يبدو الوضع مختلفاً تماماً بين مواقع التواصل الاجتماعي التي تضج بالجدل الدائر حول جثمان الراحل عبدالحليم حافظ، وبين الواقع الذي يشهده المدفن في منطقة المقابر بالبساتين بمحافظة القاهرة، يشتد الجدل، وتتناثر الأقاويل، وتتنازع بعض الأطراف حول حقيقة بقاء الجثمان بدون تحلل طوال 31 عاماً، بينما يرقد هو في هدوء شديد لا يشغله ما يدور في الخارج، ويبقى باب المقبرة مغلقاً على ذلك اللغز الذي حير رواد السوشيال الميديا.
تصريح مثير للجدل تناقلته وسائل الإعلام المصرية والعربية، أحدث ضجة كبيرة لم تهدأ الآن، حيث قال محمد شبانة نجل شقيق العندليب، أنه منذ سنوات اضطر إلى فتح المقبرة التي يرقد فيها والده وعمه، للاطمئنان على أن المياه الجوفية التي أغرقت المقابر المجاورة لم تمس رفاتهما، ليفاجأ هو والتربي وشيخ المسجد اللذان نزلا معه، بأن جثمان عمه لم يتحلل ويرقد بكامل هيئته التي توفي عليها، بحسب روايته.
«الوطن» في مقبرة «العندليب»
قررت «الوطن» التوجه إلى مدفن الفنان الراحل، الذي أصبح تريند محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، في الأيام الأخيرة لنكتشف أن تلك الضجة لم تخرج عن نطاق الإنترنت، وكل سكان المقابر والمحيطين به في مقبرته لا يعرفون شيئا عما يثار في الفضاء الإلكتروني، حتى التُرابية الذين يعملون في المنطقة لم يصل إلى مسامعهم أي من هذا الكلام، وذلك في الوقت الذي تحفظ فيه التُربي المسئول عن مقبرة عبدالحليم حافظ عن الحديث، مكرراً جملة: «أنا معرفش أى حاجة عن الكلام ده».
شارع طويل وممتد، يتسع لما يزيد عن أربعة أمتار، في المدخل تجد مدفن الشيخ الراحل عبدالباسط عبدالصمد، يليه مرقد الفنان حسين رياض، ثم بعد ذلك قبر «العندليب»، الذي تزينه الأشجار الخضراء، ذات المظهر الجمالي الجذاب.
الهدوء التام، هو أحد سمات الشارع، مقبرة «حليم» مغلقة دائما لا تفتح أبوابها لأحد، قفل حديدي وجنزير يحكمان قبضتمها على الباب الحديدي الضخم، الذي يعلوه لوحة تحذيرية للمارة، بضرورة عدم كتابة أي شعارات أو كلمات في حب «العندليب» علي جدران المقبرة.
سكان المقابر: محدش بيزوره من وقت انتشار كورونا
يقول محمد مصطفى، 57 سنة، أحد سكان المقابر، أن مقبرة العندليب تعد من أكثر المقابر شهرة في تلك المنطقة، وكان يأتي إليها العديد من المحبين له، في مختلف أوقات العام، إلى أنه مع انتشار فيروس كورونا، انعدمت الزيارات للقبر، وظل «حليم» يرقد وحيدا دون محبيه: «كل سنة كان بيتعمل صوان في الشارع كله، في ذكرى وفاته يوم 30 مارس، وكنت بشوف ناس ملهاش عدد بتيجي علشان تزوره».
تسبب فيروس كورونا المستجد في حرمان «العندليب» من محبيه بعدما ألغى فكرة إقامة سرادق له العام الماضي: «السنة اللي فاتت بس هي اللي متعملش فيها صوان في الشارع، علشان كورونا».
لم يكن ضاحي محمد، أحد العاملين في ورشة داخل المقابر، أن الفنان الراحل يرقد بالقرب منه، علي الرغم من أنه كان يلاحظ حركة غريبة ونشاط ملحوظ داخل المقابر في شهر مارس من كل عام: «كنت بلاقي ناس كتير معدية من قدامي، منهم اللي معاه عربيات ومنهم اللي ماشي علي رجليه، بس مكنش بيجي في بالي إن عبدالحليم مدفون هنا، لأني كنت ساكن وشغال عند عين الصيرة قبل ما أجي هنا».
منذ عامين قرر العجوز أن يسأل «تربي»، عن سبب الكثافة الكبيرة التي يلاحظها كل عام في المنطقة: «عرفت منه أن هنا مدفن عبدالحليم حافظ، ولأني مابعرفش اقرأ قلت له تعالى معايا وديني عنده عايز اقرأ له الفاتحة، وفعلا رحت له، لأني كنت بسمع له وأنا شاب، ربنا يرحمه كان بيعبر عن كل اللي جوانا».
تعليقات الفيسبوك