تغليظ عقوبة الامتناع عن أداء النفقة.. هل يحل مشاكل الأحوال الشخصية؟
مطلقات يروين معاناتهن مع النفقة.. وبرلماني: الحل في "الشرطة الأسرية"
مجلس النواب
في ظل تكرار مشاكل الامتناع عن أداء النفقة الزوجية، أجرى مجلس النواب تعديل على المادة 293 من قانون العقوبات، لتغليظ العقوبة إلى الحبس مدة لا تزيد عن سنة وغرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه، وتعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات العامة، وأقرها 20 أكتوبر الماضي في جلسته العامة.
وصادق الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، على القانون رقم 6 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، والذي استهدف تغليظ عقوبة الامتناع عن دفع النفقة، في حال رفع دعوى ثانية عن الجريمة نفسها.
تغليظ العقوبة للحبس بدلاً من الغرامة فقط، نال ترحيب من قِبل نواب بالبرلمان، واعتبروه إجراء سيساهم في حل المشاكل المادية التي عادة ما يعاني منها الطرف الحاضن بسبب امتناع الزوج عن دفع النفقات.
معاناة المطلقات في الحصول على النفقة: ثغرات قانونية ومكايدة
معاناة كبيرة تواجه بعض المطلقات، بعد حصولهن على حكم نهائي بالنفقات، يسعين من خلاله على الانفاق على أطفالهن، إلا أن هذا الحكم يواجه مشاكل في تنفيذه نتيجة ثغرات قانونية يستغلها البعض للمكايدة.
"دعاء" إحدى المتضررات من مشكلة النفقات، تقول لـ"الوطن"، إنها على الرغم من حصولها على حكم بالنفقة، وبعد التحريات، إلا إنها تواجه صعوبة في صرفها حتى الآن من بنك ناصر، مؤكدة أن البنك لا يريد تنفيذ الحكم بحجة أنهم يريدون عنوان ثابت للزوج.
حالة خديجة تتشابه مع دعاء، فلم تكن تتوقع أنها بعد حصولها على حكم بالنفقة أنها ستظل تعاني من إجراءات تنفيذه، نتيجة تهرب طليقها من الدفع والإنفاق على أولاده.
وتقول خديجة لـ"الوطن"، إنها تعاني نفس المعاناة قبل صدور حكم النفقة، "وكأن الحكم لم يكن، لم أستطيع التنفيذ حتى الآن، وعندما أتوجه لقسم الشرطة لتنفيذ الحكم يتحرك الذين ينفذون الأحكام لكن بلا جدوى، نتيجة استخدم طليقي حيل في التهرب".
"هناء"، سيدة مطلقة منذ 7 سنوات بعد 28 عاما من الزواج، ولديها 4 أولاد، منهم اثنين متزوجين، تقول لـ"الوطن": "طليقى طردني وأولادي خارج المنزل، وآخذ 100 جنيه نفقه مسكن، و150 جنيه نفقة للولدين، وهذا مبلغ لا يكفي". مؤكدة أن طليقها دخله كبير "مقارنة بالمبلغ الذي يدفعه".
ووصل عدد أطفال الشقاق نحو 15 مليون طفل تقريباً، مشتتين بين أسر مفككة تعاني خلافات زوجية مزمنة استعصى أغلبها على الحل، حسب إحصائيات صادرة عام 2018 عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
برلمانية: تغليظ العقوبة خطوة جيدة تساهم في حل المشاكل المادية للمطلقة
ومن جانبها، تقول النائبة هالة أبوالسعد، عضو مجلس النواب، لـ"الوطن"، إن تغليظ عقوبة الامتناع عن تنفيذ أحكام النفقة النهائية، التي تعاني منها المطلقة، لكنها لن تحل أزمة الأحوال الشخصية.
وترى أبوالسعد، أن النفقات جزء من مشاكل الأحوال الشخصية التي لابد لها من حلول عاجلة لوقف تشتت الآسر في ساحات المحاكم، وتغليظ العقوبة خطوة جيدة وربطها بالخدمات العامة يدفع الزوج إلى دفع النفقات المستحقة عليه.
ووأوضحت النائبة البرلمانية أن قانون الأحوال الشخصية يحتاج إلى تعديل شامل لمسائل النفقة والرؤية والحضانة والاستضافة وغيرها، لعمل استقرار اجتماعي، ووقف الصراعات الكيدية التي يمارسها البعض نتيجة استغلال الثغرات في القانون، المتسبب في زيادة حالات الطلاق في المجتمع.
وبلغت نسبة الطلاق فى مصر نحو 24% من إجمالي حالات الزواج، بينما توجد أكثر من مليون قضية أحوال شخصية معروضة أمام المحاكم، بمعدل يبلغ أكثر من 1500 قضية كل يوم، وفق إحصائيات صادرة عام 2018 عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية.
وتوضح أبوالسعد، أن البعض يدفع للمحامين مبالغ كبيرة تفوق المبلغ المقرر عليه دفعه كنفقات، بهدف المكايدة فقط للطرف الآخر، ما يتسبب في مآساة للطرف الحاضن والأطفال وتغليظ العقوبة يعالج هذه المشكلة.
النائب محمد فؤاد: الحل في استحداث "شرطة أسرية" للتحري عن دخل الزوج
بدوره، يرى النائب محمد فؤاد عضو مجلس النواب، إن الامتناع عن النفقات هو أمر مُجرم أصلاً في حكم المادة 76 في قانون تنظيم إجراءات التقاضي، والمعدل بقانون 91 لسنة 2000، ومن ثم فإن تعديلات المادة 293 من قانون العقوبات قد تكون أقل استخداماً لأنها موجودة في قانون عام، والمعروف أن الخاص يقيد العام.
ويضيف فؤاد لـ"الوطن"، أنه يجب أن ينظر للأسرة نظرة شاملة، وعدم اختزال قضايا الأحوال الشخصية في النفقات فقط، "نحتاج النظر بشكل عادل لقوانين الأحوال الشخصية وتعديلها لحل مشاكل الرؤية والحضانة والاستضافة وغيرها"، مشيراً إلى أن تغليظ عقوبة الامتناع عن دفع النفقة في قانون العقوبات ستواجه مشاكل في التطبيق، وخاصة في ربط حكم الامتناع عن أداء النفقات بالخدمات.
وتنظم مسائل اﻷحوال الشخصية في مصر حاليا 4 قوانين، هي القانون 25 لسنة 1920 وتعديلاته، و25 لسنة 1929 وتعديلاته، وقانون رقم 1 لسنة 2000، الخاص بإجراءات التقاضي، وقانون 10 لسنة 2014، والخاص بإنشاء محاكم الأسرة، وتنظم تلك القوانين مسائل الزواج والطلاق والخلع والنفقة والحضانة والإرث والوصية للمسلمين.
ويقترح النائب البرلماني حل لمشكلة النفقات بأن تكون من خلال قانون الأحوال الشخصية وربط الإنفاق بالاستضافة لمنع تهرب البعض من المسؤولية، بجانب استحداث شرطة أسرية للتحري عن دخل الزوج، وتنفيذ أحكام التمكين والنفقة.
ويشير إلى ضرورة أن هناك من يكون دخله 20 ألف جنيه، ولا يدفع أكثر من 300 جنيه نفقات، وذلك يحتاج إلى إعادة تقدير للنفقات وتحديد نسب واضحة من الدخل، فضلاً عن تعديل اللائحة التنفيذية لبنك ناصر لتسهيل الإجراءات على المواطنين.