فرقة رضا.. ذاقت حلاوة العالمية وأنقذها "ناصر" من الانهيار
الفنان محمود رضا
بمهارة شديدة غيرّ في الرقصات الاستعراضية، وأضاف نمطا جديدا من تصميمه الخاص، ظل لعدة أعوام يبدع فيه ويمتع جمهوره الضخم، لحين رحيل الفنان ومصمم الرقصات محمود رضا عن عمر يناهز الـ 90 عام، منذ قليل.
ويعد الفنان محمود رضا من رواد الفن الاستعراضي وممثل مصري، ومن مواليد القاهرة في عام 1930، وأسس فرقة للفنون الشعبية "فرقة رضا"، كما شارك في العديد من الأعمال الفنية، ومن أبرز أفلامه "ساحر النساء، قلوب حائرة، غرام في الكرنك".
بأداء حركات متقنة وملابس مميزة مستوحاه من التراث والفلكور، خطفت فرقة رضا الأنظار بشدة في مصر، بعد تأسيسها بنهاية خمسينات القرن الماضي، فضلا عن كونها أول فرقة فنون شعبية خاصة، وتحمل اسم مؤسسيها الشقيقين محمود وعلي رضا، بالتعاون مع زوجة الثاني الفنانة فريدة فهمي.
بداية تأسيس الفرقة
بعدما كانت إطلاقها فكرة لفترة طويلة في ذهن الفنان الراحل محمود رضا، تحولت لحقيقة بأغسطس 1959، معتمدة على تصميمه للرقصات وتأليف شقيقه للموسيقى، بينما تؤديها فريدة فهمي، بصحبة 23 راقصا وراقصة و13 عازفا، لتكون أول رقصاتها في سور الأزبكية والتي لاقت استحسانا كبيرا بين الجمهور، لاعتمادها على أداء مستوحى من الفلكور بين الريف والصعيد والمدن الساحلية والنوبة، والمزج بينهم في نعومة وتناغم بين حركات الراقصين والملابس المميزة للبيئات المختلفة.
ومن سور الأزبكية، انطلقت الفرقة لتقدم استعراضات عديدة بين الأهرامات والمعابد الفرعونية، ثم سجلت انطلاقة عالمية بين مسرح هيئة الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، ومسرح الأولمبيا بفرنسا، وقاعة ألبرت هول في بريطانيا، وحتى مسرح بيتهوفن في بون، على مدار مسيرتها الضخمة التي تزيد عن 60 عاما، قدمت فيهم فنا مميزا ومواهب عديدة.
بلغ عدد العروض العالمية للفرقة أكثر من 3000 عرض، فضلا عن استعراضتها الشهيرة "حلاوة شمسنا"، و"الأقصر بلدنا"، و"التنورة"، و"التحطيب"، و"رقصة اللمونة"، و"الكرنبة والنوبة"، و"رنة الخلخال"، و"الشاويس عطية".
كما حصدت عدة جوائز، منها جائزة مهرجان يوغوسلافيا عام 1960، ووسام الكوكب الأردني 1967 من الملك حسين، والجائزة الأولى والميدالية الذهبية في مهرجان جوهانسبرج 1995.
أزمات واجهت الفرقة
لم تخلو المسيرة المميزة للفرقة من العثرات، حيث واجهت شبح الإفلاس، لتنضم تحت لواء وزارة الثقافة في عام 1961، بتكليف من الرئيس السابق جمال عبدالناصر، الذي وصفه محمود رضا، في حوار سابق لها بنهاية الثمينينات، بأنه كان "يقدر الفن الرفيع"، موضحا أنه كان دائما يطلب الفرقة لتقديم عروضها أمام الرؤساء والملوك خلال زيارتهم لمصر.
انتقلت الفرقة لتقديم عروضها على مسرح متروبول بالقاهرة؛ وبات لها طابعا خاصا في الرقص الشرقي الفولكلوري، بالتعاون مع الموسيقار علي إسماعيل أول أوركسترا خاص بالفنون الشعبية الذي لحن أشهر استعراضاتها، بينما كشف رضا في الحوار ذاته تعرضه لعدة مشاكل بالوزارة بسبب الروتين الحكومي فضلا عن أزمات أخرى مع وزراء الثقافة المتتاليين.
وخلال تلك الفترة، اكتسبت الفرقة شهرة مضاعفة بمشاركتها في أفلام حققت نجاحا ضخما، وهم "إجازة نصف السنة"، و"غرام في الكرنك"، و"حرامي الورق"، فيلم "أنشودة الفؤاد"، ليزداد معه عدد أعضاء الفرقة ويتولى محمود رضا تقسيمهم لـ3 أقسام، هم الفريق الأساسي الذي يقدم العروض داخل وخارج مصر، وفريق يمثل الصف الثاني للفرقة، وفريق لمجموعات تحت التدريب، ليتم تأسيس مركز لتخريج دفعات من الأعضاء لدعم الفرقة، باسم مدرسة "فرقة رضا للمواهب الجديدة".
حرص رضا على تطوير الفرقة أيضا، حيث إنه في الثمانينات قدمت نمطا جديدا بالرقص، وهو الموشحات الراقصة، والذي حقق نجاحا كبيرا، وقتها.
تكريم الفرقة
وقبل أشهر قليلة، وتحديدا في ديسمبر الماضي، كرمت الدكتور إيناس عبدالدايم وزير الثقافة، والدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة، فرقة رضا الاستعراضية للفنون الشعبية، خلال احتفالية بمرور ستين عاما على إنشائها.
وأكدت عبدالدايم، أن فرقة رضا منذ إنشائها وحتى الآن، إضافة كبيرة للقوى الناعمة المصرية، مشيرة إلى أن لذاكرة المصرية مليئة بالمبدعين الذين أثروا حقول الإبداع المختلفة، وعلى رأسهم الفنان القدير محمود رضا الذي كان له ولشقيقه الفضل في تأسيس هذه الفرقة، باعتبارها الأقدم في المنطقة العربية.
وخطف الفنان الراحل الأضواء خلال الحفل، حيث ظهر محمود رضا، وهو يرقص مع فرقته بنشاط وسعادة بالغين رغم سنه، مؤكدا أن "الرقص حياته وأنه سيظل حريصا عليه لنهاية العمر"، ليحصد إعجابا ضخما بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.