ستزحف الموجة الثانية من كورونا على مصر فى منتصف شهر ديسمبر المقبل. هذا ما أكده الدكتور عبدالمنعم حميد، استشارى أمراض الصدر، عضو لجنة palmed الأوروبية لمتابعة فيروس كورونا، وذلك وفق النتائج والأرقام التى تتم متابعتها بشكل يومى، فنحن لم ندخل الموجة الثانية بعد، خاصة أن الطريق ليس معبّداً حتى الآن للحصول على لقاح، يقضى على الفيروس أو على الأقل يحد من انتشاره. فهل نحن مستعدون لصفعة أخرى من انتشار الوباء وفق زيادة أعداد الإصابات؟ بما يهدد النظام الصحى، وينهك خط الدفاع الأول فى مواجهة تزايد الإصابات، ويلقى بظلاله الثقيلة على المستشفيات التى لن تتحمل تكدس مرضى كوفيد-19؟. هذا الخبر يجعلنا نستدعى القصص المؤلمة التى سبّبها كورونا، ليعود شبح المشاهد المخيفة للمرضى الذين يبحثون عن ملجأ آمن يشفيهم، والوفيات الذين عزف عن دفنهم ذووهم بسبب الخوف من العدوى، فقد تركت الموجة الأولى بصمتها الثقيلة على الأنفس والتى يصعب معها العودة إلى الوراء ليتكرر نفس المشهد، وقد بدأنا نسمع عن إصابات لأشخاص نعرفهم أو يعيشون بالقرب منا.
ورغم السباق المحموم من قبل المعاهد البحثية وشركات الأدوية العالمية على إنتاج اللقاحات الناجعة للقضاء على الفيروس، فإنها تعتبر لقاحات الطوارئ، نظراً لقصر مدة التجارب عليها، لكنها الأمل الوحيد لإنقاذ العالم من انتشار شرس للفيروس فى موجات متتالية حذر منها العلماء ما لم يتم تقويضه والحد من انتشاره، وحتى يؤمن جانب تلك اللقاحات لتكون آمنة، لا بد أن تظهر التجارب السريرية أن اللقاحات تمنع الإصابة بالمرض أو على الأقل تقلل عدد الوفيات، وأن يحدث تطوير على نطاق واسع لمليارات الجرعات المحتملة، وأن توافق الجهات التنظيمية على اللقاح قبل استخدامه، فضلاً عن ثمة اعتقاد بأن 60-70% من سكان العالم يجب أن يكونوا محصنين للحد من انتشار الفيروس، «وهو ما يطلق عليه مناعة القطيع». فإذا كنا نرغب فى عودة الحياة إلى طبيعتها، فنحن بحاجة إلى لقاح. فاللقاح سيوفر لنا حماية من الإصابة بفيروس كورونا، أو سيجعل مرض كوفيد-19 أقل فتكاً.
فجأة توالت الأخبار المبشرة، بلقاحات فاعلة ضد فيروس «كوفيد-19» الذى قتل الآلاف من سكان العالم، وأوقع به خسائر اقتصادية غير مسبوقة، وفى أقل من أسبوع أعلنت شركات أمريكية وألمانية عن اختراق كبير بالتوصل إلى لقاحات فاعلة فى التصدى للفيروس. وكانت شركة «موديرنا» الأمريكية، قد أحيت الآمال بإعلانها الأخير عن لقاحها ضد كورونا الذى أثبت نجاحاً فى التصدى للفيروس بنسبة تصل إلى 95%. وجاء إعلان «موديرنا» بعد أيام فقط من إعلان كل من شركتى (فايزر) الأمريكية و(بيونتيك) الألمانية عن لقاح مماثل ضمن مشروعهما المشترك أكدتا أن فاعليته وصلت إلى 90% فى التصدى للفيروس، لكن متى سيكون اللقاح متاحاً؟ إنه السؤال الذى يريد الجميع أن يعرف إجابته، ففى غمرة ابتهاج العالم بهذه الأخبار السارة، وبعد أن أصبح اللقاح على ما يبدو حقيقة واقعة، بدأ البعض فى طرح أسئلة تبحث عن إجابات، وتتمحور معظم هذه الأسئلة بشكل رئيسى، حول من سيحصل على اللقاح المرتقب أولاً؟ وهل سيتمكن الفقراء فى أنحاء العالم من الحصول عليه فى نفس الوقت الذى قد يحصل عليه فيه الأغنياء؟ هذا بجانب الجدل الذى لم يتوقف بشأن تسييس اللقاح، ثم هؤلاء الذين يرفضون من الأساس فكرة الحصول على أى لقاح!.
وإلى أن يصبح اللقاح متاحاً للجميع، فإن الطريق لن يكون معبّداً، وربما تتعثر فيه دول كثيرة لا تتمتع بالقوة والقدرات الاقتصادية التى تؤهلها للحصول على اللقاح، وهنا فإن العدالة فى التوزيع ضرورة وليست مطلباً وقد حذر كثير من المسئولين، وعلى رأسهم مسئولون من منظمة الصحة العالمية، إلى ضرورة أن يتوخى العالم المتقدم، مزيداً من العدالة فى توزيع اللقاح، بحيث تستفيد منه الدول الفقيرة أيضاً، لذا حذر الخبراء عقب إعلان فايزر عن لقاحها الأخير من العقبات التى قد تواجه البلدان الفقيرة للحصول على اللقاح، فلا بد من اعتماد سياسة عادلة لتوزيع اللقاح، فضلاً عن السؤال الملح على مستوى الأشخاص وهو هل سيُقبل كل الناس على الحصول على اللقاح المرتقب، فى ظل توجس من قبل البعض فى عدة دول من العالم، من فكرة اللقاح فى حد ذاتها ورفضهم لها؟