عسكريا: الدول المتحاربة تُعيد حساباتها والتفاوض يفرض نفسه على الجميع
القوات البريطانية تتراجع فى الشرق الأوسط بعد تفشى «كورونا»
قبل أيام أعلن الجيش الوطنى الليبى استعداده لوقف القتال لأغراض إنسانية تتمثل فى محاربة فيروس كورونا المستجد، فى وقت تشهد فيه الجبهة السورية هدوءًا نسبياً، بينما تتحرك دول أخرى لتخفيض قواتها العسكرية، ما يثير تساؤلات بشأن تأثير الوباء على المشهد العسكرى ووجهة الصراعات سواء على المستوى الإقليمى أو على المستوى الدولى.
هدوء على جبهتى سوريا وليبيا
وقال بهاء محمود، الباحث فى العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «كورونا» سيكون له أثر كبير فى العلاقات الدولية والمجالات العسكرية خاصة، مشيراً إلى سحب بريطانيا قواتها العاملة ضمن بعثة تدريب فى العراق، مؤخراً، على خلفية انتشار الوباء.
تراجع بريطانى ألمانى عسكرى فى الشرق الأوسط بعد انتشار الوباء
وأكد الخبير فى العلاقات الدولية أنه حال خروج الوباء عن السيطرة ستقف الدول الكبرى أمام معادلة صعبة، إما سحب قواتها من المنطقة التى تتمركز فيها أو المغامرة بها فى مقابل الحفاظ على مصالحها، لافتاً إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية وإيران فى الأراضى العراقية التى تعتبر بمثابة مسرح كبير للأحداث. ولفت «محمود» إلى أن هناك توقعات بأن تتخذ إيران وأمريكا إجراءات بشأن قواتهما فى العراق، فإيران من أكثر الدول الموبوءة بالفيروس وتسعى لمواجهته داخلياً، فمن الغباء الاستراتيجى أن تعزز قواتها خارجياً، مضيفاً: «فضلاً عن الولايات المتحدة التى تمتلك نفس الأزمة المزدوجة، فهى تملك قواعد عسكرية مهددة فى العديد من الدول الموبوءة».
أما بالنسبة للدول التى لا تعد أطرافاً بارزة فى المنطقة فقد علقت نشاطاتها العسكرية لفترة، مثل ألمانيا، التى تتبنى مهام تدريب الجيش العراقى تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة، إضافة إلى مهامها فى أفغانستان والعراق والسودان حتى تحسن الوضع. ومن ناحية أخرى، قال الباحث إن «الأوبئة من الممكن أن تكون فرصة ذهبية لتعزيز العلاقات بين الدول»، لافتاً إلى دعم الصين لعدة دول أفريقية من إرسال المعدات العسكرية والمستلزمات المطلوبة لمكافحة الأوبئة، وهذا يعد أبرز مثال على وجود فرصة لترسيخ العلاقات فى منطقة الشرق الأوسط.
وقال الدكتور محمد صادق، مدير المركز العربى للدراسات السياسية، إن الأوبئة على مدار العصور تختلف عن الوباء الذى نعيشه اليوم، فالبشرية ربما لم تشهد هذا النوع من الوباء على مدار التاريخ الحديث منذ الحرب العالمية الثانية، لافتاً إلى ما تسبب فيه «كورونا» من قطع كل السبل فيما يتعلق بالتبادل التجارى بين الدول ووقف رحلات الطيران، لكنه أكد أنه بمجرد انحسار الفيروس سيعود كل شىء إلى مجراه. ويتوقع «صادق» فيما يتعلق بتأثير الوباء على الأنشطة العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط أنه سيكون هناك تصاعد لخلافات أكبر ما بين الولايات المتحدة والصين بشأن الاتهامات المتبادلة بينهما بسبب «كورونا»، ويرى «صادق» أنه حتى لو كانت لكل دولة من هذه الدول استراتيجيتها العسكرية فيما يتعلق بمسألة التعاون، فإن الفيروس يتطلب التشاور العلمى والتفاعل العالمى بين الدول.
وقال مسئول سورى، لـ«الوطن»، إن هناك حالة هدوء على الجبهة السورية، خصوصا مع المخاوف من فيروس كورونا، وأكد أن هذا لن يوقف التصدى لأى تجاوز من العناصر الإرهابية فى مدينة «إدلب» شمال سوريا، خصوصاً أن هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار. ولفت المسئول السورى إلى أن الملاحظ خلال الأيام الماضية أن تركيا تسعى للحفاظ على وقف إطلاق النار فى ظل انشغالها بتفاقم وباء كورونا داخلياً.
وفى المقابل، يرى كثيرون أن وباء «كورونا»، وإن كان لم يصل بعد إلى سوريا وليبيا واليمن بنفس طاقته المدمرة فى الصين ومناطق أخرى، إلا أنه إذا وصل هناك فإنه سينال من إرادة الأطراف المتحاربة وقدرتهم على القتال فى الأشهر المقبلة وفق روبرت مالى، رئيس مجموعة الأزمات الدولية ومقرها «واشنطن».