تحدث النهضة فى مختلف دول العالم من فكر أبنائها، ولا تقوم أبدا على نقل تجربة دول أخرى، فالأمر يتعلق بالموارد الداخلية المتاحة.
فتجربة البرازيل تعكس إيمانا كبيرا بقدرة القطاع الزراعى على إحداث النهضة وقدرته على زيادة دخل المواطنين، فأصبحت البرازيل هى الدولة الأكبر عالميا إنتاجا وتصديرا للسكر والبن والدواجن واللحوم والصويا والوقود الحيوى.
هذا النمط اختلف فى الهند، متجها إلى البرمجيات وماكينات الرى ووسائل النقل الخفيف للمركبات ذات العجلتين والعجلات الثلاث (التوك توك). النجاح الكبير فى صيد الأسماك وتصنيعها فى السويد والنرويج وهولندا حمل خبرة متراكمة لأمهر الصيادين، ولدينا العديد من الخبراء الذين عاشوا وعملوا فى مصانع هذه الدول.
وفى مصر التى تمثل الصحارى بها نحو 95% من إجمالى مساحتها فإن البيئة الصحراوية ينبغى أن تقود فكر النهضة، ولأن أراضى الوادى والدلتا استُهلكت تطويرا ومشاريع. النهضة الصحراوية تتم سواء باستخدام رمال الصحارى المصرية فى تصنيع عدسات توليد الكهرباء ومختلف أنواع الزجاج الفاخر والسليكون وأشباه الموصلات، واستغلال تربع هذه الصحارى على قمة المناطق الأكثر سطوعاً للشمس فى العالم فى توليد الكهرباء لنكون مولد الطاقة الأعظم وأكبر مصدريها.
البيئة الصحراوية مليئة بالخيرات من مناجم الفوسفات والذهب والعناصر المشعة والرخام والجرانيت والجير والطفلة لمصانع الأسمنت، والسياحية للسفارى والقنص والمياه الجوفية لزراعة مساحات ليست بالقليلة قدرت على محور التنمية وحده بنحو 1٫7 مليون فدان. تمتلك الصحارى أيضا الأراضى الراسخة لإقامة السكك الحديدية الحديثة فائقة السرعة وتنقل إنتاج الصحراء بسرعة إلى موانينا على المتوسط والأحمر، وربما تنقل أيضا بترول ومنتجات دولة السودان الجنوبى للتصدير بما يؤمّن علاقة وثيقة بيننا وبين دولة حديثة نحتاجها وتحتاجنا. هناك أيضا بحيرة ناصر التى يجب إمدادها بالزريعة والتخلص من التماسيح التى يربيها رجال الأعمال لتصديرها للخارج على حساب أسماك الفقراء.
القطاع الزراعى هو المحور الثانى للتنمية عبر تحديثها لزيادة إنتاجية العامل الزراعى المصرى التى هى الأقل عالميا وعربيا بالتكثيف الزراعى والبحث العلمى لمضاعفة محصول الأراضى الحالية حيث يقل محصول الفول والعدس فى مصر عن نصف المعدلات العالمية. الانتهاء من المشروعات القومية المعطلة مثل مشروع ترعة السلام الذى تجاوز عمره 35 عاما دون انتهاء!، ومشروع توشكى والساحل الشمالى الغربى، وهى مساحات قادرة على إضافة مليونين من الأفدنة تزرع بالتقاوى عالية الإنتاجية لتنتج ضعف غلتها. استغلال أراضى الوادى الجديد بآباره وأراضيه المالحة لزراعتها بحاصلات الوقود الحيوى ذات العائد الهائل تكتمل معه منظومة إنتاج الطاقة لكهرباء من الشمس ووقود سائل من الزراعة لنقفز بدخول المزارعين أضعافا.