 10 ميادين بحثية، بما فيها تعقب الفيروس وانتقاله وطرق التعقب والتغير الجيني وتطوير لقاح يقضي عليه.
وأعلنت اللجنة في بيان اليوم، خطة تجريبية تم تحديثها لتشخيص وعلاج الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد، أنّ الخطة أضافت 3 خصائص وبائية للفيروس مقارنة بالنسخة السابقة، مشيرة إلى أنّ المصدر الرئيسي للعدوى في الوقت الحالي، هم الأشخاص المصابين بالفيروس.