دينا عبدالفتاح تكتب: معادلة الطموح والعمل!
دينا عبدالفتاح
لابد أن يكون الجهد على قدر الطموح والأمل.. فعندما تكون أحلامنا كبيرة لا بد أن تكون قوتنا كبيرة، وعندما نكون راغبين فى صياغة تجربة نجاح سواء على المستوى الشخصى أو المستوى القومى علينا أن نتحدى كل شىء من أجل الوصول لهدفنا ونقف فى وجه كل الصعوبات والمشكلات ونتعلم من كل إخفاق نمر به خبرة جديدة تدفعنا فيما هو قادم.
هذا هو المنهج أو المبدأ الرئيسى الذى سار عليه كل من نجح فى كتابة قصة تفوق، سواء كان شخصًا أو شركة أو مؤسسة أو دولة، وهنا فى مصر كبرت الأحلام بشكل كبير وبدأت القيادة السياسية فى توضيحها للجميع وترديدها بصفة مستمرة، من ضمنها أن تبلغ صادراتنا 100 مليار دولار، وأن نصبح أحد أهم الاقتصاديات الصناعية فى العالم، وأن نكون ضمن أكبر 10 اقتصاديات فى العالم فى 2030.. فهل ناظر اتساع الحلم والأمل زيادة فى الجهد والعمل؟!
أعتقد أن الإجابة نسبية بمعنى «ليس الجميع»، فهناك من يحاول أن يجتهد ويعمل ويتحرك فى كل الاتجاهات بهدف تحقيق حلمه، وهناك من يحلم ويظل نائماً، وهناك من لا يملك حلماً فى الأساس.
هذا ليس على مستوى الأشخاص العاديين فقط، ولكن على مستوى الموظفين والمسئولين الكبار والقياديين أيضاً، فبداخل كل فئة ستجد المجتهد والمتراخى.. الطموح واليائس.. المنتشى والبائس.
وهنا سيتوقف إنجاز الدولة بالكامل على إنجاز الأفراد، وذلك لأن ما تحققه الجماعة يتمثل فى مجموع ما يحققه أفرادها، وبالتالى لو كانت الأغلبية فى مصر من النوعية الهادئة أو غير المجتهدة أو المتراخية فلن تستطيع الدولة بلوغ أهدافها الكبيرة.. مهما كانت ممكنة، ولو كانت الغالبية تعمل على مدار الساعة وتجتهد وتتحرك للأمام فحتماً ستصل الدولة إلى أهدافها.. مهما كانت صعبة أو مستحيلة!
لذا، فإن مسألة حشد القوة وتعزيز الدافع والحافز لدى الجميع من أجل العمل والاجتهاد والتطور وبلوغ الأهداف أصبحت مسألة حتمية خلال المرحلة الراهنة.. والجميع مطالب بدور فيها: الصحفى فى جريدته.. المذيع فى قناته.. الإمام على منبره.. الكاهن فى كنيسته.. المسئول فى موقعه.. الأب فى منزله.. المعلم فى مدرسته.
الجميع اليوم مطالَب بمسئولية حشد الهمم.. ورسم الحلم.. وزيادة الأمل.. ومضاعفة الاجتهاد والعمل.
لن تتحرك دولتنا إلا إذا صاغ كل منا حلماً لنفسه.. ووضع كل الآليات لتحقيقه، وعمل على ذلك بكل جوارحه وقوته.. وهنا يأتى دور الدولة والقيادة لتوفق بين أحلام الأفراد وحلم الدولة.. بمعنى أن يتجه أصحاب الأحلام الصناعية إلى قطاعات تستهدفها الدولة، وأن يتجه أصحاب الأحلام التجارية إلى سلع تفضلها الدولة، وأن يتجه أصحاب الأحلام العلمية إلى مجالات تساعد فى نهضة الدولة، وأن يتجه أصحاب الأحلام الوظيفية إلى مواصفات تعبر عن «الموظف المثالى» فى عصر التقدم والازدهار.
المسألة ليست صعبة، ولكنها تحتاج أن نعمم خطاب الأمل.. وأن يقف كل منا وقفة مع نفسه يحدد فيها أين يقف وإلى أين يتجه، وهل يبذل الآن ما يتوافق مع رغبته فى المستقبل، أم هو مقتصر على التنظير والسخرية والمكوث لساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعى لتصيد الأخطاء للآخرين، والتسفيه من كل مبادر والتقليل من كل إنجاز دون أن ينظر إلى نفسه ليعلم أنه «لا شىء»؟!
ولابد أن يعلم كل فرد يضيّع على مواقع التواصل الاجتماعى ساعات وساعات فى «ترفيه» من وجهة نظره.. أنه يعتبر أداة للناجحين ليحققوا من خلاله نجاحاتهم.. فهذا «اليوتيوبر الشهير» يعتمد عليه فى تحقيق مشاهدات يحصد من ورائها المال.. وهذا «المسوّق» يعتمد عليه فى الترويج لمنتجاته حتى وإن كانت لا تمثل قيمة حقيقية ولكن يقدمها له بطريقة مشوقة.. وهذه الدولة المعادية لأحلام مصر تستخدمه فى إقناعه بـ«خزعبلات» لا أساس لها من الصحة ليهاجم وطنه ودولته.. والشركة المالكة لمواقع التواصل الاجتماعى نفسها تستخدم بياناته وتقوم ببيعها لشركات أخرى كمستهلك محتمل!
لذا علينا جميعاً إعادة حساباتنا وأن نجتهد فى تقييم وضعنا الحالى ونحدد مستقبلنا أين ينبغى أن يكون؟.. وما هو أقصر الطرق إليه؟