دراسة جديدة بـ"علوم القاهرة" تتوصل لعلاج فعال للمرض.. "دودة الأرض" تنقذ مرضى هشاشة العظام
الدكتورة سهير رمضان
نجح باحثون بكلية العلوم بجامعة القاهرة فى إثبات قدرة مستخلص من أجزاء من دودة الأرض، الشائع وجودها فى الأراضى الزراعية المصرية، فى علاج مرض هشاشة العظام.
وقالت الدكتورة سهير رمضان، أستاذ الفسيولوجى بقسم علم الحيوان، بعلوم القاهرة، والمشرفة على الدراسة، إن التجربة التى تم إجراؤها ضمن رسالة ماجستير تشرف عليها بالقسم، أثبتت نتائج ممتازة فيما يتعلق بفئران التجارب، وسط خطط لإجرائها على مستويات أكبر، وصولاً إلى تطبيقها فى دراسات عيادية على مرضى من البشر.
وأشارت «رمضان» إلى أن فكرة الدراسة جاءت بعدما قرأت بحثاً لفريق بحثى رومانى يستخدم بعض أجزاء من دودة الأرض لعلاج مرض هشاشة العظام. ويستند هذا البحث على وجود نوعين من الخلايا، إحداهما تؤدى لهذا المرض أو للهشاشة حيث تأكل العظام، واسمها «استيوكلاست» والأخرى تتصارع معها وتعمل من أجل بناء العظام وتسمى «استيوبلاست».
وأوضحت أستاذ الفسيولوجى أنه لو حدث انتعاش أو نشاط كبير جداً للخلية التى تأكل العظام أكثر من الخلية التى تبنى العظام، ففى هذه الحالة تبدأ تأكل العظام حتى تصبح هشة، بحيث إن أى خبطة بسيطة يمكن أن تؤدى لكسرها، وهو ما يعرف بمرض هشاشة العظام، بينما المفروض فى المقابل أن يكون هناك توازن بين هاتين الخليتين اللتين توجدان بشكل طبيعى فى الجسم، حسب تأكيدها.
وكشفت «رمضان» عن أن هناك محفزات لكل نوع من الخلايا على حساب الأخرى، مشيرة إلى أن هناك هرموناً يسمى بـ«الكالستونين»، يعمل مع الكالسيوم على تحفيز الخلايا التى تبنى العظم على النشاط، لتبدأ تُدخل الكالسيوم فى العظم، ليتم بناء العظم بطريقة سليمة وصحية، وهناك هرمون آخر اسمه «بروثرمون» لو نشط أكثر من هرمون الكالستونين، فإنه يؤدى لإخراج الكالسيوم من العظام، ويبدأ يعمل مع الخلايا التى تكسر العظم من أجل كسره. وتلفت أستاذة الفسيولوجى النظر هنا إلى أن مرض هشاشة العظام يزيد معدله مع كبار السن، وكلما كبر السن يزيد المرض، لأن هرمونات الذكورة أو الأنوثة، مثل البروجسترون فى الإناث أو هرمون التيستسترون فى الرجال يقل إفرازها مع تقدم العمر، وهذان الهرومونان هما اللذان يعملان على منع هشاشة العظام، وينشطان الخلية التى تبنى العظم وتزيد كثافته.
جاءت فكرة الدراسة أساساً استناداً لما قام به فريق بحثى رومانى، كان يبحث تأثيراً مستخلصاً من دودة الأرض على الخليتين اللتين تؤدى إحداهما لهشاشة العظام فيما تمنعها الأخرى، ووجد أن هذا المستخلص ينشط الخلايا التى تبنى العظم، ويمنع نشاط الخلايا التى تأكل العظم.
لكن فى الوقت الذى اختبر الفريق الرومانى نتائج دراسته على الخليتين فقط فى أطباق أو بمعنى آخر «خارج الجسم»، فإن الدراسة المصرية ذهبت خطوات أبعد فى تطبيقها على حيوانات التجارب وداخل أجسامها، وهو ما يعد مرحلة متقدمة أكثر فى تأكيد النتائج. وتقول «رمضان»: «لم يكن أمامنا غير العمل بالطريقة الصحيحة، وبدأنا نفكر بطريقة الدراسات قبل العلاجية التى تتم على الحيوانات أولاً، وكانت أول خطوة فى الدراسة هى تطبيقها أولاً على الحيوانات الصغيرة أو الفئران، حيث أحضرنا مجموعة كبيرة من الجرذان، وأحدثنا بها مرض هشاشة العظام، من خلال إزالة المبيض من أنثى الجرذان، وهو الأمر الذى يقلل بدوره من إفراز هرمون الاستروجين، ويؤدى لهشاشة العظام».
وتؤكد أستاذ الفسيولوجى وعضو لجنة أخلاقيات التعامل مع حيوانات التجارب بجامعة القاهرة، أن ذلك كله تم طبقاً للضوابط العالمية والقواعد الأخلاقية للتعامل مع حيوانات التجارب، باستخدام مزيل أو مثبط للألم، ومخدر، وإجراء العملية فى مكان معقم، فضلاً عن استخدام خيوط جراحة حديثة يمتصها الجسم بعد ذلك، لعدم الاضطرار لفكها وإحداث ألم مرة أخرى للفئران.
وقد تم تقسيم الفئران، وفقاً لـ«رمضان»، لمجموعتين، إحداهما تظل مريضة بهشاشة العظام، والمجموعة الأخرى تأخذ العلاج المستخلص من دودة الأرض، وفى نهاية التجربة، بعد 8 أسابيع، تم أخذ الفئران المريضة بهشاشة العظام والفئران التى تم علاجها، ووضعها بعد تخديرها على جهاز يشبه «الإكس راى» اسمه «ديكسا» لقياس كثافة العظام ونسبة المعادن الموجودة بها.
وكانت النتائج التى أظهرها الجهاز، وفقاً لأستاذ الفسيولوجى، بمثابة «مفاجأة سارة للقائمين على الدراسة، حيث أظهر أن عظام الفئران التى كانت مصابة بالهشاشة، تم بناؤها بطريقة ممتازة، وهى النتائج المقرر نشرها قريباً، وبعدها سيتم إجراء الدراسة على مستويات أكبر وصولاً لتطبيقها فى دراسات عيادية على البشر، وهو الأمر الذى، إذا ما تم بالفعل، سيفتح باب الأمل أمام تقديم علاج فعال ورخيص لمرضى هشاشة العظام فى مصر.
اقرأ أيضًا: