أبطال ضد كورونا.. مسعف يستقبل المصابين ويعقم السيارات: مشوفتش ولادي من 49 يوم
هاني: أتولي مسؤولية الاستقبال والإخلاء بعزل بلطيم
هانى سلامة، مشرف اسعاف كفر الشيخ ومسئول استقبال مصابى كورونا بعزل بلطيم
في منتصف مارس الماضي كان مرفق الإسعاف بكفر الشيخ على أهبة الاستعداد لنقل المصابين بالوباء العالمي الجائح فيروس "كورونا المستجد"، عقب قرار وزارة الصحة بتخصيص مستشفي بلطيم المركزي كأول مستشفي للعزل الصحي، حينها أيقن هاني سلامة بسيوني، مشرف قطاع إسعاف "الحامول، بلطيم، وبيلا"، أن مهمة جديدة ستُضاف إلى مهام عمله مشرفاً للقطاع، استعد المشرف نفسياً وهيأ زوجته وأطفاله للبعد عنهم أيام طويلة، وحين أتى تكليفه ليتولى عملية استقبال السيارات المُحملة بالمصابين داخل مستشفى العزل، لم يتردد لحظة في القبول، بل كان ينتظر تلك اللحظة التى سيشارك الأطقم الطبية فيها برسم ملحمة وطنية سيكتبها لهم التاريخ بأحرف من نور.
داخل مستشفى بلطيم المخصص لعزل المصابين بـ"كورونا"، لا ينقطع صوت "سرينة الإسعاف"، طوال الـ24 ساعة، ولا أنين المرضى في لحظات استقبالهم، فيتولى مشرف الإسعاف، تأمين دخول السيارات واستقبال المصابين، وتعقيم السيارات مرة أخرى وسلامة المسعفين الذي يأتون من كل محافظات مصر، فهو من أوائل الناس الذين يقفون في الخطوط الأمامية جنباً لجنب مع الأطقم الطبية، ودعما منها وتقديرا لدورهم ضمن جنود الجيش الأبيض المصري تستعرض "الوطن"، حكايات المسعفين المشاركين فى نقل الحالات المُصابة بهذا الفيروس.
بطل الجيش الأبيض: تأثرت بإصابة طفلين وأخذنا والدتهما المُصابة أثناء نقلهما للمستشفى
12عاماً هم مدة عمل سلامة، البالغ من العمر 36عاماً، داخل مرفق الإسعاف عقب تخرجه في كلية التجارة جامعة طنطا، قابل خلالهم مواقف صعبة كثيرة، لكن التعامل مع مصابي فيروس "كورونا"، كان له وقع على قلبه، حيث يتعامل مع المسنين الذين يملأ أعينهم الخوف لحظات دخولهم المستشفى، والأطفال الذين لا يدركون ما يدور حولهم، "بتعامل من 12 سنة مع حالات صعبة، لكن مصابى الفيروس الغامض شكل تانى، الناس بتيجى مرعوبة وعلينا نهديها، أنا مسؤول عن إدارة الحدث بالمستشفى، بستقبل مصابين داخل سيارات الإسعاف من كل محافظات مصر، بنشوف فى عيونهم الخوف، الناس بتبقى مستغربة، هيبقوا فى عزل إجبارى بعيداً عن ذويهم، ومسؤول عن سلامة أطقم هيئة الإسعاف، من تزويدهم بالمستلزمات والواقيات الشخصية وأدوات التعقيم وكل شيء".
سهولة انتقال العدوى إلى أطقم هيئة الإسعاف، كونهم رفقاء لنقل المرضى سواء بين المستشفيات أو حتى من منازلهم، تجعل "المسعفين"، أكثر حرصاً على اتباع سبل مكافحة العدوى واتخاذ الإجراءات الاحترازية التى أقرتها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، "من وقت ما كلفنى الدكتور أحمد الجنزورى، مدير مرفق إسعاف المحافظة، بإدارة الحدث في بلطيم، وأنا حاسس إني شايل أرواح زمايلي على كفي، مسئول عن إدارة وتشغيل وإستقبال السيارات والحالات المصابة، وسرعة اخلاء السيارات بالتنسيق مع إدارة المستشفى، وتوفير سبل الراحة للمرضى، بالإضافة إلي الإشراف على فريق تعقييم العربيات، والأطقم بعد تسليم الحالات، وإعادة جاهزيتها بكفاءة عالية، لعدم تعرض الزملاء المسعفين للعدوى، ، بنأمن على فريق التعقيم، ونوفر الأدوات والوسائل، وخلال ثلث ساعة بتكون السيارات جاهزة مرة آخرى بعد إخلاء المصابين"، هكذا يكون دور مشرف الإسعاف على مدار الـ24ساعة داخل المستشفى.
ووفقاً للإجراءات الوقائية التى أقرتها الوزارة، فمشرف الإسعاف لا يحتك بأحد طوال فترة بقائه بالمستشفى، ويتخذ كافة الاحتياطات التي تمنع انتشار العدوى، إذ يقضي يومه مع زملائه، منذ 49 يوماً لم ير فيها زوجته ولا أطفاله الـ3، ولا يقطع روتين يومه سوى أوقات الراحة البسيطة في الاطمئنان عليهم بمكالمة هاتفية لا تتعد مدتها الدقائق، يطمئن على أحوالهم ويطلب منهم الدعاء له ولزملائه والمصابين:"بقالى هنا 49 يوم، مشوفتش أطفالي الـ3 عندى توأم يبلغان من العمر 6 أعوام وطفلة عمرها 3 أعوام ونصف، وبرغم اشتياقي لأحضانهم لكن واجبي أهم، البلد في توقيت حرج، لازم نكون أول الناس على خط مواجهة الفيروس اللعين، هما كانوا متعودين على غيابى لكن مش الفترة دى كلها، بس أنا هيأتهم نفسياً قبل دخولى مستشفى العزل الصحي، وبطمئن عليهم بالتليفون".
مشرف الإسعاف: "طفلة منحتني طاقة إيجابية وأتمنى أن يلتزم الشعب حتى ينتهي كورونا"
دورات مكثفة خضع لها مشرف الإسعاف، قبل التحاقه بالمستشفى، وبطبيعة عمله فهو مُدرب على إدارة الأزمة كونه مشرفاً على قطاع يضم 3 مراكز كبرى، ولم يشعر بقلق من مهمته الجديدة وهى استقبال المصابين وتأمين أطقم الإسعاف بشكل يومي لكن لحظات خوف كانت تنتابه حينما يستقبل مُسناً أو طفلاً: "جاهزية الأطقم اللى طالعة تجيب حالات مسئوليتى، لازم آمنها 100% ، لكن أتاثرت بإستقبال مسنين وأطفال، وأكتر موقف لما كانت أم محجوزة وطفليها الاتنثن 3سنوات وسنة ونصف، طلعوا إيجابي ، كنا خايفين نجيب الأطفال من غير أمهم، اضطرينا ناخد الأم معانا علشان الأطفال متتخضش، كان المنظر صعب جداً".
موقف تأثر به مشرف الإسعاف، حينما استقبل طفلة عمرها 4 أعوام مُصابة بالفيروس:"اتأثرت جداً بإصابة طفلة عمرها 4 أعوام، لكن منحتنى طاقة إيجابية، شوفت في عيونها شجاعة غير عادية، رغم أنها نُقلت وحدها في سيارة إسعاف، لذلك يتمنى مشرف الإسعاف أن يلتزم الأهالى بمنع الاختلاط وإجراءات مكافحة العدوى: "نفسي الناس تلتزم علشان نعدى من الأزمة، التزموا بمكافحة العدوى، ارتدوا القفازات والواقيات، الناس تحافظ على النظافة الشخصية، وتعقم الأسطح والأرضيات بكلور مخفف، وتحافظ على مداخل البيوت وعلى التهوية الجيدة ومنع التجمعات".