الهيمنة و التعدد "1" العالم من النابولينية إلي العولمة الأمريكية
محمد طه شباب تنسيفية الأحزاب
يعيش العالم في حالة حرب باردة جديده بين القوي العالمية الصاعدة والقوي المهيمنة ، ولمعرفة ملامح النظام العالمي الجديد نتناول اولا تاريخ النظام العالمي، ثانيا النظام العالمي عقب الحرب العالمية الثانية ، ثالثا النظام العالمي عقب انتهاء الحرب الباردة ، ثم نتناول بالتفصيل ملامح الصراع والنظام العالمي الجديد.
تم تدشين نظام عالمي أقيم في أوربا عقب الحرب النابولينية وعلي أثر التحالف المقدس أو الوفاق الأوربي الذي تكون منذ ١٨١٥ واقام سلاما في أوربا استمر مائه عام بعد حروب ومواجهات عديده بين القوي الأوروبية ، تمكنت أوربا في ظل هذا الوضع من احتلال أجزاء كبيره في العالم خاصة بعد الكشوف الجغرافية ، وتم عقد مؤتمر برلين ١٨٨٤ /١٨٨٨٥ الذي وضع أسس التقسيم الذي مكن القوي الأوربية من الاحتلال الفعلي وكانت القوي الأوروبية وقتها هي صاحبة القوي العظمي في العالم وكان يطلق علي أمريكا الجنوبية والشمالية العالم الجديد ، وكانت أفريقيا تسمي القارة السوداء لكثافة الغابات وصعوبة الدخول بعيد عن الشواطئ.
المرحلة التالية للنظام العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية نظام القضبيه الثنائية حيث تراجعت أهمية ومكانة القوي الأوروبية التقليدية خاصة إنجلترا وفرنسا وأسبانيا وحل محلها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وكان لنظام القضبيه الثناية مجموعه من المميزات خاصة لدول العالم الثالث حيث كان هناك هامش من المناورة الإستراتيجية كما يقول استاذنا الدكتور "محمود ابو العنين " حيث مكن هذا الهامش بعض الدول من تحقيق أهدافها في التنمية والتسليح وفي المجتمع الدولي ولم يستمر نظام القضبيه فتره طويله بسبب اشتعال الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي.
بدأ نظام عالمي جديد بداية التسعينات تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوربيين في إطار ما يسمي بنظام الأحادية القضبيه ، وبدأت مرحله جديدة من فرض سياسات التحول الديمقراطي واقتصاديات السوق وبرامج التكيف الهيكلي.
ليتبعها مراحل التحول في أغلب دول العالم من الأنظمة الإشتراكية إلي الديمقراطية ومن اقتصاديات الدول إلي اقتصاديات السوق وإرتباط المنح والقروض بفرض سياسيات التكيف الهيكلي من صندوق النقد الدولي وإرتباطها بسياسات التحول الديمقراطي وهو ما أثر بالسلب علي بعض الدول التي لم تكن مؤهله داخليا لذاك.
وسياسيا تعتبر حرب الخليج ' الكويت ' إعلان رسمي علي بداية النظام العالمي الجديد وفرض الولايات المتحدة الأمريكية سياساتها دوليا ، وبدأت في سياسات الهيمنة علي الأسواق العالمية والموارد الطبيعية والمناطق اللوجستية في العالم والتحكم في أسعار السلع الإستراتيجية كالنفط. وسوف نتناول في مقال منفصل الولايات المتحدة الأمريكية والنفط لما يمثله من سلعة سياسيه تهيمن عليها الشركات متعددة الجنسيات وتتحكم في أسعار النفط العالمية وكما ذكر استاذنا الدكتور أيمن شبانه عندما تتحرك السياسة الأمريكية وراء الموارد وكذالك القمح وجعل سعر القمح في أدني قيمة له اقتصاديا في دول الإنتاج الرئيسية ك إفريقيا الوسطي ودعم القمح الأمريكي الأقل جوده ليكون في سعرالأول ممكن.وتجدر الإشارة إلي دعم مزارعين القمح الأمريكي بمليارات أعلي من تكلفة إنتاجه ويتم التخلص من الكميات الكبيرة منه في المحيط ولا يتم بيعها حتي لا ينخفض سعره دوليا في الوقت الذي تتأثر فيه دول العالم الثالث خاصة إفريقيا الوسطي بانخفاض أسعار القمح والذي يعد السلعة الأساسية التي يتم الاعتماد عليها اقتصاديا في التصدير والحصول علي النقد الأجنبي .
سياسات العولمة الأمريكية بكل ما تحمله من تأثيرات تشمل العولمة السياسية و الإجتماعية والاقتصادية والثقافية وتدعوا إلي إزالة الحدود والمعتقدات والثقافات والتراث لتكون أمريكا هي النموذج الذي يسعي الجميع الي طبقه وتنفيذه للنجاح. لكن فرض العولمة الثقافية تحديدا واجهه مقاومه من التراث الحضاري والفكري واللغوي في أغلب الدول فقد احتفظت الدول باللغة الأمم وبعض العادات والتقاليد والأفكار ، أما الدول التي تملك ميراث حضاريا وتاريخيا فلن تكن العولمة مؤثره إلا من خلال القوي الناعمة من إنتاج هوليود ومنابر الإعلام الغربي المسيطرة والمحتكرة للإعلام العالمي والتي تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا.
وسوف نتناول ملامح الصراع الناشئ بين القوي العالمية في جائحة كورونا ودور النفط في الصراع ، وكذالك العولمة والديمقراطية وتأثيرها في المجتمعات الغربيه ، لنستطيع استنباط ملامح النظام العالمي الجديدة والأقطاب الدولية الفاعلة في المرحلة الراهنة من خلال سلسلة المقالات القادمة.
محمد طه
عضو تنسيقيه شباب الاحزاب والسياسيين