بالصور | "المسجد العمري" شاهد على تعلم أولياء الله الصالحين بقوص
استخدم المسجد كروابط حربية لوقوعه على ربوات عالية تمثل رادرات طبيعية
يعد المسجد العمري، في مدينة قوص، جنوب قنا، من أهم وأقدم المواقع الدينية في المحافظة، حيث بني عام 374 هجريًا على طراز الجامع الأزهر، وكان صرحًا لتلقي العلوم الدينية والدنياوية وكان شاهدا على مرور كبار علماء الدين من أولياء الله الصالحين، مثل السيد عبدالرحيم القنائي، والعارف الجليل عبدالغفار بن نوح، وقاضي القضاة بن دقيق العيد.
ويعتبر المسجد العمري قيمة دينية وأثرية وتاريخية ومعمارية إسلامية، وهو مقام على مساحة 4000 متر، ويتسع لأكثر من 3 آلاف مصلي، ويعد من أندر المساجد الأثرية المعلقة حيث ترتفع واجهته الأمامية ثلاثة أمتار عن الأرض، بينما يصل ارتفاع خلفيته إلى أربعة أمتار، لذا استخدم المسجد كروابط حربية لوقوعه على ربوات عالية تمثل رادرات طبيعية وأماكن استطلاع واستكشاف بجانب كونه مكاناً للعبادة.
ويوجد بالجامع منبر من أقدم منابر مصر، تم إنشائه 550 هجريًا في عهد الحكم الفاطمي، مبني من الخشب الساج الهندي المزخرف والمحفورة بالكلمات والعبارات الدينية وبه لوحة تذكارية فوق باب المنبر ومكتوبة بالخط الكوفي المزهر وتحتوى على 7 أسطر، ودخلت بالجامع بعض التغييرات والتجديدات في مختلف العصور أفقدته الكثير من معالمه الأصلية، فقد حدث تغيير في عقوده الداخلية في إيواء القبلة أثناء العمارة التي قام بها محمد بك قهوجي كاشف قوص سنة 1233هجرية.
كما يوجد محراب يرجع إلى عصر المماليك واجهته مزخرفة بزخاريف حصوية، وكان يوجد في النهاية البحرية للبائكتين الرابعة والخامسة من إيوان القبلة مقصورة من الخشب المخروط وهي على جانب كبير من الأهمية، وكان الأهالي يسمون هذه المقصورة بضريح ابن حجاج، ولكنها أزيلت بعد عمليات التجديد، ومن الأجزاء الهامة بهذا المسجد هي القبة الموجودة في الركن الشمالي الشرقي، وهي منفصلة عن المسجد وتقوم القبة على أربعة عقود يعلوها في الأركان صفان من المقرنصات مما حول المربع إلي مثمنين أقيمت فوقه القبة.
أما عن نشأة هذه القبة فقد أنشأها مقلد بن علي بن نصر سنة 568 هجرية، عندما جدد باقي المسجد، كما هو مثبت في اللوح الرخامي الذي في نهاية الجدار الشرقي، ومن العمارات الهامة التي أجريت لهذا المسجد تلك العمارة الكبيرة التي أجراها محمد بك قهوجي كاشف في قوص عام 1233 هجرية، وقد أثبتت هذه العمارة في ثلاث لوحات، الأولي في لوح صغير مثبت في صحن المسجد، والثانية في لوح رخامي مؤرخ في سنة 1233 هجرية، مثبت على مدخل المسجد.
ومنذ عام 1970ميلادية أجريت في المسجد عدة إصلاحات بداخلة ثم أزيلت الأعمدة المبنية من الطوب اللبن والتي أصلحها محمد قهوجي وتم بنائها بالأسمنت والحديد المسلح وبهذا فقد المسجد قيمته الاثرية وأصبح مبنيا علي الطراز الحديث إلا أنه بقيت فيه بعض الأعمدة القديمة أمام المحراب المتوسط المملوكي، وانتهت هذه الإصلاحات سنة 1977ميلادية .
ويوجد به منبر خشبي على جانب كبير من الأهمية لأنه من المنابر الأثرية القديمة في مصر، حيث يظهر به جمال التعشيق الذي تميز به العصر الفاطمي، ويشبه هذا محراب السيدة رقية والسيدة نفيسة وكلاهما في المتحف الإسلامي بالقاهرة، أما منبر المسجد العمري لايزال في موضعه في المسجد، وطريقة التعشيق هذه تقوم على تزين السطوح بحشوات صغيرة من الخشب تقطع على هيئة أشكال هندسية منتظمة من مثلثات ومربعات ومخمسات ومسدسات ومثمنات، ثم تثبت بطريقة التعشيق وتجمع معا فوق السطح المراد تزينة، ويوجد بأعلى باب المنبر لوحة خشبية مكتوب فيها بالحفر آية الكرسي.
كرسي المصحف ويوجد بهذا المسجد كرسي للمصحف الشريف وهو من الخشب المصنوع بطريقة الحشوات المجمعة ويحيط بالكرسي من أعلاه شريط من الكتابة بالخط النسخ وبالخشب البارز، وهي كتابة لآية الكرسي ونص خاص بإنشاء هذا الكرسي للمصحف المبارك ومن المرجح أن إنشاء هذا الكرسي والمقصورة التي وضع فيها كان في أوائل القرن الثامن الهجري.
ويقول الدكتور محمود عبدالوهاب، مدير الآثار الإسلامية، إن المسجد من أقدم مساجد مدينة قوص، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الجامع العمري بالفسطاط هو أقدم مساجد مصر.
ويرجع تاريخ المسجد إلى العصر الفاطمي، إلا أن التغييرات والتجديدات التي أدخلت عليه أفقدته الكثير من معالمه الأصلية، فقد تغير كثير من عقوده الداخلة في إيوان القبلة في العمارة التي قام بها محمد بك قهوجي عام 1233 هجرية.
وقال حمدي القوصي، إن هناك علاقة عتيقة بين المسجد، فأغلب علماء أهل قوص تتلمذوا على علماء المسجد العمري، كما أن المسجد لا زال يمثل قبلة المتعلمين، وأهم المزارات الدينية لكثير من المواطنين والشعراء والأدباء والأئمة.