"سعد حلاوة" أول ضحايا السفارة الإسرائيلية بالقاهرة.. "غير الدم محدش صادق"
"كلام مصر الممنوعة من الكلام، وصحافتها التي لا تصدر، وكتّابها الذين لا يكتبون"، وصف اختاره شاعرنا الراحل نزار قباني، للحديث عن "سعد حلاوة"، أول ضحايا التطبيع السياسي مع العدو الصهيوني وافتتاح سفارة له في القاهرة، خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، بعد توقيع معاهدة السلام.
سعد حلاوة، ربما استمع يوما لكلمات شاعرنا الراحل فؤاد حداد "كون البادئ كون البادئ، كل فروع الحق بنادق، غير الدم محدش صادق"، فاختار أن يكون رفضه للوجود الإسرائيلي في القاهرة، "عمليا"، مخلوطا بدمه. حمل بندقيته، ووجه نيرانها، ونار غضبه، إلى ما اعتبرها ممثلا للسلطة، وجهها لمقر الوحدة المحلية في بلدته الفقيرة، بمحافظة القليوبية، بينما كان الرئيس السادات يستقبل أول سفير إسرائيلي بالقاهرة "إلياهو بن أليسار".
احتجز سعد حلاوة، اثنين من موظفي الوحدة المحلية، تعبيرا عن رفضه لما أقدم عليه السادات، وأبلغ الموظفين بأنه لن يمسسهم بأذى، فانتقلت قوات الأمن إلى قريته "أجهور الكبرى"، بل انتقل وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل إلى القرية نفسها، ليتفاوض مع "حلاوة" بمكبرات الصوت. وحذر سعد، وزير الداخلية من محاولة اقتحام قواته لمقر الوحدة المحلية، مطالبا بطرد السفير الإسرائيلي من مصر، وإغلاق مقر السفارة، متعهدا بأن يسلم الرهائن، ويسلم نفسه بعدها للشرطة.
رفض السادات مطالب الفلاح المصري الغاضب لدماء أبطال سيناء، وطالب وزير داخليته بأن يتعامل معه معاملة المجرمين، فأحضر الوزير والدة سعد، التي بكت بدورها وطالبت نجلها بترك السلاح، إلى جانب صوت خطيب مسجد القرية يفتي بحرمة ما يفعله سعد. وفي الليل، غافله أحد القناصة وهشم جمجمته بدفعة رصاص. مات مرتين، بالرصاص أولا، وبتشويه سمعته مرة أخرى، حيث صنفه أطباء قصر العيني، بعد موته، على أنه "متخلف عقليا". بينما رثاه نزار قباني تحت عنوان "صديقي المجنون سعد حلاوة"، بقوله "مجنون واحد فقط خرج من هذه الأمة العربية، الكبيرة العقل، المتنحسة الجلد، الباردة الدم، العاطلة عن العمل.. فاستحق العلامة الكاملة، في حين أخذنا كلنا صفرا. مجنون واحد تفوق علينا جميعا، واستحق مرتبة الشرف في ممارسة الثورة التطبيقية، في حين بقينا نحن في نطاق التجريد والتنظير.. هذا المجنون العظيم اسمه سعد إدريس حلاوة".
مات الفلاح سعد حلاوة، وبقي علم إسرائيل "مطعونا" في قلب القاهرة لعقود، حتى تمكن فلاح آخر من محافظة الشرقية، هو الشاب أحمد الشحات، من إسقاط العلم الإسرائيلي عن مقر السفارة، منذ عام مضى، ليؤكد أن رغبة سعد حلاوة مستمرة في دماء المصريين، جيلا بعد جيل.
أخبار متعلقة:
عام على إغلاق مقر "الجيزة".. العمارة بلا سفير أو سفارة
محمد صلاح الدين: ساعدنا جنود الأمن المركزي على الهروب من محيط "السفارة".. فضربونا بالخرطوش
فادي الصاوي: الاعتداء على سفارة العدو "تهمة نبيلة وعمل شريف"
رامي محمود.. المحكوم عليه في قضية "السفارة": وكيل النيابة قال لنا "أنتم أبرياء وكبش فداء"
9 سبتمبر.. بدأ بـ"تصحيح المسار" وانتهى بهروب سفير إسرائيل إلى "تل أبيب"