إبراهيم حجازى يكتب:... هى دى الحكاية!
إبراهيم حجازى
مصر من ست سنوات تبنى فى قواعد مجدها.. بالمشروعات الجبارة التى تشيدها.. لتعوض ما فاتها.. وتقرب المسافات مع من سبقها!
مجالات كثيرة نجحت مصر فى إصلاحها.. وأخرى قيد الإصلاح.. وهى تسابق الزمن فى اقتلاع جذور المشكلات المتراكمة المُرَحَّلَة من سنين طويلة فى كل المجالات دون استثناء!
معركة البناء التى تخوضها مصر حتمية.. لأنه لا غنى عن مشروع واحد منها ولأن كل يوم تأخير يضاعف تكلفة أى مشروع.. وكل ذلك يحدث فى ظل ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة يمر بها العالم بأكمله وليس نحن فقط!
على ضوء هذه الاعتبارات.. لا بد من مراعاة أمور.. لم نضعها فى الاعتبار يوماً.. ربما لأننا «حافظين مش فاهمين».. ونقلد دون أن نفكر ونبحث ونقارن.. ودون أن نعرف هل قرارنا يحمل أفضل الحلول لنا؟. هذه الحكاية مثال!
زمان من قبل ربع قرن.. قررنا فجأة بناء عشر صالات مغطاة فى محافظات مصر! المؤكد أنها بنية رياضية أساسية بالغة الأهمية واحتياجنا إليها بالغ.. وأهميتها وحجم هذه الأهمية يتوقف على الهدف من إنشاء هذه الصالات المغطاة.. التى تخدم جميع اللعبات الجماعية عدا كرة القدم (11 لاعباً) وجميع رياضات المنازلات.. ملاكمة ومصارعة وجودو وتايكوندو ورفع أثقال، إضافة إلى التنس وكرة الريشة والجمباز، يعنى الصالة المغطاة ملعب لكل اللعبات الأولمبية باستثناء السباحة طبعاً!
وقتها.. قررنا ونفذنا الصالات المغطاة العشر.. دون أن نعرف هل هى للمنافسة أم للممارسة؟. يعنى هل هى للبطولات المحلية والدولية أم لأجل أن يمارس عليها شباب المحافظة اللعبات المختلفة!
قررنا وقلدنا ونفذنا الصالات المغطاة.. مثل أغلب الصالات فى العالم.. وطبعاً التكلفة هائلة للخرسانة المسلحة.. وبعد ذلك الأرضية؛ أرضية الملعب.. وقتها كانت خشب باركيه.. وتكلفته عالية وصيانته أعلى، وأخيراً المدرجات عليها كراسى بالشىء الفلانى!
نفذنا الصالات المغطاة العشر.. مثل ما هو قائم فى أغلب الدول.. دون أن نعرف الهدف من إنشائها ودون أن نفكر فى الأنسب الذى يناسب ظروفنا الاقتصادية من جهة ونحقق الاستفادة الكاملة من جهة أخرى.. والأهم أن يكون صالحاً للممارسة وأيضاً للمنافسة!
نعم.. هناك ما يحقق هذا.. لو كنا فكرنا لا قلدنا! الأنسب سأذكره لحضراتكم.. لكن بعد أن تعرفوا حضراتكم ماذا حدث للصالات المغطاة العشر!
الصالات التى تكلفت ملايين الجنيهات فى وقت كان المليون جنيه «حاجة جبارة».. هذه الصالات التى أرضيتها باركيه وكراسيها بالشىء الفلانى وتكييفها مركزى.. فتحناها.. وما إن حدث!
التكييف «باظ» والكراسى اتكسرت والدنيا «زاطت».. لأننا لا نعرف إذا ما كانت هذه الصالات للبطولات وأى مستوى من البطولات.. أم للممارسة واللعب عليها.. وفى النهاية فكرنا وفكرنا.. ووجدنا أن أفضل فائدة لهذه الصالات.. أن نقفلها! يعنى لا شباب لعب ولا رياضة استفادت ولا وفرنا الملايين وقتها!
طيب.. وما هو الأفضل والأنسب الذى كان بالإمكان تنفيذه.. لو فكرنا!
هذا الأفضل والأنسب.. واقع قائم على الأرض.. لا مجرد فكرة فى الخيال!
هذا الواقع شاهدته بنفسى فى إيطاليا.. خلال بطولة دولية ودية فى كرة اليد أقيمت فى جنوب إيطاليا بمدينة باليرمو وشاركت فيها منتخبات فرنسا وألمانيا والسويد وإيطاليا ومصر.. المفاجأة التى أبهرتنى!
الصالة المغطاة التى أقيمت عليها البطولة.. لا هى مكيفة رغم الحر فى جنوب إيطاليا.. ولا هى أرضيتها باركيه.. إنما الأرضية أسفلت.. آه والله أسفلت! ولا هى مدرجاتها خرسانة.. إنما مدرجاتها ردم.. يعنى تكلفة ببلاش ولا توجد كراسى على المدرجات.. إنما الجلوس على أسمنت أرضية المدرجات! ولا هى سقف خرسانة إنما سقف جمالون! ولا هى مكيفة.. لكنها تعتمد على التكييف الربانى!
أعلى مدرج فى الصالة.. له سور ينتهى ارتفاعه على مسافة مترين تقريباً من السقف الجمالون.. وهذه المساحة شبابيك ألوميتال منزلقة.. أعلى مدرجات الصالة من كل الاتجاهات.. وهذه الشبابيك المفتوحة فى «عز» الحر.. مصنع تيار هواء ولا أعظم تكييفات العالم يقدمه! الميزة العبقرية أن تيار الهواء يتخلل المدرجات دون أى تأثير على الملعب!
طبعا حدوتة الأرضية الأسفلت للملعب.. قانونية.. لو لم تكن قانونية ما أقيمت عليها بطولة دولية.. فيما منتخبات أوروبا أبطال العالم! موضوع الأسفلت استوقفنى وحيرنى.. ولما سألت.. عرفت أنه نوع معين من الأسفلت.. أقل صلابة بكثير من الباركيه.. وأكثر حماية للاعبين من الباركيه.. والأهم! تكلفته بالنسبة للباركيه ببلاش كده!
صالة مغطاة بمواصفات صالة باليرمو.. صالة ضد «الكسر»! يعنى لا كراسى تتكسر لأنه لا توجد كراسى.. ولا تكييف يِضْرَب.. لأنه لا يوجد تكييف.. ولا أرضية ملعب صيانتها بالشىء الفلانى.. لأنها أسفلت يتم تخطيطه مرة كل كام شهر.. وخرطوم مياه يعيد له بريقه!
صالة مغطاة بمواصفات صالة باليرمو.. صالحة للممارسة والمنافسة وغير قابلة للعطب!
صالة مغطاة بمواصفات صالة باليرمو.. العشرة منها بتكلفة صالة مغطاة «من إياهم»!
على أى حال نحن فيها، والفرص قائمة أمامنا! تعالوا نساعد الدولة فى معركة البناء! هى توفر مساحة أرض صالة مغطاة فى كل محافظة.. وإحنا الشعب كل واحد منا فى محافظة.. يساهم بنصيبه فى بناء الصالة.. فقط يدفع عشرة جنيهات!
والله العشرة جنيهات تبنى الصالة.. لأن «القليل من الكتير كتير».. وهى دى الحكاية!