مؤجل في عهد كورونا.. "الميرون" سر كنسي صنع 39 مرة خلال 21 قرنا
البابا أثناسيوس الرسولي البطريرك أول من صنعه
البابا إلى جوار مواد صنع الميرون - أرشيفية
قررت كل من الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، تأجيل عمل "الميرون المقدس" الذي كان محددًا له خلال تلك الفترة التي تسبق احتفالات أسبوع الآلام وعيد القيامة المجيد، وهو أحد أسرار الكنيسة السبع، في إطار الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
و"الميرون"، كلمة يونانية معناها دهن أو طيب أو رائحة عطرة، ويعتبره الأرثوذكس سراً ينال به المعمد نعمة الروح القدس ويرشم به أعضاء الجسم 36 رشمة، فيما يتفق الكاثوليك عليه مع الأرثوذكس إلا أنَّهم يعتقدون أن ممارسته تكون في السن بين 7 - 12 سنة، بينما لا يؤمن البروتستانت بهذا السر إلا بعض طوائفها ولا يتم بالزيت بل بوضع اليد.
ويعد "الميرون المقدس"، أحد أسرار الكنيسة السبع الذي يستخدم في تقديس مياه المعمودية، ورشم المعمدين، كما يُدشن به الكنائس والمذبح وأواني المذبح، وكان يستخدم قديما في تكريس الملوك، وسر "الميرون" لا يتكرر في حياة المسيحي إلا مرة واحدة في حياته.
ويصنع "الميرون" بحسب طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من 27 مادة إذ يتكون من (تين الفيل وتلك المادة لا يوجد لها زيت لذلك يتم إحضارها كنبات وطحنه، دار شيشعان، السليخة، قرفة خشبية، لافندر، عرق الطيب، قصب الذريرة، القرفة البيضاء، صندل مقاصيري، صندل أحمر وهو من النباتات الصلبة جدًا والتي يمكن ـن تكسر ريشة ماكينة الطحن، قرنفل، قسط هندي، ورد بلدي، بسباسة، حصا لبان، سنبل الطيب، دارسين، زعفران، صبر قسطري، عود قاقلي، ولادن، صمغ، مر، الميعة السائلة، حبهان، مسك سائل، عنبر، البلسم).
وسبق أن صنع البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، "الميرون المقدس" مرتين في عهده الأولى في أبريل 2014، وقد أدخل طريقة تقنية جديدة في صنعه بعيدًا عن الطريقة التقليدية، وهو ما تسبب وقتها في فتح باب الهجوم عليه.
والطريقة التي اعتمدها البابا والمجمع المقدس في 2014 تقنية تستخدم فيه الزيوت العطرية المستخلصة على أعلى درجات النقاء من المواد السبعة والعشرين التي تستخدم كمواد صلبة في معظمها في صنع الميرون، وذلك بهدف إخراج زيت الميرون خال تمامًا من الماء الذي يفسده، ومنع الهدر في الزيوت العطرية، وإعطاء جودة المزج لأنَّها زيوت تخلط مع زيت الزيتون بدلًا من مسحوق مواد صلبة مع زيت الزيتون، كما أنَّ الطريقة الجديدة تستهدف عدم تعرض الخلط إلى خطر الاحتراق لسبب ضعف التقليب وعدم انتظام سرعته، والاستغناء عن عمليات الطحن والنخل والمواقيد وأجهزة التصفية وعمليات التقليب المرهقة الطويلة، وعمل كميات أكبر لاحتياجات الكنائس في تدشين المذابح والايقونات وأواني الخدمة.
وكان البابا قد أخذ موافقة "المجمع المقدس" على الطريقة الجديدة في اجتماع المجمع المقدس في فبراير 2014.
ويعد "الميرون" المؤجل هو الثالث الذي يتم في عهد البابا تواضروس الثاني منذ جلوسه على الكرسي البابوي في عام 2012، وقد كان البابا أثناسيوس الرسولي البطريرك الـ20 في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هو أول من صنع الميرون.
وبحسب الاعتقاد المسيحي، فإن رسل المسيح احتفظوا بـ"الحنوظ" التي كفن بها المسيح بعد صلبه، وأذابوها مع الطيب الذي أحضرته النسوة في زيت الزيتون الصافي، وصلوا عليه جميعًا وقدموه في علية صهيون بالقدس المحتله، وصيروه دهنًا مقدسًا خاتمًا للمعمودية ورسموا أن يقوموا خلفاؤهم رؤساء الكهنة بإضافة زيت الزيتون والطيب والحنوط لما يبقى من الخميرة حتى لا ينقطع.
وتشير المراجع التاريخية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إلى أنَّه عندما حضر إلى مصر القديس مارمرقس الرسول، مؤسس الكنيسة أحضر معه جانبًا من "الحنوط"، وظل هذا القدر في مصر حتى عهد البابا أثناسيوس الرسولى، الذي أعد ما يلزم من الأطياب ليصنع منها الدهن المقدس، واتفق مع بطاركة كراسي روما وأنطاكية والقسطنطينية، وتمّ تقديس الميرون بالإسكندرية بتلاوة أسفار العهد القديم والجديد والصلاة لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال وأودع البابا اثناسيوس الخميرة المقدسة التي لامست جسد المسيح في القبر، وأرسل إلى البطاركة جزء وافرًا من الميرون ونسخة عمله.
وبحسب البابا تواضروس الثاني، فإنّ الميرون المقدس أحد الطقوس الرئيسية في الكنيسة، ويعادل في أهميته طقس إقامة البطاركة والأساقفة، ولا يتكرر كل عام، وهو عيد التدشين والتكريس، وأنَّ المذكور في التاريخ أنه تم عمله سابقًا 39 مرة، ولكن ربما يكون التاريخ لم يذكر مرات أخرى تم عمله حيث توجد فترة 3 قرون لم يذكر التاريخ عمل "الميرون" فيها.