كانت مفاجئة وتلقائية.. صاحب آخر فوتو سيشن لطبيب الغلابة يروي كواليسها
محمد كرم لـ"الوطن": روحتله من غير ميعاد وفرح بالصور جدا
كانت مفاجئة وتلقائية.. صاحب آخر "فوتو سيشن" لطبيب الغلابة يروي كواليسها لـ"الوطن"
بحماس شديد وقف يطبع صورا يعتبرها الأهم في حياته، قطع من أجلها مسافة طويلة من مدينته شبين الكوم إلى طنطا، ليلتقي الطبيب الأشهر بين الفقراء والمحتاجين، ليخطط في ذهنه تحويلها إلى "بوستر" كبير يزين عيادته متذكرا لقائه الأخير معه، قبل أن يصدمه خبر وفاة طبيب الغلابة، لينهي مسيرة أحلامه.
قبل نحو شهرين، تأثر بشدة المصور محمد كرم، بالحديث عن الدكتور محمد مشالي، طبيب الغلابة، وجهوده البالغة لمساعدة الفقراء وتواضعه وخدمته للمرضى، لاسيما بعد حلقته ببرنامج "قلبي اطمأن" ورفضه مساعدة غيث له التي كانت تتضمن مبلغ مالي ضخم لتجهيز عيادته في شارع سعيد بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، ما جعله يتصدر قوائم البحث بالسوشيال ميديا وقتها.
"كرم" تأثر بطبيب الغلابة فقرر تصويره لتوثيق رحلته
سيطر الطبيب محمد مشالي، الذي وافته المنية قبل يومين، على ذهن المصور الشاب، الذي قرر لقاءه سريعا دون موعد مسبق: "اتمنيت أشوفه وأتكلم معاه"، ليحزم حقيبته التي تتوسطتها الكاميرا، ويتجه من مدينته شبين الكوم إلى مقر عيادة الطبيب خلال أحد أيام شهر رمضان الماضي، وينتظره بها لعدة ساعات، حيث كان لدى طبيب الغلابة كشف خارج العيادة لمريض غير قادر على الحركة، فضلا عن تكدس المرضى بالعيادة أيضا.
"هو قال للممرضة باللفظ المرضى أولا، التصوير والحاجات دي مبهتمش بيها".. لم يصاب كرم بالملل أو اليأس فور معرفته برد مشالي، وإنّما ظل في انتظاره لحين انتهاء فحصه لجميع المرضى بالعيادة في هذا اليوم لحرصه على عدم تعطيل العمل، بينما أسره تعامله المتواضع معهم: "أول ما دخل سلم عليهم وهزر معاهم عشان عارفهم كلهم".
الزمالك ناديه الأول وبرنامج طارق يحيي كانوا الأفضل للطبيب الراحل
لحظات فارقة قضاهم المصور مع طبيب الغلابة لمس فيهم شخصيته المميزة للغاية، مازال يتذكر تفاصيلهم حتى الآن، والتي يرويها لـ"الوطن"، بأنّها: "ضحكنا وهزرنا شوية، على إنّي أهلاوي وهو زملكاوي وبيحب النادي جدا، وأول لما قولتله كده طلعلي كارنيه عضويته بالزمالك اللي كان لسه واخدها وكان فرحان بيها جدا وكلمني عن تاريخ وبطولات الزمالك".
وقدّم الطبيب الراحل أيضا له عدة نصائح بشأن التعامل مع جائحة فيروس كورونا، وطلب منه نقلها للجميع من أسرته وأصدقائه للتصدي لذلك المرض، إلى جانب حديثه عن هدية غيث التي رفضها، مؤكدا له: "هفضل هنا في العيادة لآخر يوم في عمري"، ليعرض عليه كرم فكرة "فوتو سيشن" خصيصة له بالعيادة.
لم يكن مشالي محبا للصور، لكن كرم أقنعه بالتقاطه مجموعة من الانفعالات التلقائية له لتجسيد عمله وجهده بالعيادة، وفوجئ به يقول له إنّها المرة الأولى التي يتم تصويره بها، وبالفعل يوثق المصور الشاب في نحو نصف ساعة جانبا من حياة طبيب الغلابة، الذي سخّر حياته للفقراء والمحتاجين ولم يرفع قيمة كشفه عن 20 جنيها.
بعد شهر من الجلسة، طبع كرم بعضا منها، ثم حملها في حقيبته ليعيد زيارة الدكتور مشالي من جديد ليريهم له، ويتجه مجددا إلى طنطا دون ترتيب مسبق أيضا، مضيفا: "أول ما شافهم فرح بيهم جدا لأنهم كانوا تلقائيين جدا، وده اعتبرته أحسن حاجة حصلت في حياتي وأثرت فيا أوي وقتها"، ما رفع من روحه المعنوية وقتها بشدة وقرر استكمال طبع الصور وتحويلها لـ"بوستر" وزيارته من جديد عقب عيد الأضحى.
صدمة بالغة سيطرت على خريج المعهد الفني فور معرفته بخبر وفاة طبيب الغلابة قبل يومين، الذي أثر فيه بشدة وجعله يندم لعدم إسراعه في زيارته الثالثة، متذكّرا تفاصيل آخر جلسة تصوير في حياة الراحل، بقوله: "تفضل دايما حاجة خاصة جدا ومميزة في حياتي، ونشرت عددا منها عبر حسابي على فيس بوك، ولقيت تفاعلا كبيرا من المستخدمين".