وكأن التاريخ يأبى إلا أن يعيد نفسه، ولمَ لا فهى عادة المصريين، دائماً ما يحبون تكرار السيناريوهات التى مروا بها من قبل، لا تعلم لماذا.. هل هو من باب الأمان أو أنها تجربة معروفة ولن تأتى بأضرار جديدة، أم خوفاً من الجديد؟!
ونحن نشاهد سوق عكاظ لانتقالات اللاعبين فى الموسم الحالى من الدورى المصرى الذى اتفقنا من قبل على أنه مهلهل وبطولة لا تصلح للاستخدام الآدمى، نلاحظ أن سيناريو عام 2005 عندما كان مرتضى منصور رئيساً للزمالك يتكرر من جديد، وكأننا نعود لنفس المربع الزمنى.
فرئيس الزمالك تعاقد مع 10 لاعبين هم: تامر عبدالوهاب فى الدفاع، وأحمد حسام المدافع الأيمن، وعلاء عبدالغنى لاعب الوسط، وعادل فتحى لاعب الوسط، وفرج شلبى لاعب الوسط، وكواى جونيور لاعب الوسط المهاجم، ويوسف حمدى لاعب الوسط المهاجم، أما فى خط الهجوم الصريح فتعاقد مع نجم النجوم وقتها مصطفى جعفر لاعب بلدية المحلة الذى خطفه «مرتضى» فى صفقة مدوية من الأهلى، فضلاً عن الثنائى كينجسلى إيكيه المهاجم النيجيرى، والبرتغالى أديسون سيلفا سوزا.
10 أسماء ضمها الزمالك فى فريق استحق على الورق لقب فريق الأحلام، جاء فى ضجة إعلامية لكنه ذهب مع الريح ولم يحصد أى بطولة، بعدما نجح الغريم التقليدى (الأهلى) فى العام نفسه فى ضم عدد أقل من اللاعبين لكن تم اختيارهم بدقة وأبرزهم محمد أبوتريكة ومحمد بركات وإسلام الشاطر وعماد النحاس وحسن مصطفى ومحمد شوقى، بالإضافة للاعبين الموجودين من الأساس كالأنجولى جيلبرتو والصاعد المتألق وقتها عماد متعب -الذى يرثى لحاله حالياً- وحصد الأهلى منذ ذلك الوقت كل الألقاب، وعانى الزمالك دائماً من الانكسارات حتى مع تغيير مجلس الإدارة الأبيض أكثر من مرة.
نخرج من ذلك بأن العبرة ليست بالصفقات المدوية، ولكن أن تستطيع أن تتعاقد مع لاعبين فى المراكز التى تحتاجها، وتكون لديك العين الخبيرة التى تنتقى لاعبين يفيدون الفريق بدلاً من ضم صفقات على الورق غير مفيدة فى الملعب.
والأهم من عقد الصفقات أن تكون لديك خطة واضحة فلا الأهلى أو الزمالك حتى الآن لديهما خطة واضحة، فالزمالك يسير فى خط التعاقد العشوائى مع لاعبين يقول المدير الفنى ميدو إنه لا يعلم عنهم شيئاً وهو ما يثير الشكوك حول استمرار تجربة ميدو التى أراها حتى الآن ناجحة بنسبة 80% ويؤخذ عليه فقط تصريحاته الانفعالية، وإن كنت أتمنى استمرار التجربة لمنح الفرصة للشباب، أم ستستمر العادة بأن نعود للقديم؟
والأمر نفسه بالنسبة للأهلى الذى أعلن مسئولوه ضم لاعبين جدد رافضين الكشف عن أسماء اللاعبين باستثناء الثنائى إسلام رشدى وصلاح الدين سعيد.. ويبقى هنا السؤال: هل ينجح الأهلى فى تكوين فريق 2005 من جديد، أم يكون انهياراً جديداً خصوصاً أن من يبرم التعاقدات ليس المدير الفنى الذى سيستمر فى الموسم المقبل؟
«المعتاد» أصبح أسلوب حياة لدى المصريين وسنظل بعيدين عن عالم الاحتراف طالما استمرت سياسة الإدارة التى تعتمد على الفهلوة والحماس والروح بدلاً من الأساليب الاحترافية والإدارية الدقيقة التى يمكنها أن تقود مؤسسة ناجحة.
سنظل فى دائرة العودة إلى القديم وهو ما يحدث فى مصر حتى سياسياً، ولكننى أثق أننا فى يوم ما سيكون للأسس الاحترافية -التى من وجهة نظرى لا يجيدها إلا الشباب- قد نحقق شيئاً نفتخر به نحن يوماً ما بدلاً من أن نظل نفخر بما قام بها أجدادنا قبل سبعة آلاف عام.