هذه رابع مرة يعتدى فيها التكفيريون على الجيش المصرى فى شهر رمضان المعظم، صدق فيهم وصف النبى صلى الله عليه وسلم: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ» لا بأس لهم إلا على أهل دينهم وملتهم ووطنهم، ليس لهم إنجاز فى الحياة سوى قتل المسلمين.
لم يشاركوا يوماً فى تحرير أرض من محتل، أو دفع عدو يغزو بلادهم أو يحتل أرضهم أو يدنس مقدساتهم، بأسُهم دوماً على المسلمين وأهل وطنهم، لا عقل لهم ولا قلب، ولا ذمة ولا عهد، لا يراعون الحرمات ولا الشهر الفضيل الذى هو شهر ذكر ودعاء وصيام وليس شهر قتل وسفك دماء.
فأول عملياتهم ضد الجيش المصرى كانت فى رمضان فى مذبحة رفح الأولى قتلوا فيها بدم بارد 16 جندياً باغتوهم وهم يفطرون المغرب، لم يراعوا حرمة الشهر ولا الصيام.
* لم يقصدهم وقتها أحد بسوء ولا تعرض لهم أحد من قبل، كانوا يسرحون ويمرحون فى سيناء، يبدأون بالشر والقتل وسفك الدماء دوماً، أجهزوا بعدها على الجرحى فى خسة وندالة، هذه الخسة اكتسبوها من جفوة قلوبهم وغلظة مشاعرهم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَكَنَ البادية جَفا» ففكر التكفير فيه جفاء وغلظة وقسوة وخسة طبع، فضلاً عن غباء العقل.
وها هم يكررون جريمة رفح الأولى مع كمين بئر العبد منذ أيام فيقتلون عشرة من خير أجناد الأرض غيلة وغدراً وهم صائمون ويجرحون آخرين، ويكررون تاريخ أسلافهم فى الغدر والخيانة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فصنيعهم السيئ مع عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب مكتوب بالسواد.
الخوارج لديهم دين يوازى الإسلام الحقيقى، فالإسلام يبشر ويجمع ودينهم ينفر ويغرق، والإسلام يهدى ودينهم يكفر، والإسلام يحيى «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً» ودينهم يميت ويقتل «مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً».
والإسلام يحسن الظن بالناس وهؤلاء يسيئون الظن بالجميع، والإسلام يدعونا لهضم الذات وعدم رؤية النفس وأن تعيش مع «أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ فِى نَفْسِى عَظِيماً وَعِنْدَ اللَّهِ صَغِيراً» وهؤلاء دينهم يدعو لرؤية النفس والاعتداد بها وأنهم فوق الناس وأن الجميع كفار إلا هم.
والإسلام يدعونا للبناء، ودينهم يدعوهم للهدم، والإسلام ينهى عن تكفير الخلائق ويهتم بهدايتهم، ودينهم يدعوهم لتكفير الخلائق وتفسيقهم وتبديعهم، والإسلام يرى فى مجمل الناس الخير والرشاد والصلاح والتدين حتى يثبت العكس، ودينهم يقول لهم «هلك الناس» مع أن الإسلام يقول «مَن قالَ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ».
يتمسكون بالقشور ويهملون لباب الإسلام وجوهره، يتركون مقاصد الشريعة ويتمسكون ببعض الهدى الظاهر.
يعيشون بنظرية أهل العراق الذين جاءوا من العراق ليسألوا ابن عمر عن حكم دم البرغوث فوبخهم بقوله «قتلتم ابن بنت رسول الله -أى الحسين- وتسألون عن دم البرغوث».
دين الخوارج لا يفرق بين الثابت والمتغير من الإسلام، ولا يعرفون أن عليهم أن يثبتوا مع الثابت ويتغيروا مع المتغير، لا يفرقون بين دين الله وتفسير الفقهاء لهذا الدين.
يكرهون العلماء ويقتلونهم، قتلوا الشيخ الذهبى بعد أن أسروه وأهانوه، ود. برهان الدين ربانى غدراً وتفجيراً، والإمام البوطى فى المسجد دون اعتبار لحرمته.
ابتدعوا تفجير المساجد بدءاً من العراق ثم الخليج فالسعودية فمحاولة تفجير المسجد النبوى دون مراعاة لحرمة النبى الكريم، قتلوا فى مسجد الروضة وحده 300 مصلٍّ وتعقبوا الأطفال المصلين.
يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين دون أن يخولهم الله لذلك، الخوارج هم سوءة كل عصر، أساءوا للإسلام أكثر من إساءة خصومه وأعدائه له، لم يفهموا شيئاً عن الجهاد الذى شرعه الله، وأنه جاء لدرء الفتنة ولكنهم جعلوه فى دينهم باباً للفتنة وميداناً للشر وقتل الأنفس بغير حق، وضعوا السيف فى غير موضعه، فقاتلوا فى المكان والزمان الخطأ وبالطريقة الخطأ، لوثوا ثوب الدعوة الإسلامية الأبيض الناصع، قاموا بأبشع جريمة وهى «التنفير عن هذا الدين العظيم».
أيها الخوارج فى كل عصر دعوا الإسلام وشأنه، فهو لا يريدكم ولا يحبكم ألم تسمعوا قول الرسول فيكم «لا يجاوز القرآن حناجرهم» وقوله «يمرُقونَ منَ الإسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ منَ الرَّميَّةِ».