ما الذى يدفع أى شخص فى العالم ليتحدث عن قدس أقداس المصريين (سيناء) بسوء ويطرح مشروعاً غير قابل للتنفيذ وهو يعلم أنه غير قابل للتنفيذ وهو يعلم أنه حتى لو يقبل التنفيذ فلن يتبناه أحد ولن يقبله أحد ولن يقوم به أحد وسيُرفض جملة وتفصيلاً؟!
ما الذى يجعل أى شخص فى العالم يطرح فكرة هو يعلم أنه لن يجنى منها إلا ما لا يسره ولا يرضيه ولن يسره ولن يرضيه؟!
ما الذى يجعل أى شخص فى العالم خصوصاً إن كان صاحب حيثية فى المجتمع وخصوصاً إن كانت مصالحه وأعماله أولى بكل دقيقة من وقته وجهده ليطرح على العلن وعلى الملأ الذى يضم خاصة وعامة وهو يعلم أنه سيكون هدفاً لغضب العامة والخاصة على السواء؟!
الأصل فى الاقتراحات والأفكار الجديدة التى تخص الشأن العام أن تطرح للنقاش العام.. والأصل فيما يطرح للنقاش العام هو القابلية للقبول العام أو شبه العام إذ لا يمكن أن يجمع الناس على شىء.. ولا على فكرة.. ولا على أى طرح.
ويكفى أن يقبل الطرح الأغلبية من الناس.. أو يقبله من سيتكفل به ويراهن عليه حتى فى ظل رفض عام أو شبه عام.. فما الذى يدفع أى شخص فى العالم لطرح فكرة ليس عليها رضا عام أو شبه عام ولا هناك -فى بلادنا- من يقبل أن يتكفل به أو يراهن عليه؟!هل هى بالونة اختبار كما قال البعض؟!
ولكن.. أى اختبار هذا الذى يمكن أن يطول قدس الأقداس؟!
أى بالونة وأى اختبار عن أرض كل نبت فيها روى بالدم وليس بغيره؟!
إذن لا بد أن بالأمر أسباباً أخرى خصوصاً أن الأمثلة التى أريد قياس سيناء عليها كلها انفصلت عملياً عن الوطن الأم.. خصوصاً هونج كونج التى حرك الغرب مظاهراتها قبل أزمة كورونا ليس كورقة ضغط ضد الصين وإنما للانفصال فعلياً عنها ولم تزل المعركة بشأنها مستمرة!
ولأننا لا نستطيع اختراق الأنفس ولا التسلل إلى الضمائر ولا التنصت على «اتصال» هنا ولا «اجتماع» هناك.. لذا ليس أمامنا إلا طرح الأمر -كأمور كثيرة غامضة- للتحليل و«الفحص» الأمنى والاستراتيجى والسياسى.
فالجو العام المحيط بالموضوع يقول إن مصر ككل بلدان العالم تعانى من اختبار كورونا الصعب لكن مصر وحدها التى تشهد حملة إعلامية عاتية ضدها مستمرة منذ سنوات لكن لم تتوقف فى ظل كورونا.. صحيح الصين تواجه حملة إعلامية أيضاً لا نعرف إلى أين ستنتهى.. لكنها تتوقف عند حدود التلاسن والردح السياسى وتلقيح الجتت.. خصوصاً من «ترامب».. لكن مصر وحدها من تتعرض لحمله مسعورة لسعرانين، منصاتهم فى أكثر من عاصمة مشفوعة بأعمال إرهابية على الأرض بعضها فى سيناء وبعضها فى الأميرية وحلوان؛ أى فى قلب العاصمة!
وبخلاف فكرة الاستهداف الدائم وبخلاف فكرة قرب الطرح المذكور باحتفالات تحرير سيناء نفسها وما لذلك من ارتباط بفكرة العكننة العامة وإفساد الاحتفالات أو التشويش عليها.. إلا أن التذكير بأن هذه الأرض لم تعد فى أمان ولم تصبح فى حضن الوطن كاملة شاملة، هدف فى ذاته!
الأخطر أن الخبرة بالمخططات كلها التى نفذت ضد بلادنا وتحولت للأسف إلى واقع على الأرض تم التبشير بها قبلها بسنوات.. وخلال هذه السنوات -ويمكن الرجوع إلى كل مصائب المنطقة- ظلت فيها هذه التبشيرات محلاً للتفكير والجدل والأخذ والعطاء، وهنا.. يجب الوضع فى الاعتبار خصوصية مصر كعقبة تاريخية دائمة فى مواجهة المؤامرات وكصخرة تتحطم عليها كل أوهام الواهمين!
إقامة وطن قومى لليهود.. احتلال العراق.. تقسيم العراق.. تقسيم السودان.. نهب البترول والثروات وأن تذهب من الشرق إلى الغرب بأبخس الأثمان.. الشرق الأوسط والفوضى الخلاقة، كلها نماذج تم التبشير بها قبلها بسنوات طويلة!
المسألة اللافتة للنظر التى وقع فيها حتى أعداء الطرح ورافضوه وهم الأغلبية الكاسحة من شعبنا هى عدم الانتباه إلى أن سيناء قدس أقداسنا.. تشهد بالفعل أكبر عملية تنمية فى تاريخها!
أربعون عاماً بعد السلام مع العدو الإسرائيلى ولم يهتم بها أحد الاهتمام المرجو الذى تستحقه.. ومنح الانطباع أنها لم تزل مهملة وأنها فقط أرض لمعارك مع الإرهاب أمر خبيث.. سيناء.. قدس أقداسنا.. تشهد تنمية غير مسبوقة حُشدت لها طاقات غير طبيعية بدأت بالإرادة الوطنية السياسية التى توفرت أخيراً.. أى بعد ٢٠١٤ بالإضافة إلى التخطيط الجيد مع توفير الإمكانيات.
حتى ينطبق عليها فعلياً إحدى أشهر مقولات الستينات «يد تبنى ويد تحمل السلاح»!
فلم تمنع الحملة ضد الإرهابيين فى سيناء أن تنتهى الدولة من مدينة رفح الجديدة، ولا من وضع مخطط بئر العبد الجديدة، ولا استكمال العمل فى مدينة السلام، ولا فى مشروع الـ١٤ ألف فدان مزارع سمكية ارتفعت لتتخطى حاجز الـ٢٠ ألف فدان!
فضلاً عن أن الحملة ضد المجرمين لم تمنع من استكمال خطة الطرق بمسافات تعدت الـ١٢٠٠ كيلومتر، ولا إنجاز مدينة عملاقة على شاطئ القناة هى «الإسماعيلية الجديدة» وبالقرب منها قرية الأمل وبالقرب منها سحارة سرابيوم لنقل ماء الزراعة لعشرات الألوف من الأفدنة.
إن التذكِرة الدائمة التى تنفع المؤمنين هدف فى ذاته قادر على إحداث الاتزان والتوازن فى مقابل إعلام الشر.. زرع الأمل الطريق لحصد نتائج أحلام كبيرة.. تحولت عند أعداء مصر إلى كوابيس وهم يرون أن سيناء تزرع بالبشر.. لا إرهاب منعنا ولا معاهدات أوقفتنا، ولا أزمات عطلتنا وأخرتنا، ولا التبشير بالشر سيؤخر أو يربك أى مسيرة!
قدس أقداسنا عرفنا قيمته ومكانته وأهميته ومقداره بقياس حجم الغضب الذى جرى من مجرد كلام كتب بحبر مسموم..!