سفير مصر لدى الكويت: ثورة يوليو تجاوز تأثيرها الحدود الجغرافية
القوني: ثورة 30 يونيو رسخت مبادئ 23 يوليو
وزارة الخارجية
قال طارق القوني، سفير جمهورية مصر العربية لدى الكويت، إن مصر لا تزال على مبادئها التي أرستها ثورة يوليو ورسختها في الثلاثين من يونيو، بالحفاظ على وحدة وسيادة الدول، ورفض التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة بكافة أشكالها، والتشديد على أن مستقبل المنطقة يحدده أبناؤها، وفقا لما ذكرته صحيفة "الراي" الكويتية.
وأضاف "القوني"، في كلمته بمناسبة ذكرى ثورة يوليو، أن التطورات التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية، لم تزدها إلا عزما وإصراراً على تجاوز الصعاب، كي تبقى سنداً لأشقائها وتضع حداً للأطماع الخارجية المحيطة بمنطقتها.
وأوضح الدبلوماسي المصري: لقد واجهت مصر والكويت في الشهور الأخيرة تحدياً جديداً مثل بقية دول العالم وهو تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" وما خلفته من أعباء جسيمة على الاقتصاد، وضغوط هائلة على قطاعات الصحة، ولكن بفضل وجود مؤسسات على أعلى درجات الكفاءة في كلا البلدين فقد تمكنا من التعاطي مع هذه المستجدات والتوجه بخطط مدروسة نحو التعايش مع الفيروس واستعادة الحياة الطبيعة وهو ما بدأنا نشهد تطبيقه في الأسابيع الماضية.
وأشار القوني، إلى أن "مصر تحتفل بمناسبة وطنية عزيزة، وهي مرور ثمانية وستين عاماً على ثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة ثورة الاستقلال والتحرير التي أسست لمصر المعاصرة، ووضعتها في مكانها المناسب بين دول العالم، كدولة ذات ثقل وتأثير وركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة دولة تقف على أسس راسخة من التاريخ والحضارة قادرة على تجاوز التحديات أيا ما كانت وعازمة على رسم مستقبل مزدهر لأبنائها".
وتابع قائلا: "لقد مهدت ثورة يوليو لحقبة جديدة بتحول مصر إلى دولة جمهورية، وبما أحدثته من تغيير جذري في كافة أوجه الحياة في البلاد، لتلبي آمال وطموحات طالما طال انتظارها، باسترداد القرار الوطني والكرامة والحرية، وتنصف شرائح واسعة من المجتمع بعد عقود من التهميش، بإرساء مبادئ العدالة الاجتماعية، ومنع احتكار الثروة، مع إطلاق نهضة شاملة في التصنيع وتمصير الاقتصاد، وإرساء مفاهيم جديدة للتعليم والصحة، لتصبح حقوقا مكفولة لجميع أبناء الشعب، فضلاً عن تأسيس جيش وطني قوي يحمي الدولة ومقدراتها، ويقف رادعا أمام أية محاولات للمساس بأمنها واستقرارها".
وأوضح: "لم يلبث أن تجاوز تأثير الثورة الحدود الجغرافية، لتصبح مصدر إلهام لكثير من شعوب العالم التي كانت ترزح تحت وطأة الاحتلال، ولم تدخر مصر جهداً لمساندة أشقائها وأصدقائها في كفاحهم ضد الاستعمار، والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، حتى أصبحت القاهرة مقرا لكثير من حركات التحرر بالدول الأفريقية والعربية، وفى الوقت نفسه فقد تحولت مصر لإحدى نقاط التوازن المهمة في عالم منقسم بين شرق وغرب بتأسيس حركة عدم الانحياز مع عدد من الدول متشابهة الفكر ورفض الدخول في أحلاف عسكرية".
ولفت سفير مصر لدى الكويت، إلى أنه "من ناحية أخرى، فقد مست الثورة بمبادئها وطموحاتها المواطن العربي في كل مكان، وخاطبت فيه العزة والكرامة العربية، وسعت لتفعيل العمل العربي المشترك، وتحقيق الوحدة والتناغم بين الشعوب والدول العربية، للتأكيد على الاهتمام الذي تستحقه منطقتنا في العالم، وضرورة أن يكون تمثيلها في المجتمع الدولي متناسباً مع أهميتها الاستراتيجية، ولا تزال الثورة ورموزها حاضرة في وعي الأجيال المختلفة من شتى الأقطار العربية، رغم مرور ما يقرب من سبعة عقود على قيامها".
وتابع قائلا: "كما أطلقت الثورة عهدا جديدا في العلاقات المصرية الكويتية، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي هنأت الكويت باستقلالها عام 1961، وهو العام الذى شهد تأسيس العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كما شهد أيضا موقف مصر التاريخي الرافض بصورة قاطعة، لأية محاولات للمساس بسيادة واستقلال الكويت إزاء التهديدات التي تعرضت لها آنذاك، وهو الموقف الذي تكرر في محنة الغزو التي شهدتها الكويت، وما تلاها من معركة التحرير، كما وقفت الكويت إلى جانب مصر في حربي 67 و73، ودعمت اختيارات شعبها عقب ثورة الثلاثين من يونيو التي احتفلنا بالذكرى السابعة لها منذ أسابيع قليلة، والتي شهدت خروج الملايين من المواطنين إلى الشوارع وانحياز القوات المسلحة للإرادة الشعبية لتصحيح المسار والتصدي لكافة محاولات تغيير هوية المجتمع والسيطرة على مؤسسات الدولة والتأثير على دور مصر المحوري إقليميا ودولياً".
وأوضح "القوني"، أنه على قدر التغيير الذي أتت به ثورة يوليو، فقد وضعت ثورة الثلاثين من يونيو مصر على أعتاب انطلاقة كبرى تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي بطفرات غير مسبوقة في الاقتصاد والبنية التحتية وتغيير الخريطة العمرانية وقطاعات الصحة والتعليم والاهتمام بالشباب والمرأة، وترسيخ الأمن ومكافحة الإرهاب بجهود وتضحيات أبنائها من القوات المسلحة وأجهزة الأمن، كما تمكنت مصر من استعادة ريادتها إقليمياً ودولياً في فترة وجيزة؛ حيث ترأست القمة العربية في 2015، والاتحاد الافريقي 2019، وشغلت عضوية مجلس الأمن عامي 2016 و2017.
وأكمل: "وإذ أدعو الله مخلصا أن تنجلي هذه الغمة وتعود الحياة إلى طبيعتها، فإنني على ثقة بقدرة مؤسسات وشعبي البلدين على مواجهة أصعب التحديات وتجاوزها، كما أنتهز هذه الفرصة كي أوجه خالص التمنيات القلبية وأطيبها إلى أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح بأن يمن الله عليه بالشفاء العاجل وأن يمنحه موفور الصحة والعافية، وأن يحفظ أمير الإنسانية للشعب الكويتي الشقيق والأمة العربية والإسلامية".