فى بداية النصف الأخير من القرن العشرين رغم تمسك بريطانيا (العظمى آنذاك) بمستعمراتها ومحاولاتها لتثبيت الموالين لها كحكام جدد للمستعمرات المتجهة إلى الاستقلال، كان التاريخ يقول كلمته ويشير إلى بداية أفول الدور الاستعمارى البريطانى بشكله التقليدى، وبداية دور إمبريالى أمريكى وبريطانى جديد لتطويع مصر والشرق الأوسط تكريساً للمصالح الإمبريالية والصهيونية فى الشرق ببتروله وأمواله المتوقعة. فى سنة 1953 كان قيام «حلف بغداد» بين القوى الرجعية فى الشرق الأوسط ودول حلف الأطلسى، وواكب ذلك قيام هيئات الاستراتيجية الأمريكية بقيادة الأخوين الشقيقين جون فوستر دالاس وزير الخارجية وشقيقه آلان دالاس مدير جهاز الاستخبارات CIA بالتعاون مع اليهودى برنارد لويس فى جامعة بريستون بدعوة وإحضار بعض قادة الإخوان والجماعات الإسلامية إلى أمريكا لحضور مؤتمر عن الثقافة الإسلامية، وكان بين المدعوين الكبار المحتفى بهم الشاب سعيد رمضان الذى يشغل كل الوظائف العليا الحساسة فى تنظيم الإخوان المسلمين. بعد قيام مسئولى الخارجية الأمريكية وجهاز الاستخبارات هناك بعقد لقاءات متعددة مع سعيد رمضان وبقية هؤلاء الإسلاميين وتوثيق انتظامهم فى حلف واضح لضمان استمرار دول العالم حديثة الاستقلال تحت السيطرة الأمريكية (الصهيونية) مع التمييز المضمون لإسرائيل تحديداً وباكستان وإيران تحت حكم الشاه. مع وبعد تلك الترتيبات الاستخبارية تم تقديم بعض قادة الإخوان المسلمين إلى الرئيس الأمريكى الجنرال داويت أيزنهاور فى البيت الأبيض فى 23 سبتمبر 1953 فى مقابلة علانية مع الرئيس الأمريكى الجنرال السابق داويت ديفيد أيزنهاور، فيما تم تفسيره بالاعتماد الرسمى لمهامهم.
فى أكتوبر 1954 نجحت ثورة 23 يوليو فى إجبار بريطانيا العظمى، وبناء على أوامر لندن قام رجل الاستخبارات البريطانية فى القاهرة جورج يونج بتكليف جماعة الإخوان المسلمون بمهمة اغتيال جمال عبدالناصر، الذى كانت تراه شيوعى النزعة وفقاً لتصنيف الأجهزة البريطانية والأمريكية له، فور ذلك قام «التنظيم الخاص» للجماعة الإرهابية بإعداد وتنفيذ عملية اغتيال عبدالناصر فى أكتوبر 1954، وفشلت تلك المحاولة. وسط تلك الأحداث قامت وحدة الاستخبارات البريطانية فى القاهرة بإخراج سعيد رمضان من مصر وتهريبه إلى ألمانيا المحتلة ومنها إلى سويسرا.
فى سويسرا وبمعاونة اليهودى ليوبولد فايس (محمد أسد) أسس سعيد رمضان المركز الإسلامى فى جنيف، لاستقبال المسلمين المهاجرين إلى أوروبا وحل قضاياهم، كهدف معلن لإخفاء دوره الحقيقى وهو أن يكون نواة لتدوير الأنشطة الدولية للجماعة الإرهابية. والمركز الإسلامى الأول فى جنيف ليس إلا «تكية» لقادة الإخوان فى أوروبا، وبالتحديد لسعيد رمضان وجماعته وأسرته، الذى اختلف مع سيف الإسلام حسن البنا وكثير من قادة الإخوان حول الأموال المودعة لحساب المركز وطبيعة التصرف فيها. بعد وفاة سعيد رمضان فى يوليو 1995، كشف مقال كتبه إيان جونسون فى صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الإخوان المسلمين يعملون بقوة مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية، التى تقوم بتغطية تنقلات وأعمال سعيد رمضان بجوازات سفر دبلوماسية منسوبة لعدة دول. وما زال المركز الإسلامى فى جنيف يقوم بمهامه تحت قيادة الإخوانى هانى سعيد رمضان بحكم الوراثة.. وراثة المال والخيانة وقيادة تنفيذ الأعمال القذرة.