أحبه المصريون وشنق على باب زويلة.. طومان باي آخر حكام المماليك في مصر
السلطان طومان باي
السلطان طومان باي، آخر سلاطين المماليك، تصدى للزحف العثماني على مصر، وهزم أمام العثمانيين بقيادة سليم الأول، في موقعة الريدانية، وأعدم في مثل هذا اليوم، 15 إبريل من عام 1517، وكان ذلك إيذانًا بانتهاء العهد المملوكي، وبداية تبعية مصر للدولة العثمانية، وفي هذه السطور أبرز المعلومات عن طومان باي:
-مولود في حلب فى عام 1474، اشتراه السلطان قانصوه الغوري وقدمه إلى السلطان الأشرف قايتباي، ولهذا يُدعى "طومان باي من قانصوه"، أُعتق وتدرج في المناصب إلى أن تولى منصب نائب السلطان عندما سار عمه السلطان قنصوه الغوري إلى الشام لصد الزحف العثماني بقيادة سليم الأول عام 1516.
-بعد مقتل السلطان الغوري بموقعة مرج دابق، أجمع الأمراء على اختيار طومان باي، سلطاناً لمصر، إلا أنه امتنع عن قبول منصب السلطنة في بداية الأمر بحجة ضعف الموقف العام وتشتت قلوب الأمراء وحصول فتنة من قبل بعض المماليك، لكنه وافق بعد إلحاح وبعد أن أقسم له الأمراء على المصحف بالسمع والطاعة وعدم الخيانة.
-منذ اليوم الأول، لتوليه المنصب اجتهد في معالجة العديد من المشكلات، وخاض مواجهات حادة مع الأعراب الذين حاولوا التمرد ونهب أموال الناس بعد مرج دابق، كما واجه المماليك الجلبان الذين قرروا ذات يوم، النزول إلى خان الخليلى ونهب الحي كاملاً ثم حرقه، لولا التهديد الذي وجهه لهم طومان باى.
-كما اجتهد في رفع المعاناة الاقتصادية عن الناس، فاتخذ قرارات صارمة بفرض تسعيرة جبرية للسلع، وألزم التجار بخفض الأسعار، ورفع العديد من الضرائب عن كاهل الناس.
-مع وصول الأخبار إلى القاهرة بتوجه العثمانيين إلى غزة قاصدين مصر، أعلن طومان باي النفير، ودعا الشعب كله للمشاركة، ويعلق المؤرخ ابن إياس على ذلك قائلا: "استحث بقية الأمراء الذين تباطأوا عن الخروج استعدادًا للسفر إلى غزة بسبب النفقة وعنفهم.
-كانت الهزيمة من نصيب المصريين والمماليك عندما تواجهوا مع عسكر سليم الأول في موقعة "الريدانية"، ودخل العثمانيون القاهرة، واختفى "طومان باي"، وسط الأهالي بحي الصليبة، ثم بدأ المقاومة مع نفر قليل من المماليك، معتمداً على أسلوب حرب العصابات.
-فر إلى الصعيد، واجتمع حوله هناك كثير من الجنود وأبناء الصعيد حتى قويت شوكته، ليلتقي الجيشان قرب الجيزة مجددا، حيث دارت معركة حامية استمرت يومين وانتهت بهزيمة طومان باي وفراره إلى البحيرة ليختبئ هناك.
-لجأ إلى أحد رؤساء الأعراب بالبحيرة، طالبا منه العون والحماية فأحسن استقباله في بادئ الأمر، ثم وشي به إلى السلطان سليم الأول، فسارع بإرسال قوة للقبض عليه.
-سيق طومان باي إلى معسكر السلطان سليم بإمبابة، ودار بينهما حوار أشاد به المؤرخ ابن زنبل، وبرر طومان باي مقاومته وذكر خيانة الأميرين خاير بك وبردي الغزالي، فأعجب السلطان سليم بشجاعته وفروسيته.
-ألح أمراء المماليك في قتل طومان باي، وبحسب المؤرخ ابن زنبل فإن الأميرين خاير بك وبردي الغزالي خشيا على أنفسهما من بقاء طومان باي حيا، فألحا على السلطان سليم بقتله لأن حكم العثمانيين في هذه البلاد سيظل محفوفا بالمخاطر ما عاش طومان باي.
-يوم الاثنين 21 ربيع الأول سنة 923 هـ الموافق 23 أبريل 1517 م أمر السلطان سليم بأن يعبروا بطومان باي إلى القاهرة، "جاء بالبغلة وأركبوه علیها وقیـدوه"، حتى وصلوا إلى باب زويلة، ورأي الحبال فعلم أنه مشنوق فتشهد وقرأ الفاتحة ثلاثا، وطلب من الناس أن يقرأوا له الفاتحة ثلاثا أيضا، وشُنق أمام الناس، وضج الناس عليه بالبكاء والعويل، وبقي مصلوبا ثلاثة أيام ثم أنزل ودفن خلف مدرسة الغوري.
-ويصف المؤرخ ابن إياس مشهد الشنق بقوله: "كان الناس في القاهرة، قد خرجوا ليلقوا نظرة الوداع على سلطان مصر.. وتطلع طومان باي إلى (قبو البوابة) فرأى حبلاً يتدلى، فأدرك أن نهايته قد حانت.. فترجل.. وتقدم نحو الباب بخطى ثابتة.. ثم توقف، وتلفت إلى الناس الذين احتشدوا من حول باب زويلة.. وتطلع إليهم طويلاً.. وطلب من الجميع أن يقرؤوا له الفاتحة ثلاث مرات.. ثم التفت إلى الجلاد، وطلب منه أن يقوم بمهمته. فلما شُنق وطلعت روحه صرخت عليه الناس صرخة عظيمة، وكثر عليه الحزن والأسف فإنه كان شابا حسن الشكل كريم الأخلاق، سنه نحو أربع وأربعون سنة، وكان شجعا بطلا تصدى لقتال ابن عثمان، وفتك في عسكرهم وقتل منهم ما لا يحصى، وكسرهم ثلاث مرات وهو في نفر قليل من عساكره".