خبير سياسات ضريبية: إلغاء نظام الخصم الضريبي يفتح أبواب التلاعب
سليمان: استقرار السياسات عنصر أساسي في القرارات الاستثمارية
حسن سليمان
قال الدكتور حسن سليمان خبير السياسات الضريبية الدولية، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الوطنية، إن إلغاء نظام الخصم الضريبي، وزيادة حد الإعفاء الضريبي وتعديل حد الشرائح الضريبية، يفتح أبواب التلاعب والتحايل، ما يؤثر سلبا على حصيلة الضرائب في نهاية الأمر.
وطالب سليمان في تصريحات لـ"الوطن"، بضرورة الإبقاء على نظام الخصم الضريبي مع توسيع الشرائح الضريبية بزيادة الحد الأعلى لكل شريحة، بما يحقق أهداف العدالة الاجتماعية وتحقيق الاستفادة للأقل دخلا.
وأضاف أن مشروع القانون والمتضمن زيادة حد الإعفاء الضريبي وتعديل الشرائح الضريبية وإلغاء نظام الخصم الضريبي والذي سيناقشه مجلس النواب في جلسته العامة لإقراره يستهدف تخفيف الأعباء على المواطنين من خلال عدة أمور طرحها المشروع المقترح وهي زيادة الشريحة الأولي المعفاة إلى 15 ألف جنيه بدلا من 8 آلاف جنيه، فرض شريحة مخفضة على الوعاء الضريبي حتى 30000 جنيه بسعر 2.5 %، إلغاء نظام الخصم الضريبي، واستحداث شريحة جديدة بسعر 25٪ للأوعية التي تزيد عن 400 ألف جنيه سنويا.
تخفيف الأعباء الضريبية
وأكد سليمان أن الهدف من التعديل هو تخفيف الأعباء الضريبية على الفئات الأقل دخلا، وإعادة توزيع الأعباء الضريبية عن طريق استحداث شريحة جديدة للأعلى دخلا.
ونوه بأن الهدف المعلن في مجمله منطقي، متسائلاً: هل تحقق زيادة الشريحة الأولى المعفاة وفرض شريحة مخفضة على الوعاء حتى 30000 جنيه الوفر الضريبي المطلوب للفئة الأقل دخلا؟ وهل يحقق استحداث شريحة جديدة للدخول الأعلى من 400000 جنيه الحصيلة الضريبية المطلوبة؟
وأوضح سليمان أن زيادة الشريحة الأولى المعفاة وتخفيض سعر الضريبة على الشريحة الثانية يبدو جذابًا من الناحية النظرية، إلا إنه من الناحية العملية لا يحقق استفادة تذكر لأصحاب الشريحة المستهدفة من الوفر الضريبي لأن الخاضع لضريبة المرتبات حاليًا يتمتع بإعفاء 15000 جنيه سنويا (8000 جنيه شريحة معفاة و7000 جنيه إعفاء شخصي)، إضافة إلى إعفاء العلاوات الخاصة وخصم حصة التأمينات الاجتماعية.
وتابع أنه بذلك فإن معظم أصحاب الدخول حتى 30000 جنيه سنويًا ضريبتهم حاليا صفر، ولا يزيد أقصى وفر شهري يتحقق للواقعين تحت هذه الشريحة عن 10 جنيهات شهريا، بينما تستفيد الشرائح الأعلى من زيادة الإعفاء والشريحة المخفضة، وبالتالي فإن تكلفة هذا التعديل والذي قدرته وزارة المالية بـ4 مليارات جنيه لن تستفيد به الفئة المستهدفة أساسا من القانون.
ويرى أن نظام الخصم الضريبي المقترح إلغاؤه يحقق عددا من الأهداف، إذ لا يجب أن يستفيد كافة الممولين بنفس قيمة الإعفاء الضريبي مع اختلاف مستوى أو إجمالي مرتباتهم، لأنه في الغالب لا يشعر أصحاب الشرائح الأولى والثانية بالتغيير الذي يحدث في زيادة حد الإعفاء الضريبي لصغر دخولهم، لذلك يتم منح خصم من الضريبة المستحقة على كل شريحة دخل، وتنخفض هذه النسبة كلما زاد الدخل، بحيث تستفيد الشرائح الضريبية ذات الدخول المنخفضة بخصم ضريبي أكبر من أصحاب الدخول المرتفعة، وبالتالي فإن تكلفة تطبيق هذا النظام البالغة 8 مليارات جنيه كانت تصل إلى الفئة المستهدفة بالفعل وغير ذلك يعد هدرا للحصيلة ضريبية بدون مبرر.
الخصم الضريبي
وأكد سليمان أن أصحاب اقتراح إلغاء نظام الخصم الضريبي استندوا إلى أنه يتضمن بعض التشوه وفق ما يسمى التأثير الحدي للشرائح عندما يمنح أصحاب الشرائح الأعلى خصمًا ضريبيا أقل، وفي حقيقة الأمر أنه عند وضع المشرع لهذا النظام تم حساب مزايا وعيوب النظام جيدا، لأنه من المعروف أنه حتى لو اتفق اثنان في إجمالي الدخل فإن صافي الدخل يختلف بسبب اختلاف العلاوات الخاصة المعفاة أو اختلاف نسب خصم التأمينات الاجتماعية.
وأشار إلى أن العيب الموجود في نظام الخصم الضريبي ليس جديدا، وكأي نظام له مزاياه وعيوبه فإن الضرر الواقع على فئة قليلة نتيجة الشرائح الحدية لا يقارن بالمزايا التي يحققها نظام الخصم الضريبي لخمسة عشر مليون موظف يستفيدون منه بشكل حقق العدالة بشكل كبير ودون إهدار الحصيلة الضريبية، وهو الهدف الأسمى للنظام.
وأكمل سليمان أنه وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي الصادر في ديسمبر 2017، فإن نظام الخصم الضريبي المطبق في مصر يعد خطوة جيدة في تحقيق العدالة الضريبية.
وقال إنه بالنسبة لمقترح استحداث شريحة جديدة بسعر 25% على دخول الأشخاص الطبيعيين فإن هذه الشريحة تطبق على الأفراد عن دخولهم ليس فقط من المرتبات ولكن أيضا من النشاط التجاري والصناعي والنشاط المهني وإيرادات الثروة العقارية، وطبقا لكافة أدبيات الضرائب فإذا كان الحد الأقصى لسعر الضريبة الخاضع له الأفراد 25% طبقا للمقترح يزيد عن سعر الضريبة القطعي الخاضع له الشخص الاعتباري 22.5% فإن أصحاب الدخول المرتفعة من الأفراد يمكنهم إنشاء شركات الشخص الواحد لتقديم الخدمات التي كانوا سيقدمونها كأشخاص طبيعيين.
زيادة الحد الأقصى للضريبة
شدد سليمان على أن الحصيلة الضريبية المستهدفة من زيادة الحد الأقصى للضريبة على الأفراد لن تتحقق، وإنما يساهم في خلق فرص للتحايل من خلال تحويل الأفراد نشاطهم إلى شركات للاستفادة بالفرق بين سعر الضريبة الذي يكون في الدخول الكبيرة فرقا لا يستهان به، وبالتالي لن يتحقق الهدف المرجو من زيادة العبء الضريبي على هذه الشريحة ولا الحصيلة المطلوبة منه، إضافة إلى أن هذا الإجراء سيؤدي لزيادة عدد الشركات دون داعي، مضيفا أنه بالمناسبة فإنه يجب على وزارة المالية الإعلان عن الحصيلة المستهدفة من هذه الزيادة حتي يمكن متابعة مدي تحققها.
وتابع سليمان أنه يضاف إلي ذلك أن تصريحات المسئولين خلال الفترة الماضية كانت تؤكد عدم وجود أي نية لزيادة سعر الضريبة، ونخشى أن يؤدي رفع سعر الضريبة على الأفراد لـ 25% إلي فقدان المصداقية بما يؤثر على المستثمر الذي يعتبر الشفافية واستقرار السياسات الضريبية عنصرا أساسيا في قراراته الاستثمارية.