بمبالغ عالية وامتحان القبول.. ماراثون الدروس الخصوصية يبدأ لثانوية 2021
طلاب الثالث الثانوي الجديد يتهافتون لحجز الدروس.. والسناتر تستغل الوضع
أحد مراكز الدروس الخصوصية
بينما يخضع الآلاف لامتحانات الثانوية العامة الاستثنائية هذا العام ليودعون به آخر نظام تقليدي، في ظل إجراءات خاصة بسبب جائحة كورونا، يتابعهم عن كثب طلاب الصف الثاني الثانوي الذي يستعدون لآخر جولات "عنق الزجاجة"، التي بدأها أغلبهم بحجز مقاعدهم في الدروس الخصوصية قبل أسابيع قليلة.
وزير التعليم: الدروس الخصوصية إهدار للوقت
وصل صدى ذلك الأمر إلى الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني، الذي وجه نصائح لأولياء الأمور وطلاب المرحلة الثانوية، بشأن الدروس الخصوصية، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حيث كتب: "الدروس الخصوصية في السناتر أو المنازل أو اليوتيوب أو الزووم لن تفيد تعليميا ولن تساعد على حل الامتحانات الجديدة في المرحلة الثانوية وهي إهدار للوقت والمال".
ونوه الوزير، في تدوينة أخرى، إلى أن الوزارة سوف تعلن عن تفاصيل العام الدراسي الجديد في الأسبوع الأول من سبتمبر 2020، بعد الانتهاء من جميع الاستعدادات، ما يعني أن تلك الحجوزات لا فائدة منها.
طلاب الثانوية العامة يتسابقون لحجز مقاعدهم
ومع بداية يوليو الجاري، بدأ طلاب الصف الثاني الإعدادي الناحجون في حجز مقاعدهم بالدروس الخصوصية للعام المقبل، حيث أجرى الطالب عبدالرحمن يوسف، في أحد مدارس القاهرة، جولة على 5 مراكز من أجل التسجيل لديهم، ليتفاجئ بإغلاق بعضهم بسبب جائحة كورونا.
كما تفاجئ الطالب الثانوي بارتفاع قيمة التسجيل أيضا في المركز والذي تراوح بين 100 إلى 200 جنيه بالمادة الواحدة، حيث أبلغه العاملون بالمراكز أن قيمة الدرس للمادة الواحدة يمكن أن تبلغ 200 جنيه، نظرا لإتخاذ إجراءات للتعقيم يوميا وتقليل عدد الطلاب بالسنتر.
وفي جولة أخرى، أجراها الطالب الثانوي محمد محمود، تفاجئ بقرار سناتر تحديد مستوى الطالب لقبوله أو رفضه بها، خلال الصف الثالث الثانوي المقبل، قائلا: "هما واخدينها أنها منافسة للسنة الجاية اللي الكل بيتنافس فيها وكأننا داخلين معهد".
ولدّ ذلك استياء كبير بين محمد وأصدقائه، الذين سيطر عليهم القلق من عدم تمكنهم من حجز دروسا مع المدرسين ذائعي الصيت، وعدم قدرتهم على تحصيل درات جيدة لاحقا من أجل الوصول للكليات التي يطمحون إليها.
فيما حرصت أيضا الطالبة رنا علي، بأحد مدارس مدينة طنطا، على حجز دروس في سناتر مختلفة، لتصطدم بفكرة إجراء اختبارات للقبول لدى بعضهم مقابل مبلغ مالي يصل إلى 100 جنيه، فضلا عن قيمة التسجيل المعادلة لها أيضا، بجانب مقدم يبدأ من 600 جنيه للمذكرات الخاصة بكل مادة.
"قالولنا ده نظام جديد وله أسلوب مختلف ومجهود أكبر".. كان ذلك هو التبرير الذي سمعته رنا من العاملين بالسناتر بعد تعليقها وزملائها على ارتفاع قيمة الحجوزات والدروس، معللة رغبتهها في حجز الدروس الخصوصية بأنها "احنا كمان الموضوع بالنسبة لينا جديد وخايفين منحجزش ومنلاقيش أماكن بعدين".
أولياء الأمور في ورطة
وفي الوقت نفسه، بذل أولياء الأمور جهود ضخمة للبحث عن مدرسين ومراكز جيدة لأبنائهم الذي سينضمون للصف الثالث الثانوي، لذلك تجري نهى محمود، اتصالات مكثفة بأصدقائها الذين خاضوا تلك التجربة العام الحالي لتكتسب خبرتها عنها والمعلمين المتميزين بالدورس، في رأيها.
ورغم ذلك، إلا أن نهى تفاجئت أيضا من الارتفاع الكبير في قيمة الدروس والتسجيل لدى السناتر والمدرسين، فضلا عن تقليل الأعداد بها ضمن إجراءات الحماية من كورونا، وهو ما جعلها تشعر أنها "في ورطة"، على حد وصفها.
وشاركتها في الشعور نفسه، هالة علي، التي ألتزمت طوال العام الماضي بـ"جمعية" من أجل توفير نفقات دروس الثانوية العامة لنجلها، متجاهلة تحذيرات وزارة التعليم بعدم فائدة ذلك، قائلة: "العيال مهما درست في المدرسة بتحتاج للحفظ والمتابعة في الدروس".
كما أبدت استيائها الشديد من الاستغلال الضخم الذي تمارسه مراكز الدروس الخصوصية والمدرسين حاليا على الأهالي والطلاب، برفع المبالغ، وتبريره بكون العام المقبل مختلفا وجديدا، دون الالتفاف للجائحة التي أضرت بجميع المواطنين.
خبير تربوي: العام المقبل لا يحتاج للدروس ويجب نشر الوعي
فيما فسّر الدكتور حسن شحاته، الخبير التربوي، تهافت أولياء الأمور والطلاب على حجز الدروس الخصوصية بالسناتر، أنه يرجع لعدم الوعي والإدراك بأن الدراسة لن تحتاج لذلك على الإطلاق، وأن كل ما يبذلونه هو مجهودا بلا فائدة، ولذلك يجب نشر التوعية بشأن ذلك.
وأضاف شحاته، لـ"الوطن"، أن الثانوية العامة الجديدة ستكون تراكمية للأعوام الثلاثة، لذلك لا يوجد مبرر من لحجز دروس للعام الأخير، الذي يعتبر بمثابة عام دراسي للنقل، سيخضع فيه الطلاب لامتحانات داخل المدرسة الواحدة كل على حدى، لذلك فإن توقعه مثلما يجري سيكون مخادعا وغير صحيح.
وتابع أن الأهالي والطلاب يعتقدون أن الامتحانات خلال العام المقبل ستكون كالجاري والماضي بنفس الأسلوب التقليدي، إلا أنه أمر غير صحيح، حيث ستختلف كلية عنه، لذلك يجب على الطلاب الاكتفاء بالدراسة في المدارس التي أعدت أعلى مستوى حاليا، والفيديوهات التي ستنشرها الوزارة لتوضيح الأمر لإنجاح النظام الجديد الذي سيكون أشبه بتحدي للبلاد بأكملها.
وشدد على أن النظام الجديد من أهدافه القضاء على استغلال الأهالي عبر خدعة الدروس الخصوصية، حيث إن العام الثالث منه سيكون أشبه بالأول والثاني الذين خضع لهم الطلاب.
ما هو النظام الجديد؟
في 9 مايو 2017، أصدر الدكتور طارق شوقي، قرارا بتطوير الثانوية العامة، من خلال نظام يعتمد في الأساس على حصول الطالب على مجموع تراكمي بسنواتها الثلاث، أسوة بالجامعات، لاعتباره أنه ليس من المنطق أن تُحدد سنة واحدة فقط مصير الطالب، وتطبيقه بداية من سبتمبر 2018، على طلاب الصف الأول الثانوي، في إطار خطة لتطوير منظومة التعليم في البلاد.
وأوضح أنه يتم التخطيط والإعداد للنظام الجديد منذ أكثر من 15 شهرا، كأحد خطوات تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر، حيث أنه يهدف لبناء نظام جديد لأجيال قادمة تستطيع تحقيق النهضة، مشيرا إلى أن جميع أعضاء البنك الدولي وافقوا على تلك الخطة، خلال شهر أبريل 2018، بعد مراجعة مع الوزارة وخبراء التعليم في العالم.
ويتضمن النظام الإلكتروني الجديد، أن تكون الثانوية العامة تراكمية، وتهدف في الأساس إلى تغيير نظام التقييم وطبيعة الأسئلة، وفكرة الإجابات النموذجية المرتبطة بالأسئلة المتوقعة التي تقيس مهارة الحفظ لدى الطالب فقط، وإنما تعمل على مدى تميز الطالب وإعادة القيمة للشهادة الثانوية وتحويل المعلم من ملقن إلى محاور ومناقش، وفقا لتصريحات الوزير.
والنظام الجديد أيضا، عبارة عن بنك أسئلة لدى الوزارة، وعندما تطلب المدرسة الامتحان، يحول إليها مباشرة من جهاز التابلت الذي وزعته الوزارة على الطلاب، حيث تم تركيب شبكات خارجية للمدارس الثانوية للاتصال بشبكات الإنترنت.
ويعتبر الـ"تابلت" ثريًّا بمادة علمية تفوق مئات المرات الكتاب المدرسي، من الفيديوهات والمقالات والصور، وللطالب حرية انتقاء المادة لفهم الدرس على طريقته المفضلة، كما تجرى من خلاله الامتحانات، ويتم تصحيحها إلكترونيا.