علا الشافعي تكتب: مهرجان القاهرة السينمائي "sold out"
علا الشافعي
في الدورة الـ 42 لمهرجان القاهرة السينمائي والتي تتواصل فعالياتها حتى الـ 10 من ديسمبر الجاري، أكثر كلمة تتردد داخل أروقة المهرجان وأمام منافذ بيع التذاكر هي كلمة "sold out"، والتي تقريبا ما تسمعها في مختلف التوقيتات قالها نقاد مخضرمين جاءوا يبحثون عن متعة مشاهدة السينما لا أكثر ولا أقل، وبالأمس قالت زميلة وصحفية واعدة ساخرة عندما سألتها "هتشوفي أيه بكرة؟ كله sold out، مهرجان القاهرة رافع شعار السولد أوت أي كامل العدد من اليوم الأول".
تبدو الكلمة جديرة بالتأمل لأنها ببساطة تعكس مشكلة تواجه المهرجان منذ اليوم الأول لبدايات الفعاليات وللكلمة جانب شديد الإيجابية حيث تعكس الكلمة مدى الإقبال الجماهيري، والرغبة في الفرجة، وما يحمله إقامة المهرجانات وتنظيمها من متعة اللقاءات والنقاشات، واكتشاف المواهب الجديدة، والتعرف على سينمات متنوعة، وحضور جلسات نقاشية، مع صناع السينما في العالم، كما أن الإقبال الجماهيري على المهرجان في تزايد مستمر في السنوات الأخيرة، خصوصا وأن الأمر لم يعد يقتصر على النقاد والصحفيين وبعض المهتمين، وصناع السينما، بل زاد عدد الطلبة الذين يحبون أو يدرسون السينما، وارتفع عدد المتذوقين والباحثين عن سينما مختلفة بعيدا عن السينما الأمريكية وذلك نتيجة التطور التكنولوجي الهائل الذي انعكس على صناعة الفنون، والأهم زاد عدد السكان وعدد الشباب وهم الشريحة العمرية الأكثر ارتيادا للسينما، هذا هو الجانب الإيجابي لكلمة "كامل العدد"، والتي يجب أن يحتفي بها القائمين على مهرجان القاهرة السينمائي.
أما الجانب السلبي والذي تعكسه كلمة "كامل العدد" هو سوء التقدير الإداري من جانب المدير التنفيذي للمهرجان والمفترض أن يكون ملما بكل هذه التفاصيل والمعلومات، ومعه رئيس المهرجان، وقدرتهما على طرح حلول لمعالجة هذا الأمر بعيدا عن الحلول الفردية من جانب الزملاء الذين يعملون في إدارة المهرجان، المسألة لا تتعلق فقط بقدرتك على إحضار أفلام شديدة الأهمية وذات سمعة وسيط عالميين إلى المهرجان، بل بقدرتك على توسيع قاعدة مشاهدة تلك الأعمال وإعطاء الفرص لمحبي السينما وليس فقط المهتمين لأنه وقتها ستكون سعيدا جدا عندما تسمع جملة هذا الفيلم شاهدته في مهرجان القاهرة السينمائي وهي جملة تستحق بذل الكثير من الجهد لأجلها.
أعرف جيدا كما يعرف الجميع أن الدورة تقام في ظل ظروف استثنائية، وندرك ما فرضه "كوفيد 19"، من إجراءات مغايرة وتدابير احترازية، وأن قاعات العرض المخصصة للمهرجان تعمل بنصف طاقتها، ولكن ببساطة كان يجب زيادة عدد القاعات المخصصة، أو على الأقل السعي للحصول على دار عرض تستوعب هذا الإقبال في ظل تلك الظروف الاستثنائية.
أضعف الإيمان أن يتم تخصيص عروض صباحية لأفلام المسابقة الرسمية للصحافة والإعلام، مثلما يحدث في كبريات المهرجانات كان وبرلين وفينيسا، برلين مثلا يخصص عرضا في التاسعة صباحا، والثانية عشر ظهرا وكان من الثامنة صباحا.
وهو أمر يعرفه رئيس المهرجان بكل تأكيد وأعتقد أن المدير التنفيذي للمهرجان يدرك ذلك أيضا! لأن الصحفيين والنقاد يتواجدون من أجل عملهم وأبسط شيء يقدمه أي مهرجان هو توفير عرض مخصوص لهم، وهذا الأمر كان سيوفر عدد كراسي للتذاكر المباعة في الحفلات الأخرى، كما أن مثل هذا الأمر سيجعلك تضمن أن يتم تغطية هذه العروض المهمة، ومتابعتها.
وبما أننا في دورة استثنائية كانت يجب أن تكون هناك حلول استثنائية أيضا، بدلا من ترك الأمر للصدف أو الاعتماد على الحلول الفردية، ويبدو لي أن فكرة العروض الصباحية أمر كان يسهل تدبيره مثلما حدث مع الفيلم المصري "عنها" للمخرج إسلام عزازي المشارك في المسابقة والذي عرض أمس، وكانت كامل تذاكر العرضين المخصصين له مباعه من اليوم السابق للعرض ومنذ الحادية عشر صباحا كان كل من يذهب ليسأل عن الفيلم لا يسمع سوى "sold out" وهوأمر غير مفهوم ، لذلك تداركت إدارة المهرجان الأمر وتم تخصيص عرض للصحافة صباح غد الأربعاء.
وهو ما يعني أن الأمر كان سهلا وكان يجب أن يتم تطبيقه منذ ظهور المشكلة.
ما نذكره هنا لصالح المهرجان ولأجل أن يخرج في صورة أفضل في دوراته المقبلة، خصوصا وأن الدورة تحفل حقا بالعديد من الانتاجات السينمائية المهمة والتي سنتوقف عندها في مقالات أخرى، وقد تكون الصور الكثيرة للطوابير التي كانت تقف في انتظار دخول العروض حافزا لإدارة المهرجان للتفكير بشكل مختلف، في الدورات المقبلة.