أثاث منازل متناثر في شوارع ذات يوم امتلأت بالحياة، لتصبح اليوم عنوانا لليأس، أهالي المدينة ارتسم على وجوهم الحزن والألم بعدما فقدوا كل شيء، وأصبحت الطرق طمي ممتزج بتراب والبيوت ممتلأة بالمياه، مأساة حقيقية عكست الوضع الذي يعيشه حاليا سكان مدينة أبو رديس بجنوب سيناء.
منذ يوم 12 مارس الماضي، انطلقت تحذيرات كثيفة من هيئة الأرصاد إعلانا عن موجة من السيول والطقس السيئ بجميع أنحاء مصر، ولكن وجود سد قبل مدينة أبو رديس لم يكن فقط خط الأمان من المياة وإنما هو أيضا حارس البيوت البسيطة والتي يتكون معظمها من دورين فقط، ولكن انقلب الحارس ليصبح هو الجلاد بعدما تسببت الأمطار في كسره وانطلقت إلى المدينة لتغرقها.
"الساعة 11 بليل يوم الجمعة 13 مارس، السيل دخل على المدينة وغرق عماير منطقة الوحدة 280، وكسر الرصيف العمومي وغرق البيوت"، وفقا لقول حسين سليمان معمر والذي يعمل سائقا بالمدينة.
روى السائق الثلاثيني لـ"الوطن"، أن الكهرباء ليست منتظمة على الإطلاق "بتيجي وبتفصل"، كما أن المياه ظلت مقطوعة لمدة أسبوع كامل وحتى الآن تأتي على فترات متقطعة (4 ساعات كل كام يوم)، والمشكلة الأكبر أن الأثاثات والأجهزة الكهربائية البيوت تدمرت كليا بعد غرقها بمياه السيول، بالإضافة إلى تسرب مياة الصرف الصحي إلى الشقق بعد انسداد البالوعات بسبب صخور السد.
"كل حاجة اتدمرت أدام عينينا وتحويشة عمرنا ضاعت"، كلمات عبرت بها هبة الضبع إحدى سكان المدينة المتضررة عن ألمها وحزنها وحسرتها لما حدث، إذ تسببت السيول في تلف الأجهزة الكهربائية بمنزلها حالها كحال أهالي المنطقة، ولم يعد البيت صالحا للمعيشة إذ تلفت الملابس تماما والتي كانت موضوعة داخل دواليب على نحو يعكس حجم الكارثة التي يعيشوها.
تحول الطمي الناتج عن تسرب السيول إلى المدينة إلى بودرة، ما أدى لتفاقم الوضع خاصة مع امتلاء الهواء بالتراب ما سبب مشكلة جديدة لكبار السن والمرضى، والطريق الجديد مقطوع بعد تسرب مياة السد إليه وتلفه، ولم يعد هناك وسيلة لشراء المياة سوى السوبر ماركت والتي أصبحت في حكم المستحيل بعد تلف أغلبية المحال.
"المطاعم قفلت والسوبر ماركت الوحيد اللي موجود مش شغال بقوته"، كلمات وصف بها يحيى جمال حجم المأساة التي يعيشها مع سكان مدينته، فهناك ثلاثة أفران عيش سياحي فقط تمد المنطقة باحتالجها، ولكن بعد الضرر العنيف من السيول لم يعد هناك سوى فرن واحد يقدم المخبوزات والعيش الفينو "حتى العيش العادي مش لاقينه".
وحكى "يحيى" البالغ من العمر 35 عاما، أن الخضروات تأثرت كثيرا بالسيول وظلت المدينة أكثر من أسبوع دون إمدادات قبل أن يتحسن الوضع تدريجيا، المجمدات مثل الخضروات والدجاج واللحوم وما إلى ذلك لم تعد متاحة بعد تلف الثلاجات في البيوت والسوبر ماركت، كما أن السكان الذين كانوا يشترون الأجهزة الكهربائية وعفش أولادهم وتخزين مستلزمات رمضان واجهوا كارثة بعد تسرب المياة إليها وغرق "تحويشة العمر" بالكامل.
"كل اللي طالبينه أن الصرف يشتغل والكهرباء تنتظم والتراب يتشال والمياه تبقى موجودة دايما بدل ما بنشيلها في خزانات"، أمنيات وأحلام بسيطة هي ما يرجوه أهالي تلك المنطقة من أجل التعويض عن الأضرار التي سببتها السيول.
تعليقات الفيسبوك