وهو طالب فى الإعدادية كان يسافر إلى القاهرة مع جاره الكفيف خلال أدائه الامتحانات بجامعة الأزهر لكى يكتب بدلاً منه، وهذا العمل النبيل الذى قد يراه البعض صغيراً كان له عظيم الأثر فى شخصية الطفل الذى لم يبلغ الـ15 عاماً، حيث غرس فيه قيمة العطاء فى سن مبكرة، كما منحه الفرصة للتعرف على سور الأزبكية وشراء كتب كثيرة بأسعار زهيدة شجعته على حب القراءة والثقافة فى الصغر ثم التأليف والكتابة فى الكبر. كان الابن الوحيد لأبوين لم يتعلما ولكنهما حرصا على أن يحصل نجلهما على أفضل الشهادات حتى لو كان ذلك على حساب قوت يومهم، تخرج فى الجامعة بتفوق وعُين معيداً بالكلية التى تخرج فيها ثم تدرج فى الوظائف الأكاديمية حتى أصبح عميداً للكلية 8 سنوات ثم وكيل أول وزارة التعليم العالى ثم نائباً لرئيس الجامعة. وحينما كان مستشاراً ثقافياً وتعليمياً لمصر فى ليبيا قام بدور وطنى كبير لخدمة المبعوثين المصريين هناك خلال فترة أحداث الثورة الليبية الساخنة، والتى انتهت باختطافه من قبل الجماعات المارقة المسلحة المتطرفة هناك، ولكن المخابرات المصرية نجحت فى تحريره وإعادته لمصر، حياته كلها قصص كفاح ونجاح تولى أعلى المناصب بعمله واجتهاده وإخلاصه ولم يعتمد إطلاقاً على الآخرين أو على الواسطة والمحسوبية أو الفهلوة والحظ، وليس له أقارب فى أى مراكز عليا بالدولة حتى يساعدوه فى مشوار حياته العملية والوظيفية، هو واحد من ملايين المواطنين المصريين البسطاء الذين يكافحون بجهدهم حتى يأكلوا لقمة عيش حلال وبشرف وصدق وأمانة، هو ابن الطبقة المتوسطة التى استفادت من مجانية التعليم، نشأ فى قرية صغيرة بمحافظة الدقهلية، تعليمه كله حكومى من المدرسة حتى الجامعة، وبعمله واجتهاده وإخلاصه تولى أعلى المناصب دولياً ثم محلياً بجلوسه على كرسى عميد الأدب العربى طه حسين، حيث تم تعيينه وزيراً للتربية والتعليم، وخلال 17 شهراً قضاها فى المنصب كان يواصل العمل ليلاً ونهاراً أنجز فيها الكثير وفتح ملفات شائكة لم يجرؤ أحد قبله على الاقتراب منها، كما أنه اتخذ أشجع قرار فى تاريخ الوزارة حينما ألغى امتحان الثانوية العامة بعد اكتشاف تسريب ورق الأسئلة، وفى عهده بدأ تطبيق نظام البوكلت فى الامتحانات مما ساهم فى القضاء على الغش، أيضاً فى عهده خاض حرباً شرسة ضد مافيا الدروس الخصوصية والمغالاة فى رسوم المدارس الخاصة والدولية، كما أصدر قراراً بتفعيل مجموعات التقوية فى المدارس من أجل إنقاذ الأسر المصرية من أباطرة الدروس الخصوصية الذين يستولون على أموال المواطنين غصباً واقتداراً. خلال 17 شهراً تولى فيها المسئولية لم يستمتع هو أو أحد أفراد أسرته بوجاهة ومميزات المنصب الوزارى، ولم يسافر فيها خارج البلاد إلا نادراً، بل كان ينفق من جيبه على احتياجاته الخاصة من الطعام والشراب خلال وجوده فى مكتبه ولم يستخدم ممتلكات الدولة فى أغراض شخصية، إنه د. الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم السابق، واحد من الناس المجتهدين الطيبين الوطنيين المخلصين لبلدهم، والذى لم تنقطع صلته بأهله وناسه قبل أو أثناء أو بعد المنصب، ونقدمه اليوم كقدوة تحتذى لشبابنا المحاصر بالإحباط وبالإعلام التافه، الذى يُصدر له أسوأ النماذج من أهل الفن والرياضة، ويعتبرهم نجوم المجتمع. وتحيا مصر قوية ومستقرة بفضل جهود أبنائها المخلصين.