كان عاشقا لوالدته، رافضا أن يُصيبها مكروه، ويسعى دائمًا لحمايتها وإرضائها بكل السبل، وعندما علم بإصابة والدته بكورونا صدمه الخبر بشدة، لا سيما مع إصابة شقيقه هو الآخر، وتم نقلهما لقسم العزل بمستشفى التأمين الصحي بمحافظة الفيوم، لكن الجانب الجيد في الأمر، هو أنه كان يعمل مُمرضًا بإحدى الوحدات الصحية بقرية نائية، فقرر التطوع للعمل بقسم العزل، لكي يكون بجانب والدته وشقيقه.
ورغم أن والدته كانت في حالة سيئة للغاية، إذ وصلت نسبة الأكسجين في جسدها إلى 52%، إلا أن وجود ابنها بجوارها، مشرفا على حالتها وداعما لها، جعلها تتحسن سريعا، بل وشُفيت، كما تعافى شقيقه تمامًا، لكن الابن البار ويدعى «عبدالمنعم» قرر مواصلة التطوع بقسم العزل لخدمة مرضى كورونا، خصوصًا البسطاء القادمين من القرى الريفية، ليساهم في شفاء العشرات من مرضى الفيروس، إلا أنه أُصيب هو، وتدهورت حالته خلال 4 أيام فقط، ليتوفى تاركًا ثلاثة أبناء.
وقال سيد رجب، مشرف بقسم قسطرة القلب، الصديق المُقرب لشهيد كورونا، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنّ «عبدالمنعم تطوّع لخدمة مرضى كورونا عقب إصابة والدته وشقيقه بالفيروس، ونقلهما لقسم العزل بمستشفى التأمين الصحي في يونيو الماضي، وبعدما تماثلا للشفاء وخرجا قرر مواصلة التطوع في المستشفى».
وأشار إلى أنه تواصل معه منذ فترة وأخبره الفقيد، أنه أتقن طرق علاج مرضى كورونا، طالبًا منه أن يُخبره عن أي حالة مُستعصية في عزل منزلي، ليقدم لهم الرعاية الطبية اللازمة مجانًا لوجه الله، خصوصًا في القرى الريفية البعيدة لأنّ أهالي القرى مظلومون بسبب قلة الأطباء في الوحدات الصحية، وصغر سنهم وقلة خبرتهم حال تواجدهم مما يتسبب في تدهور حالتهم بصورة سريعة.
وكشفت آمال كمال عامر، ممرضة بمستشفى التأمين الصحي، في تصريحات خاصة لـ«الوطن» أنّ «عبد المنعم» كان يعمل ليلا نهارا في خدمة المرضى، ولم يكن يستريح إلا وقت قليل جدًا، وشاء القدر أن يُصاب بالفيروس وبسبب المجهود الذي كان يبذله وقلة راحته تدهورت حالته سريعًا، وتم وضعه بغرفة العناية المركزة ولكنه توفي عقب إصابته بـ4 أيام فقط.
ولفتت إلى أنّ «عبدالمنعم» يبلغ من العمر (38 عامًا)، وأنّه أب لثلاثة أطفال مريم (8 سنوات)، وعبيدة (3 سنوات)، وأصغرهم نور (سنة)، مؤكدةً أنه كان من أكثر الشخصيات الوقورة والمحترمة والخدومة جدًا، وأنّهم أُصيبوا بصدمة بسبب وفاته.
تعليقات الفيسبوك