"أنت فين يا محمد، لسه صورتك في بالي مغابتش عني، لسه بشم ريحة هدومك ونفسك، أمك ماتت من قهرتها عليك، ألحقني أنا كمان"، استغاثة يكسو حروفها الحزن والحسرة، يطلقها رجل ستيني، على المارة لمساعدته في البحث عن نجله المتغيب منذ 24 عاما.
في 20 سبتمبر 1996، اختفى محمد، وعمره لم يكن يتعد حينها 4 أعوام ونصف، لكن والده سيد محمد علي، 60 عاما، لم ييأس رغم مرور عقدين ونصف على فقدانه، إذ يتجدد كل يوم أمل بداخله بأنه سيجده ويلتقي به.
داخل شارع محمود محروس متفرع من أحمد عرابي، بمنطقة عين شمس الشرقية، كان آخر مشهد يجمع بين الأب وابنه، كانا يصليان معا صلاة الجمعة، ثم خرجا إلى أحد المحال وانشغل عنه الأب 30 دقيقة، كانت كفيلة بأن يفقد أثره حتى اليوم، ومن تلك اللحظة لم يترك الأب سبيلا إلا وطرقه بحثا عن نجله.
"من القاهرة لحد أسوان، لفيت كل قرية ومدينة في مصر عشان ألاقي ابني ضنايا ومش لاقيه، وروحت عملت محاضر في أقسام البوليس ومقصروش معايا، وزي ما يكون ابني فص ملح وداب"، بحسب "سيد"، الذي طرق جميع الأبواب للبحث عن فلذة قلبه.
علق الرجل الستيني صور نجله بالشوارع وأمام المدارس والمستشفيات، موضحا أنه لا يملك غير صورة واحدة له وهو بعمر 4 سنوات، مضيفا: "روحت لدجالين كتير ومشيت في الطريق ده، خدوا مني فلوسي وقولت مش مشكلة، يمكن يرجع ومرجعش".
كلمات متكررة يرددها "سيد" أثناء سيره في الشوارع، مستغيثا بكل المحطين والمارة: "فين أراضيك يا نور عيني، أمك ماتت من قهرتها وحزنها عليك، وأنا مش عارف أنام وحتة مني مش موجودة، نفسي أخدك في حضني وألمس وشك واشوفك من تاني، عايز أعرف شكلك بقى عامل إزاي دلوقتي".
الرجل لا يريد شيئا من الدنيا سوى رؤية نجله "محمد" فهي أمنيته الوحيدة والأخيرة في الحياة: "حتى لو شوفتك مرة واحدة وبعدها موت قلبي هيكون مرتاح".
تعليقات الفيسبوك