د. جودة عبدالخالق: الحكومة تعاملت مع الأزمة باحترافية شديدة
وزير التموين الأسبق: الاقتصاد العالمي سيختلف كثيرا بعد "كورونا"
الدكتور جودة عبدالخالق، أستاذ الاقتصاد ووزير التموين الأسبق
قال الدكتور جودة عبدالخالق، أستاذ الاقتصاد ووزير التموين الأسبق، إن الاقتصاد العالمى قبل ظهور وباء كورونا سيختلف كثيراً بعده، لكن من المبكر حصر خسائر العالم اقتصادياً، وكذلك على المستوى المحلى، موضحاً أن كل الأخبار الواردة من الخارج، سواء من منظمة الصحة العالمية أو الدول المتفشى بها الفيروس، تؤكد أننا لم نصل بعد إلى ذروة الوباء فى بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة الاقتصاد الأكبر عالمياً، مشيراً إلى أن الصورة العامة ستتضح غالباً مع نهاية شهر أبريل الجارى أو منتصف مايو المقبل بحسب معظم التوقعات العالمية.. وإلى نص الحوار.
هل سيتأثر الاقتصاد العالمى والمحلى نتيجة تفشى وباء «كورونا»؟
- قطعاً، الاقتصاد العالمى بعد كورونا سيختلف كثيراً، إذ صاحبت الأزمة خسائر كبيرة للبورصات العالمية مع هبوط حاد لأسعار النفط وتراجع فى نشاط التجارة العالمى، ومن المؤكد أننا محلياً سنتأثر كما يتأثر العالم فنحن جزء من التجارة العالمية بكل تأكيد.
من المبكر حصر الخسائر
هل تتوقع حجم الخسائر عالمياً أو محلياً؟
- المؤكد أن هناك خسائر ولكن من المبكر حصر خسائر العالم اقتصادياً، ونفس الأمر ينطبق على الاقتصاد المحلى، ولكن كل الأخبار الواردة من الخارج، سواء من منظمة الصحة العالمية أو الدول المتفشى بها الفيروس، تؤكد أننا لم نصل بعد إلى ذروة الوباء فى بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الاقتصاد الأكبر عالمياً.
الحكومة جنّبت موظفيها الخسائر لكن العمالة فى القطاع الخاص تواجه بمفردها آثار الأزمة
ما تقييمك لأداء الحكومة خلال تلك الأزمة؟
- فى الحقيقة لم أكن متوقعاً هذا الأداء الرائع من جانب الدولة ولم أصدق رد فعل الحكومة المصرية حتى الآن سواء على مستوى الأزمة الصحية أو على مستوى تلافى الآثار السلبية الاقتصادية الناتجة عن الآثار التى سببها انتشار فيروس كورونا عالمياً ثم محلياً، ومن المؤكد أن الحكومة المصرية تصرفت بحكمة واحترافية شديدة لم أكن أتخيلها سواء فى تدرج الإجراءات الاحترازية الصحية أو تدرج التدابير أو حزمة الخطة الشاملة لمواجهة انتشار الفيروس ومن بينها تحفيز عدد من الأنشطة الاقتصادية منها البورصة، خاصة فى ظل توقف عدد من الموارد التى تدر عمولات صعبة للحكومة المصرية، على سبيل المثال توقف الإيرادات السياحية، وبشكل عام أداء الدولة سواء القيادة السياسية أو الحكومة التنفيذية كان رائعاً وعلى قدر الحدث، ولكن الحكومة جنّبت موظفيها الآثار الاقتصادية السلبية والصحية بمنح نصف عدد موظفيها إجازة مدفوعة الأجر، وهنا هؤلاء الموظفون غير مضرورين من البقاء فى المنزل، ولكن العمالة فى القطاع الخاص والعمالة المؤقتة وغير الدائمة وقفت تواجه بمفردها الأزمة سواء الصحية أو الآثار السلبية المتعلقة بها.
بعض المستثمرين يهددون الدولة إما بوقف الحظر أو تخفيض العمالة وهذا وقت لا يصح فيه التخاذل
هل ردود فعل رجال الأعمال لم تعجبك؟
- بالطبع ليس كل رجال الأعمال سواء، فإذا كان رجال الأعمال بعضهم تخلى فهناك من كان له وقفة شجاعة وهنا أخص بالذكر عائلة «العربى» الذى اتخذ قراراً لا أعتبره جريئاً جداً، ولكن فى ظل تخاذل آخرين فهو قرار هائل، بأن منح عمّاله إجازة مدفوعة الأجر لمدة 14 يوماً منعاً للتزاحم ولتخفيف الأعباء عن الدولة فى تنفيذ الإجراءات الاحترازية، وهو نموذج مشرف لرجال الأعمال فى مصر فى وقت تخلى فيه الغالبية، فى مقابل ذلك بعض رجال الأعمال يهددون الدولة إما بوقف الحظر أو تخفيض عدد العمالة، وهذا وقت عصيب لا يصح فيه التراجع أو التخاذل، خاصة أن الجميع فى مركب واحد، إما أن ينجو الجميع وإما أن يغرق الجميع، وأطالب الدولة بوقف جميع المزايا والحوافز التى أمدت بها رجال الأعمال مثل تخفيض أسعار الطاقة وتسهيلات ضريبية، كما أطالب الدولة بإيجاد حل سريع للعمالة المؤقتة وغير الدائمة التى تعانى من الأزمة، حتى تكون هناك عدالة اجتماعية.
وما تعريف العدالة الاجتماعية من وجهة نظرك؟
- عادة ما تُفهَم العدالة الاجتماعية على أنها عدالة توزيع الدخل (وأحياناً الثروة) بين الشرائح أو الطبقات، ولكن المفهوم الصحيح أنها أوسع من ذلك، فهى تشمل عدالة توزيع الدخل والثروة والفُرص بين أعضاء المجتمع.
ما واقع العدالة الاجتماعية فى مصر؟
- فى جملة واحدة: هى فريضة غائبة، فالمسافة بين الواقع والمبتغى كبيرة جداً. يشهد على ذلك أهم مطالب المصريين فى ثورة يناير 2011، كما بلورها شعارها الجامع «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وتؤكده أحكام دستور الثورة الصادر فى يناير 2014 بخصوص العدالة الاجتماعية (فى الفصل الأول من الباب الثانى الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع): «يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى، وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين» (مادة 8). وأيضاً: «تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفُرص بين جميع المواطنين، دون تمييز» (مادة 9). لاحظ هنا تأكيد الدستور «لجميع المصريين» و«بين جميع المصريين»، يعنى المصريين من كل الفئات ومن كل الأجيال وفى كل المناطق.