رمضان قرني لـ"الوطن": اتفاقيات التاريخ الحديث تضمن حق مصر بمياه النيل
دكتور رمضان قرني
أعلنت وزارة الخارجية، في بيان رسمي يوم الجمعة الماضي، التقدم بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، بشأن سد النهضة الإثيوبي، وسعت مصر على مدار سنوات التاريخ الحديث، إلى توطيد علاقاتها بدول حوض النيل، مع الحفاظ على حصتها من مياه النيل، من خلال اتفاقيات عدة شهيرة.
ما أشهر الاتفاقيات التاريخية التي تحفظ حقوق مصر في مياه النيل
جهود الدولة المصرية في الحفاظ على حقوقها في مياه نهر النيل، ليست وليدة مفاوضات سد النهضة، ولكن ترجع بجذورها في تاريخ مصر الحديث، لعام 1890، حينما وقعت بريطانيا بالنيابة عن مصر، اتفاقية نصت المادة الثالثة منها على أن إيطاليا صاحبة السيادة على الحبشة آنذاك، تتعهد بألا تقيم على نهر عطبرة أي منشأت للري تؤثر على كمية مياه نهر عطبرة التي تتفدق في مصب مياه نهر النيل، وهي وقتها بريطانيا نيابة عن مصر والسودان وهي أقدم الاتفاقيات التاريخية التي تحافظ على حقوق مصر في مياه النيل، بحسب قول الدكتور رمضان قرني الخبير بالشؤون الأفريقية ومدير دورية آفاق أفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات.
الاتفاقية الثانية التي تحفظ حقوق مصر في مياه النيل، والتي وصفها قرني في حديثه لـ"الوطن" بالأهم في التاريخ القديم لمشاركة الجانب الأثيوبي بشكل مباشر، كانت بين بريطانيا وإثيوبيا وإيطاليا، والمعروفة باتفاقية مايو 1902، وهنا كانت المشاركة الأثيبوية مباشرة حيث شارك إمبراطور الحبشة في التوقيع على الاتفاقية التي نصت على عدم السماح بإنشاء أي أعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها تعطيل سريان مياه نهر النيل إلا بالاتفاق مع حكومة بريطانيا وحكومة السودان المصري البريطانية، واعتبرها مهمة في كون المشاركة المباشرة من الجانب الأثيوبي وتوقيعه عليها.
الاتفاقية الثالثة التاريخية، التي تحفظ حقوق مصر في مياه النيل كانت بين بريطانيا وحكومة دولة الكونغو عام 1906 والتي تتعهد فيها الكونغو فيها بموجب المادة الثالثة بألا تقيم منشأت من شأنها تخفيض كمية المياه التي تصب في بحيرة ألبرت، إلى جانب اتفقاية عام 1925 بين بريطانيا وإيطاليا والتي تعترف فيها الحكومة الإيطالية بالحقوق السابقة الواردة في اتفاقيتي 1902 و1906، وتتعهد فيها ألا تنشأ في أقاليم أو فروع تلك الأنهار أي منشأت تعمل على تعديل كمية المياه التي تحملها إلى نهر النيل، بحسب قول قرني.
أيضا هناك تفاقية مياه النيل بين مصر وبريطانيا عام 1929 وتقضي بتحريم إقامة أي مشروع على نهر النيل إلا بموافقة مصر، و1934 بين بريطانيا وبلكيجا، السماح باستغلال مياه النيل في توليد الطاقة الكهربائية لايجوز في حال أن يمس كمية المياه التي تتدفق من منابعه.
وأشار قرني، إلى اتفاقية 1952 بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا وتضمنت إسهام مصر المالي في بناء خزان أوين في أوغندا، مقابل زيادة حصة مصر في مياه النيل لأغراض الري، واتفاقية 1959 بين مصر والسودان بشأن إنشاء السد العالي وتوزيع المنافع الناجمة عنه.
وأوضح الخبير في الشأن الأفريقي، أن هناك اتفاقية آخرى مهمة وهي اتفاقية 1993 بين مصر وأثيوبيا وتضمنت تعهد الطرفين بالامتناع عن إلحاق ضرر بمصالح الطرف الآخر فيما يخص مياه النيل ولكنها لم تدخل حيز التصديق عليها من قبل برلماني الدولتين، بحسب تأكيد خبير الشأن الأفريقي.
وبحسب القول فيما سبق، فإن هذه الاتفاقيات تتفق مع أهم قواعد القانون الدولي، وهو ما أكدته اتفاقية فيينا عام 1969، وقررت أنه لا يجوز الاستناد إلى التغير الجوهري في الظروف كسبب للانسحاب من المعاهدة، والحجة التي تتعلل بها أثيوبيا أن تلك الاتفاقيات تمت في عصور الاستعمار، وذلك يتنافى مع اتفاقية فيينا الدولية، بحسب قول قرني.
ولفت قرني إلى أن هناك جملة من قواعد القانون الدولي تؤكد ضرورة التزام أثيوبيا بالالتزام بالمعاهدات السابقة وأحقية مصر في مياه النيل.
اتفاقية عنتيبي أشهر الخلافات بين مصر وأثيوبيا على مياه النيل
وعن أشهر الخلافات التاريخية بين مصر وأثيوبيا، حول مياه النيل، أوضح خبير الشأن الأفريقي أنها تتعلق باتفاقية عنتيني، وهي أي حد محاولات الجانب الأثيوبي للالتفاف حول الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، وكان هناك تحفظ مصري سوداني على 3 بنود لاتفاقية عنتيبي، والمواقف المصرية السودانية كانت واحدة تجاه اتفاقية عنتيبي واتضح ذلك في مفاوضات سد النهضة.
يذكر أن وزارة الخارجية دعت مجلس الأمن، إلى التدخل، لتأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية، تنفيذا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي، والتوصل لحل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي.
وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيانها، أنّ هذه الخطوة جاءت منعا لأي إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق، واستند خطاب مصر لمجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.