تبدأ هذه المجموعة من سورة الصافات وهى ليست بين الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن (وهى الثامن والعشرون «المجادلة»، والتاسع والعشرون «الملك»، والثلاثون «النبأ».
وهذه السورة المنفردة هى سورة الصافات فى الجزء الثالث والعشرين، وهى كما نعلم تصف فى مقدمتها الملائكة المنزلة صفاً صفاً إما زاجرات زجراً للكافرين والعاصين، أو تاليات ذكراً للمتقين، إن إلهكم لواحد، وهذا النهج القرآنى لمجموعة السور التى بلغت ٥٦ سورة فى الأجزاء الثلاثة فإذا أضيفت إليها «الصافات» أصبح لدينا ٥٧ سورة بدأت أول آياتها باسم السورة: «الصافات، الذاريات، الطور، النجم، القمر، الرحمن، الواقعة، المجادلة، الطلاق، التحريم، الملك، الحاقة، المعراج، نوح، الجن، المزمل، المدثر، القيامة، الإنسان، المرسلات، النبأ، النازعات، عبس، التكوير، الانفطار، المطففين، الانشقاق، البروج، الطارق، الأعلى، الغاشية، الفجر، البلد، الشمس، الليل، الضحى، الشرح، التين، العلق، القدر، البينة، الزلزلة، العاديات، القارعة، التكاثر، العصر، الهمزة، الفيل، قريش، الماعون، الكوثر، الكافرون، النصر، المسد، الإخلاص، الفلق، الناس».
ونستثنى من هذه السور سورة الماعون، فقد ورد اسمها فى آخر آية، وهى الآية رقم ٧، وكذلك سورة المسد ورد اسمها فى آخر آية رقم ٥، وسورة الإخلاص لم يرد اسمها فى متن السورة مطلقاً لأن كل آياتها توحيد لله وحده سبحانه وتعالى وهى بالترتيب بعد كلمة «قل» كل الكلمات التالية أسماء الله وحده هو - الله - أحد - الله - الصمد، وتختتم «لم يلد ولم يولد»، وكأنه بيان ختامى لمن تسوّل له نفسه أن يتحدث عن ولد لله كما كان يعتقد البعض خطأ وخطيئة، وسورة العلق ورد اسمها فى الآية الثانية «خلق الإنسان من علق» وهى الكلمة الوحيدة التى جاءت دون تأنيث، وعكس تكرار القرآن فى كل آيات خلق الإنسان من العلقة بالتأنيث «ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة»
وسورة المعارج ورد اسمها فى الآية رقم ٣ من السورة، وكل السور فى الأجزاء الثلاثة ٢٨ - ٢٩ - ٣٠ مع سورة الصافات بدأت كلها باسم السور دون استثناء إلا ما ذكرناه هنا (وسورة المجادلة سورة الأحكام الخمسة) وهكذا نبدأ لهذه السور فى مقدمة آياتها بداية بسورة المجادلة وهى أول سور الأجزاء الثلاثة الختامية للقرآن تبدأ «قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها»، ومن بداية السورة يبدأ الحكم القرآنى ببطلان طلاق الظهار بالجاهلية وإلغائه تماماً وعدم الاعتراف به فى الفقه الإسلامى، وهى عقوبة المسلم الذى يقسم يمين الظهار إما تحرير رقبة أو صيام أو إفطار مساكين.
كما أفردت السورة حكماً عجيباً على من ينفرد بفرد أو اثنين أو ثلاثة من مجموعة من أصدقاء جالسين معاً فيغضب الآخرين، وجعلها معصية لله والرسول، وجعل وجوب أن تترك مكاناً فى المسجد لمن يرغب أن يجلس بجوارك، وجعل من يقوم بذلك رفيع الدرجات، وهو شىء عجيب جداً أن يتساوى من يفسح لزميله فى المسجد بالجلوس مع الذين آمنوا وأوتو العلم فى درجة واحدة، ثم تنتقل السورة إلى حكم رابع وهو حكم حوار ونداء المسلمين مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) بوجوب التبرع لبيت مال المسلمين بالصدقات، ثم حكم تحريم الولاء لغير المسلمين ممن يعتدون على المسلمين حتى ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم، وهكذا جاءت سورة المجادلة تكريماً لشكوى امرأة للرسول (صلى الله عليه وسلم) ضد زوجها الذى جعلها معلقة وليست مطلقة، فلا هو طلقها ولا هو عاشرها، وإنما أقسم على نفسه وعليها أن تكون كظهر أمه عليه فيحرم القرب منها، وكان هذا الحكم الأول فى السورة، ثم يأتى الحكم الثانى ينهى عن انفراد البعض من المجموعة دون غيرهم فيغضب الآخرون، علاوة على أنهم سيتهمون بالإثم ومعصية الرسول، فجريمتهم مغلظة، ثم الحكم الثالث هو حكم على من يحيى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو المسلمين بغير تحية الإسلام، وهذا تعظيم لتحية الإسلام، وهى السلام لدين السلام، ثم الحكم الرابع بوجوب إفساح مكان للمصلين، والحكم الخامس وجوب الصدقة مع مناجاة ومقابلة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لمن لديه القدرة المالية، ولا يشترط بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يتوقف حكم الصدقة لبيت مال المسلمين، بل كل من يحب أن يصلى على الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وجب عليه أن تقع صلاته عليه بالصدقة، ثم الحكم السادس ببطلان الولاية لمن يعتدى على المسلمين أياً كان وضعه العقائدى كافراً أو من أى ملة أو أى دين حتى لو كان من دين الإسلام، بل لكل من يصد عن سبيل الله بمنع العبادة أو منع الزكاة أو مرتكب العدوان الدينى وغير الدينى فهم يحاربون الله ورسوله فكتب الله سبحانه وتعالى بوجوب التبرؤ منهم حتى لو كانوا أقرب الأقارب.
وفى ختام المقال بهذه المجموعة يكون عدد السور التى تم حصرها ١١٤ سورة هى كامل سور القرآن شاملة ما سبق عرضه من المجموعتين السابقتين وهما ما يلى: «الفاتحة، البقرة، آل عمران، الأعراف، يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر، مريم، طه، الشعراء، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، يس، ص، غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، ق، النساء، المائدة، الأنعام، الأنفال، التوبة، النحل، الإسراء، الكهف، الأنبياء، الحج، المؤمنون، النور، الفرقان، الأحزاب، سبأ، فاطر، الزمر، محمد، الفتح، الحجرات، الحديد، الحشر، الممتحنة، الصف، الجمعة، المنافقون، التغابن».