اقتصاديون يختلفون حول مقترح "الحظر الشامل": الخسائر من كل اتجاه
رشاد: التضحية بصحة المواطن من أجل الإنتاج أو العكس في غير محله
رشاد عبده
حديث دائر عن حظر شامل طالبت به نقابة الأطباء الحكومة، بعدما توجه كل من الدكتورة شيرين غالب، نقيب أطباء القاهرة، والدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، بخطاب إلى رئاسة مجلس الوزراء يطالبان فيه بفرض حظر شامل في البلاد بسبب "استهتار المواطنين"، ما يطرح تساؤلات كثيرة حول قدرة الاقتصاد المصري على تحمل مثل هذه القرارات، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر قرار الحظر الشامل عليه.
في البداية، يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إنه لا يمكن النظر إلى هذه الأزمة من زاوية واحدة، فالصحة والاقتصاد يكمل كل منهما الآخر، والحديث عن التضحية بصحة المواطن من أجل الإنتاج أو العكس في غير محله، والأفضل ألا نضحي بهذا ولا ذاك، ونحاول أن نوازن بين الأمرين، فلا نضحي بشيء على حساب الآخر حتى لا نموت من الفيروس وكذلك حتى لا نموت جوعًا.
وأشار إلى أن المطالبة بحظر شامل تأخر جدًا، والحديث عنه جاء بعد فترة كانت مليئة بالمناسبات مثل شم النسيم ورمضان، والذي نتج عنهما زحام قاتل في الكثير من الأماكن، وبالتالي فإن المرض انتقل بالفعل بين المواطنين، وتطبيق الحظر الشامل لن يكون له معنى، على حد قوله.
وأرجع "رشاد" تزايد الإصابات بأعداد كبيرة هذه الأيام إلى فترة شم النسيم، مشيرًا إلى أنه بعد العيد ستزيد الأعداد بشكل منطقي، لأنها ستكون ناتجة عن الفترة التي سمحت بها الحكومة بتمديد وقت الحظر حتى الساعة التاسعة، وهو القرار الخاطئ الذي كان ينبغي ألا يتم اتخاذه، فهم بهذا القرار شجعوا المواطنين على التقارب أكثر وليس التباعد.
ورغم ذلك، كما يرى الخبير الاقتصادي، فإن تعطيل البلد وشل حركتها أمر في غاية الصعوبة، والخسائر الآن خرافية وكبيرة، وبالتالي لا بديل عن التوازن في ظل اتخاذ أعلى درجات الاحتياط الطبي مع تطبيق القانون بكل حزم، معبرًا بقوله: "لو عملنا حظر شامل 15 يوم واحتاجنا زيهم تاني هننتج إيه وهناكل منين في الشهر ده".
وأشار إلى أن نجاح التجربة في دولة مثل الأردن يعود إلى قلة عدد سكانها، وكذلك نجاحها في أوروبا يعود إلى التزام الشعب نفسه، والأمرين غير متوفرين في مصر، على حد قوله.
ويقول الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن خطوة الحظر الشامل "مستحيلة وكارثية" على الاقتصاد المصري، لأن الإغلاق سيؤدي إلى انهيار بعض القطاعات الاقتصادية والإنتاجية، وقد نعانى نقصًا في توافر المنتجات بسبب توقف المصانع، وكذلك لجوء المواطنين إلى ظاهرة التخزين، الأمر الذى من شأنه أن يخلق حالة من الاضطراب بالأسواق، ومن ثم حدوث زيادة طلب وارتفاع نسب التضخم بصورة كبيرة.
وأشار إلى أن الاقتصاد بالفعل تأثر سلبيًا بسب فيروس كورونا، حيث تراجع الاحتياطي النقدي وتداعيات عدة على القطاعات الصناعية.
أما الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، فترى غير ذلك، وتقول إن غياب الوعي لدى المواطنين بحجم الكارثة التي نعيش فيها أخطر من أي شيء، وترى أن قرار الإغلاق الكامل لو تم تطبيقه من بداية الأزمة لما وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، لتضيف قائلة: "أعداد المصابين في زيادة كبيرة، وكل الخيارات ستؤدي إلى خسائر، ومصر مش هتقع من 15 يوم إغلاق كامل، إحنا عايزين نلحق ما تبقى من مصر، لأن المسألة بقت حياة أو موت".
وتتابع "هدى": الدولة لديها الآن مصاريف إنفاق كبيرة في تعقيم المؤسسات والحجر الصحي، وكل هذه الأموال يمكن توفيرها لو تم تطبيق الحظر الشامل، وفيما يخص الطبقات الأكثر فقرًا فلا يمكن أن نلقي بالحمل كله على عاتق الدولة بشأنهم، وإنما على هيئات ومؤسسات المجتمع المدني أن يكون له دور كبير في ذلك وأن تسعى لحماية هذه الطبقات في تلك الفترة.
وقالت: نحن شعب غير ملتزم، وهذا يحتاج إلى إغلاق كامل مع تطبيق حظر تجوال حقيقي بعكس ما نراه الآن، ومن يخالف ذلك يطبق عليه القانون ويدفع الغرامة المالية دون تهاون، وتذهب هذه الغرامة لخزينة الدولة، مضيفة: "إحنا مش هنضحك على نفسنا، المترو زحمة والمواصلات التانية زحمة، وكل دي حاجات هتزود من الكارثة".