كانت سنوات صعبة بالفعل، لا شك فى هذا، بل أعتقد أنها أصعب ما مر على هذا الوادى الطيب منذ قرون عديدة.
فى البدء كانت الثورة.. نعم، كانت ثورة ولن أتنازل عن وصفها بذلك مهما طال الزمن، ثورة قامت لإقرار حق المواطن البسيط فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ثورة وإن شابها الكثير من الأخطاء التى أفقدتها كثيراً من مصداقيتها لدى البعض، كانت شعاعاً من النور الذى بزغ لينهى ظلاماً كان يشتد فى كل يوم حلكة، كانت الرغبة فى غد أفضل قوية بالفعل، فلم يكن هناك غد من الأساس.
لقد قمنا بتجربة كل شىء، كل الفصائل، كل الفئات، قمنا بتجربة الجميع تقريباً، وفشل الجميع!
لم يعلم أحد حتى الآن إن كان هذا الفشل بسبب سوء النوايا، أم بسبب العجز فى إيجاد اللغة المشتركة للتفاهم بين كل فصيل وآخر، أم أنه الفشل فى استمرار لغة الميدان فى أروقة السياسة!
لقد فشل اليساريون، وفشل الإخوان، حتى رهبان الثورة حين تولوا مناصبهم التى يستحقونها، كانت العظام هشة بالقدر الذى لم يحتمل البقاء والتعامل مع الآخر وإقرار الدولة التى نحلم بها.
لقد كان حكم «مرسى» سبة فى تاريخ هذا البلد العريق، لا شك فى هذا، ولن ننسى هذا العام المظلم لأعوام طويلة.
لقد جربنا كل من يصلح، وكل من لا يصلح، حتى لم يعد باقياً سوى استقدام «محترفين» من الخارج ليقودوا هذا البلد! وجعل البعض يتساءل عن إمكانية التعاقد مع مانويل جوزيه لهذا المنصب! ولكن حتى هذا يبدو أن الضائقة المالية قد تحول دون قدومه!
لقد أصبح فى حكم المؤكد أننا نعشق الحكم ذا الخبرة العسكرية، وأن الحلم الطفولى بارتداء بدلة «الظابط» فى العيد لم ينسه الكثيرون، حتى حين كبروا.
أنا لا أعترض على قرار الشعب، فالديمقراطية تقتضى أن أرضى برأيهم، بل وأكثر من هذا فقد قررت أن أدعم هذا الاختيار بكل ما أوتيت من قوة.
نعم، سيدى المشير السابق، والرئيس الحالى، سوف أدعمك بكل جهدى، هذا وعد. ولكننى -اسمح لى- سأستخدم الوسيلة التى لن يستخدمها الكثيرون، سوف أدعمك بأن أكون عيناً لك على كل ما هو خطأ، سوف أذكرك بكل ما يجب عليك أن تذكره، سوف أرصد السلبيات التى ينبغى أن يتم إصلاحها.
سوف أكون عيناً لك، وعيناً عليك.
سوف أنتظر أن تبدأ سيادتك خطاً معتدلاً، يبدأ باحترام الدستور والقانون، وبمد هذا الخط على استقامته نجد أن سيادتك قد أسقطت قانون التظاهر العجيب، وأعدت الثقة لمعارضيك بأن أعدت الإعلاميين الذين توقفوا عن الظهور بأوامر مريديك.
سوف أنتظر برنامجاً إصلاحياً شاملاً، يهدف إلى دعم الاقتصاد وتنمية الموارد.
سوف أنتظر أن أرى من يستحق فى مكانه، وأن أرى أهل الخبرة قد غلبوا أهل الثقة فى عهدك، وأن فلول الحزب الوطنى قد انزاحوا من حولك.
سوف أنتظر عيشاً.. وحرية.. وعدالة اجتماعية.
فهل هذا كثير؟!
سيدى الرئيس الجديد، لقد اختارك الشعب زعيماً، ولم يختاروك رئيساً، فلا تخذلهم.
سيدى، سنطيعك ما راعيت ربك فينا، وما راعيت ربك فى نفسك.
سندعمك ما رأينا فيك ما كنا نتمنى.
فنريدك «ناصر»، دون أن نعيد دولته، نريدك «السادات» دون أن نعيد ظلمه، نريدك «مبارك» دون أن نعيد فساده. صدقنى.. نريدك حلماً لنا، لا حملاً علينا!
تعبنا!