صدام بين قطاع الأعمال و200 ألف عامل على "لائحة الموارد"
صدام بين "قطاع الأعمال"و200 ألف عامل
لم يخمد الصدام بسبب تعديلات قانون قطاع الأعمال العام ومشروع لائحته التنفيذية، ولا يزال الموقف مشتعلا بين وزارة قطاع الأعمال العام من جانب والنقابات العمالية وعمالي قطاع الأعمال العام رغم مرور ما يقرب من الشهرين على عرض مشروع لائحة الموارد البشرية لشركات قطاع الأعمال العام، بعد موافقة مجلس النواب على القانون رقم 185 لسنة 2020 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991.
بداية الأزمة
بدأت الأزمة تزامنا مع إعداد وزارة قطاع الأعمال العام مسودة مشروع لائحة الموارد البشرية عقب موافقة مجلس النواب على تعديلات القانون، لتشتعل الفتنة بين أكثر من 200 ألف عامل في شركات قطاع الأعمال العام.
وساهمت بعض صفحات التواصل الاجتماعي في تأجيج الفتنة عندما نشرت بعض المعلومات غير الدقيقة بشأن مشروع لائحة الموارد البشرية لشركات قطاع الأعمال العام، وتم الترويج لمغالطات ومعلومات غير دقيقة تتعلق بها، وتصدير صورة غير صحيحة للعمال بشأنها وفقا لبيان أصدرته وزارة قطاع الأعمال العام في مطلع شهر أكتوبر الحالي.
وزارة قطاع الأعمال توضح الحقائق
وأضافت الوزارة في البيان أنه لإزالة أي لبس في شأن هذا الموضوع تود الوزارة التاكيد على تقديرها واعتزازها بكل العاملين بالشركات باعتبارهم شريكا أساسيا في أي تطوير وتحديث في الشركات، وفيما يتعلق بمسودة لائحة الموارد البشرية للشركات، فنظرا لأهمية وضع نموذج للوائح العمل بالشركات تتضمن القواعد الأساسية المنظمة لها تجنبا للاختلافات الجوهرية بين اللوائح في القطاعات الاقتصادية المختلفة إن لم يكن داخل القطاع الواحد، وبما لا يخل بخصوصية كل قطاع أو صناعة، فتم إعداد مسودة أولية للمناقشة بشأن لائحة الموارد البشرية للشركات "لائحة شؤون العاملين"، وتهدف مسودة اللائحة لزيادة مستوى الدخل بالعديد من شركات قطاع الأعمال العام التي ينخفض فيها مستوى الدخل عن نظيره بالسوق وعن باقي القطاعات والسعي نحو تحقيق عدالة في مستوى الأجور وبحيث لا يكون هناك تفاوت كبير بين الشركات وبما لا يخل في الوقت ذاته بإثابة العاملين بالشركات الرابحة، وذلك إيمانا من الوزارة بأن أي خطط للتطوير والتحديث لابد أن يصاحبها اهتمام بالعنصر البشري، وتقوم الشركات حاليا بمراجعة هذه المسودة لإبداء الرأي بشأنها في إطار من الحوار الهادف لإعداد مسودة نهائية تراعي مصالح العاملين والشركات تمهيداً لاتخاذ اجراءات إصدارها.
"توفيق": لا تخفيض في أجور العمال
وأوضحت الوزارة أن مسودة اللائحة لم تتضمن أي تخفيض أو تقليل في الأجور الأساسية للعاملين أو العلاوات المضمومة أو غير المضمومة أو العلاوات الخاصة سواء للشركات الرابحة أو الخاسرة.
وأكد أن المسودة تضمنت لأول مرة حق الجمعية العامة في إقرار زيادة استثنائية في العلاوة الدورية لضبط مستوى الأجور في بعض الشركات حسب مستوى الأجور في السوق، وذلك مراعاة لأوضاع العاملين بالشركات التى ينخفض فيها الدخل بشكل كبير عن مثيله بالشركات المنافسة.
وأشارت إلى أن المسودة تضمنت وضع حد أدنى من المزايا لكل العاملين بكل الشركات "سواء الرابحة أو الخاسرة"، مثل توفير وسيلة انتقال مناسبة للعاملين أو صرف بدل نقدي للعاملين إلى جانب أحقية العاملين في صرف منح للمناسبات الاجتماعية في حدود 4 أشهر "منحة شهر رمضان - منحة عيد الفطر - منحة عيد الأضحى – منحة عيد العمال".
ربط الحوافز والإثابة بالأرباح
ولفت إلى أن مسودة اللائحة تضمنت ربط الحوافز والإثابة بالأرباح التي تحققها الشركة من خلال صرف حوافز وإثابة للعاملين بنسبة 16% من أرباح الشركة التابعة كمصروفات تُحمل على الشركة، بالإضافة الى نسبة العاملين السنوية في الأرباح المقررة قانونا بنسبة 10% إلى 12% تصرف نقدا بالكامل ودون حد أقصى لعدد الشهور وفقا للقانون رقم 185 لعام 2020، وبالنسبة للشركات الخاسرة فقد تم اعتبار تقليص الشركة لخسائرها بمثابة تحسن أداء يُصرف عنه حوافز وإثابة تشجيعا للإدارة والعاملين على تحسين الأداء وبذات أنسب السابقة.
وطالبت الوزارة الشركات بمراجعة مسودة اللائحة وارسال مقترحاتها إعداد المسودة النهائية وقيام الشركات باتخاذ الإجراءات اللازمة للموافقة عليها بعد أخذ رأي النقابات العامة المختصة بشأنها، وعرضها على الجمعية العامة لاعتمادها وإصدارها وفقا لما تضمنته المادة 42 من القانون رقم 203 لسنة 1991.
وأهابت الوزارة بضرورة تحري الدقة والموضوعية فيما يتم نشره لتجنب التقاف البعض من مثيري الفتنة لتلك الأخبار غير المدققة لمحاولة إثارة البلبة والتأثير سلبا على استقرار وأوضاع هذه الشركات والعاملين بها.
العمال يرفضون
في المقابل رفضت عدد من النقابات العمالية مشروع اللائحة الجديدة واعتبرت أن بنود اللائحة تمثل انتقاصا من حقوق ودور النقابات والجمعيات العمومية إلي جانب حقوق العاملين بالشركات.
وأكدت قيادات اتحاد عمال مصر، أعضاء مجالس إدارات الشركات القابضة، ورؤساء اللجان النقابية في تلك الشركات، الانتهاء من صياغة رؤيتهم، بشأن مسودة اللائحة الموحدة الجديدة المقدمة من وزير قطاع الأعمال العام، موضحين أن الانتهاء من الصيغة النهائية و"الرؤية الموحدة" بداية الأسبوع المقبل، وإرسالها إلى وزارة قطاع الأعمال، والجهات المعنية.
ربط الحوافز والإثابة بالأرباح
وقال الأمين العام لاتحاد عمال مصر، محمد وهب الله، خلال اجتماع بمقر اتحاد العمال الثلاثاء الماضي إن الوزير استعرض خلال اجتماعه معهم خلال الشهر الحالي، بعض النماذج المتعلقة بالأجور لإحدى الشركات كمثال للتطبيق من وجهة نظر الوزارة، وتم الاستفسار من جانب القيادات العمالية عن بعض الأمور المتعلقة باللائحة، لعرضها على اللجان النقابية التي تستعد لصياغة رؤيتها الرسمية بشأن اللائحة، مضيفا أنهم قدموا للجان النقابية ورقة مكتوبة بشأن رؤية الوزير في بعض مواد اللائحة خاصة فيما يخص الأجور.
وأضاف وهب الله، في تصريحات صحفية أن رؤية القيادات النقابية تهدف إلى الحفاظ على استقرار العمل، وزيادة الإنتاج، وتحقيق التوازن في علاقات العمل طبقا للقانون والدستور والاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن رؤية اللجان النقابية ستطالب بمزايا جديدة، مع عدم الانتقاص من الحقوق الموجودة في اللائحة الحالية.
"الفقي": سجلنا اعتراضنا
وقال خالد الفقي عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، إن جميع النقابات العمالية التابعة لشركات قطاع الأعمال العام رفضت مسودة اللائحة الجديدة. وأوضح لـ"الوطن" أن النقابات سجلت جميع الملاحظات التي تراها انتقاصا من حقوق العمال وتم ارسالها إلى الوزارة.
"كرم": المسودة لم تتبع المسار الصحيح
وقال كريم كرم، نائب رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالشركة المصرية لتجارة الأدوية، إن أعضاء اللجنة رفضوا بالكامل بنود المسودة الأولية للقانون شكلا وموضوعا.
وأكد كرم لـ"الوطن" أن أسباب الرفض أن مسودة الائحة لم تتبع المسار الصحيح الذي رسمه القامنون رقم 213 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذه له ولوائحه الاسترشادية.
وأضاف أن بناء على ما سبق وفقا للمادة 15 فقرة (هاء) من قانون النقابات العمالية والتي تخص احقية النقابات العمالية في المشاركة في وضع اللوائح والنظم الداخلية النتعلقة بتنظيم العمل والعاملين وتعديلها. وأشار إلي أن اللجنة النقابية سجلت رفضها لإنقاص أي حق من حقوق العاملين سواء كانت مالية مثل (الأجور الثابتة أو المتغيرة والحوافز والبدلات) أو الخدمية والاجتماعية والثقافية والرياضية.
عمال "الكوك": انتهاك لحقوق العمال
وقال ياسر عبد العزيز، المتحدث باسم عمال شركة النصر لصناعة الكوك، التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، إن المسودة الأولية للائحة الموارد البشرية تمثل انتهاك لحقوق عمال قطاع الأعمال العام.
وأوضح لـ"الوطن" أن بنودها ستخفض دخل العامل بنحو 50% لعدد من الأسباب مشيرا إلي أن أهمها هي ربط الحافز بتقارير الكفاية بالإضافة إلي إلغاء علاوات الخبرة عند التعيين إلى جانب إلغاء العلاج بالشركة وتحويله إلى علاج في منظومة التأمين الصحي علاوة على الغاء الإضافى حيث جعل ساعات العمل الأسبوعية 48 ساعة بدلا من 42 ساعة.
وأضاف أن اللائحة أيضا تمهد لشغل الوظائف القيادية لمدة سنة قابلة للتجديد ويمكن للرئيس التنفيذي خفض درجة شاغل الوظيفة القيادية إلى درجة أدنى دون ذكر مسببات كما منحت الرئيس التنفيذي سلطة إحالة العامل للمعاش وتخفيض العمالة لأسباب مطاطة منها تقليص بعض أنشطة الشركة كما الغت وسائل إنتقال العاملين ومنح بدل انتقال سنوي للعامل بما لا يجاوز أجر شهر وظيفي.
وزير قطاع الأعمال يسعى لنزع فتيل الأزمة
وسعى هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام إلى نزع فتيل الأزمة بوسائل متعددة عبر اللقاءت المباشرة والاجتماعات مع القيادات واللجان النقابية على رأسهم جبالي المراغي رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب أو عبر البيانات الصحفية أو وسائل الأعلام المختلفة.
فعلى المدار الشهر الحالي عقد "توفيق" أكثر من اجتماعات بممثلي اللجان النقابية بنحو 10 شركات مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وكفر الدوار ودمياط للغزل والنسيج والدلتا لحليج الأقطان و مصر للتأمين ومصر للتأمينات الحياة ومصر لإدارة الأصول العقارية التابعة للشركة القابضة للتأمين، علاوة علي الاجتماع مع روؤساء النقابات العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والتجارة والبناء والأخشاب والنقل البري والكيماويات والصناعات الهندسية والمعدنية ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بمجالس إدارات الشركات القابضة الخاضعة.
وأكد "توفيق" خلال سلسلة الاجتماعات على عدم انتقاص حقوق العاملين بعد تطبيق اللائحة الجديدة، موضحا أن هناك زيادة في الأجور بعد زيادة المنح والمناسبات وبدل الانتقال، بالإضافة إلى منح العاملين مبلغًا كدعم مؤقت أثناء فترة تطوير الشركات إلى حين تحسن آداءها المالي.
وعرض "توفيق" أمثله عملية فعلى سبيل المثال، أوضح أن إجمالي الأجور السنوية للعاملين في شركتي المحلة وكفر الدوار معًا، طبقا للائحة الحالية، يبلغ نحو 1.176 مليار جنيه، والذي سيرتفع إلى نحو 1.288 مليار جنيه بتطبيق اللائحة الجديدة.
كما أشار إلى حدوث زيادة كبيرة في الأجور في حال تحسين الأداء المالي للشركات سواء بتقليص الخسائر في المرحلة القصيرة القادمة أو تحقيق أرباح فعلية على المدى المتوسط والطويل.
وأجاب وزير قطاع الأعمال العام خلال سلسلة اللقاءات عن العديد من الاستفسارات وطالب أعضاء اللجان النقابية بضرورة إرسال ملاحظاتهم عن جميع بنود اللائحة مكتوبة حتى تتمكن الوزارة من تجميع الملاحظات تمهيدا لعمل اللائحة النهائية.
200 ألف عامل بالشركات
في النهاية يترقب أكثر من 200 ألف عامل بالشركات التابعة لقطاع الأعمال العام ما ستسفر عنه الايام المقبلة بعد وما سيتم الاتفاق عليه بعد الاتفاق على قيام النقابات العامة بتجميع ملاحظات اللجان النقابية بالشركات التابعة بشأن مسودة اللائحة للعرض على وزير قطاع الأعمال العام الوزير الذي وعد بأخذ هذه الملاحظات إلى جانب ملاحظات إدارات الشركات في الاعتبار ومناقشتها في اجتماع لاحق قبل إصدارها.