"الجودو": الرياضة القتالية المتوفرة للمكفوفين.. ولاعبوها يحلمون بـ"الدفاع عن أنفسهم"
منتخب الجودو للمكفوفين
«الجودو» هى إحدى رياضات الفنون القتالية، ولكنها اللعبة الوحيدة القتالية المتوافرة للمكفوفين داخل مصر، الذين يلجأون إلى تعلمها من أجل الدفاع عن أنفسهم، رافضين فكرة الضعف وقلة الحيلة تجاه من يعتدى عليهم، هى لعبة رياضية ظهرت حديثاً للمكفوفين بمصر منذ ما يقرب من 4 سنوات، على الرغم من صعوبة الأمل لحداثتها لدينا على عكس بقية دول العالم، إلا أن المدربين واللاعبين بتلك اللعبة يأملون التأهل والمشاركة فى دورة الألعاب البارالمبية القادمة بطوكيو 2020.
"على": بتدرب مع نفسى فى "الجيم" لأنى من أسوان ومش هقدر أروح القاهرة 3 مرات فى الأسبوع
تعرض لحادث أليم أدى لفقدان بصره فى عام 2014، وبعد تلك الإصابة أراد على إبراهيم، 32 عاماً، من مركز إدفو بمحافظة أسوان، أن يدافع عن نفسه بتعلم تلك اللعبة القتالية. يعمل «على» مدرس كومبيوتر، ويلعب الجودو منذ ما يُقرب من عامين، وحصل على المركز الثانى على مستوى الجمهورية فى التصفيات المؤهلة لبطولة أوزبكستان العام الماضى، وفقاً لحديثه، موضحاً أنه فى عام 2018 كان يلعب باسم نادى النقل العام الموجود بالقاهرة، وكان مُقيماً وقتها بالعاصمة، ولكن بسبب ظروف أسرية ترك القاهرة وعاد إلى أسوان مرة أخرى فى 2019، مضيفاً: «بقيت بتدرب مع نفسى عشان أحافظ على لياقتى، وفى الوقت الحالى لأنى أنا قاعد فى أسوان مش بتدرب غير فى جيم، لأن مفيش أى أماكن هنا بتدرب الجودو، وكمان المسافة بينى وبين القاهرة كبيرة مش هقدر أروح 3 مرات فى الأسبوع».
ثلاثة لاعبين مكفوفين يلعبون الجودو فى أسوان، ويأملون فى إيجاد مدرب مؤهل لتدريبهم داخل أسوان لاستحالة السفر إلى القاهرة ثلاث مرات أسبوعياً، وألا يقتصر التدريب على الموجودين بالقاهرة فقط، حسبما أوضح «على»، ويؤكد «على» أن الزى المُخصص للعب الجودو لا يُباع سوى ببعض المناطق فى القاهرة فقط، وسعر غير الأصلية يبدأ من 700 جنيه، متابعاً بنبرة حزينة: «ممكن تكون غالية على لاعيبة كتير، وحتى لا يستخدم أحد بدلة زميله»، موضحاً أنه يأمل أن يصبح مؤهلاً فى لعبة الجودو حتى يُمكنه أن يُعلم كافة الشباب المكفوفين الموجودين داخل أسوان، ويستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم.
من أسوان إلى الإسكندرية، كان محمد كرم، 22 عاماً، يلعب ضمن فريق الكاراتيه منذ 15 عاماً، ومنذ حوالى 8 أشهر اتجه للعب الجودو، حيث يتدرب خلال الفترة الحالية بنادى الاتحاد السكندرى، شارك «كرم» فى التصفيات المؤهلة لبطولة أوزبكستان للجودو وحصل على المركز الأول بمصر، وبعدها سافر من أجل لعب تلك البطولة فى عام 2019، ويُجهز حالياً لبطولة الجودو فى شهر أبريل، قائلاً: «بحب الألعاب اللى فيها التحامات وطول عمرى كنت بلعب كاراتيه، واخترت الجودو لأنها كانت الأقرب للكاراتيه، وبتدرب 4 مرات فى الأسبوع، عشان بأهل نفسى للبطولة اللى جاية المؤهلة لدورة الألعاب البارالمبية».
"كرم": بدلة الجودو من 3 إلى 5 آلاف جنيه والمدير الفنى للمنتخب: اللعبة تحتاج لمُدربين مؤهلين
خارج مصر، هناك اهتمام كبير باللاعبين المكفوفين، ولعبة الجودو هناك شهيرة منذ سنوات طويلة، على عكس مصر التى ظهرت منذ سنوات قليلة، وفقاً لحديثه، موضحاً أن المشكلة التى كان يُواجهها هى الذهاب لتدريبات فى القاهرة ولكنه تم حلها وأصبح يمارس تدريباته فى الإسكندرية من أجل تحقيق حلمه بالصعود إلى دورة الألعاب البارالمبية وتحقيق ميدالية، متابعاً: «بدلة الجودو اللى بيتلعب بيها البطولات سعرها ما بين 3 إلى 5 آلاف جنيه، وإن الاتحاد يدينا البدلة وقت البطولة وياخدها مننا تانى بعد البطولة دى حاجة بتضايقنا جداً»، مشيراً إلى أنه يطالب من الاتحاد المسئول عن المكفوفين بتوفير زى لكافة اللاعبين المشاركين فى البطولات عليه اسم وعلم مصر دون استعادته مرة أخرى.
من أجل حصرها على تعلم لعبة رياضية تدافع بها عن نفسها، ولأنها اللعبة القتالية الوحيدة المتوافرة للمكفوفين، اختارت آيات خميس، 28 عاماً، من الإسكندرية أن تُمارس رياضة الجودو منذ حوالى 4 أشهر، تتدرب «آيات» مرتين فى الأسبوع بنادى المستقبل، وترى أن تلك اللعبة تحتاج إلى دعم ورعاة، وأن البلاد فى الخارج تعطى اهتماماً أكثر برياضات المكفوفين، قائلة: «مفيش إمكانيات خالص، زى بساط صالة اللعب، وبدلة الجودو، مش بتكلم على دعم مادى ليا أنا، أنا بتكلم دعم للعبة بشكل عام ودى اللى هتأهل اللاعب كويس أنه ياخد فلوس بعد كدة»، مؤكدة أنه لا بد من إقامة مباريات ودية قبل السفر من أجل الجاهزية للمنافسات الخارجية، وأنها تحلم أن تصل لدورة الألعاب البارالمبية وتحقيق ميدالية هناك.
من جانبه، أوضح مصطفى إبراهيم، المدير الفنى للمنتخب، أن رياضة الجودو للمكفوفين بدأت داخل مصر فى عام 2016، وأن لديه 7 أوزان رجال، و6 أوزان نساء، وأن ذلك هو الحد الأقصى المسموح به أن يشارك به فى أية بطولة، وأنه من الممكن أن يتم تنظيم معسكر بعدد أكبر، لكن لا بد أن يشارك بذلك العدد، مضيفاً أنه يدخل مع اللاعبين فى المعسكر قبل البطولات بحوالى شهرين، لكن إذا كانت النفقات كبيرة يتم تقليل عدد أيام المعسكر مع زيادة فترات التدريبات، وأن اللعبة تحتاج إلى قاعدة فى مصر لأنها جديدة، وعلى سبيل المثال فهى تحتاج إلى مُدربين مؤهلين يستطيعون التعامل مع المكفوفين، قائلاً: «لأنها محتاجة طريقة تعليم وتوصيل معلومة وصبر كبير، وحصل أن كذا مدرب مكنش عارف يتعامل معاهم، وبالتالى بدأوا ينفرون منهم، علشان حساسين جداً».
لدى «إبراهيم» ما يقرب من 25 لاعب جودو مُسجلين بالاتحاد المصرى لرياضات المكفوفين، ويتعامل معهم فى المنتخب، وأنهم يستعدون حالياً للبطولة القادمة فى إنجلترا والمُهددة بالإلغاء نتيجة انتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى بطولة أخرى فى أذربيجان فى شهر مايو المقبل، وفقاً لحديثه، مؤكداً أنه ساعد فى تخصيص مراكز تدريب الجودو للمكفوفين فى الإسكندرية وبورسعيد إلى جانب القاهرة، وأن طموحه أن يرتفع أعداد ومستوى اللاعبين، إلى جانب انتشار الرياضة فى مختلف أنحاء الجمهورية عن طريق اهتمام الأندية بألعاب المكفوفين، مضيفاً: «الاتحاد بيعمل اللى عليه وزيادة، بس فى مشكلة فى الدعم لأن الفلوس اللى جاية للاتحاد قليلة جداً، ولو فى رعاة هتوفر مكان للتدريب مناسب، ومعسكرات للتدريب، وبدلات للاعبين»، مختتماً حديثه بأن 3 دول هى مصر والجزائر وجنوب أفريقيا فقط من القارة الأفريقية التى لديها لعبة الجودو للمكفوفين، وبالتالى لم ولن تُقام بطولة أفريقية لعدد أقل من 5 دول، وأنه يضطرون للمشاركة فى بطولات العالم ولكن الفارق فى الخبرات كبير للغاية.