مؤامرات واعتبارات حقوق الإنسان

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

أكدت أزمة تقرير البرلمان الأوروبى بتصويته بالألف صوت على اتهام الصين وإيران ومصر دون تركيا أو غيرها من الدول التى تناوش الأمريكان، بأنها دول مارقة فى حقوق الإنسان، خارقة فى تعهداتها الدولية، مما قابلته وسائل الإعلام والأقلام السياسية المصرية بفاصل من الردح السياسى، الذى لا يفهمه العقل الأوروبى وفاصل من الرد الركيك فى أقلام هنا وهناك ومواقع عندنا فقط وليس عندهم، ولا يقرأها أحد غير شعبنا المحلى الطاعن فى المحلية، وكأن مصر دولة معلبة مغلفة ليس لها حدود مفتوحة على الجميع ومتاحة للكافة، الأمر الذى يجعل القارئ أو المستمع يظن أن مصر هى الوحيدة التى تتلقى ملاحظات مثلنا.

هناك ظاهرة صاحبت ثورة يونيو رغم إيجابياتها الكثيرة وأهمها أن يأتى حكم وطنى مصرى لا ينتمى إلى أى لوبى خارجى، وإنما من خليط الأرض المصرية والجندية المصرية، وهذه الظاهرة تعتبر أى نقد لمصر هو كفر بيّن، أو أى تعليق على مشروع هو إنكار فاضح، وأى رأى فى سياسة أو مشروع هو تعدٍّ صارخ علينا وعلى كرامتنا، وما صاحب ذلك من سخرية بعض الأقلام.

وهناك مكارثية مصرية تتوسّع فى كل الأوساط السياسية والإعلامية أن كل من ينتقد أو يعترض هو كافر بالوطنية وناكر للوطنية، ورغم الصحة النسبية لهذا الرأى، لأنه من المؤكد أن الغرض مرض وأن من يعرضون بمصر وعن مصر كثيرون ازدادوا ظهوراً بعد ظهور بايدن رئيساً.

ولعل الحلقة المميزة لبرنامج عمرو أديب تكون خروجاً عن هذا الشطط الوطنى، وتعاملاً عقلانياً مع مؤتمرات سياسية فى معظمها، وإن صح الهدف فإن الغرض نكاية بالمرض لمصر وشعبها.

لا بد من التذكير بأن هذا البرلمان لم نره يعتاد أن يدين الممارسات الإسرائيلية فى الأرض المحتلة وقتل الأطفال العزل واغتصاب الأرض لبناء مستوطنات عليها وآلاف المعتقلين فى السجون الإسرائيلية، ولم يخرج عنه بيان يدين مقتل جورج فلويد و٩ من السود فى ولايات مختلفة بأمريكا، ولم يُدِن يوماً الإرهاب فى سيناء والحدود الشرقية والمنطقة الغربية، ولم يلتفت إلى ما قامت به الدولة المصرية من تقدم واضح فى وقف الهجرة غير الشرعية والتقدم الملموس، الذى لا تخطئه العين فى تحسين جودة الحياة للمصريين، ويتضح مما سبق أن خطاب البرلمان الأوروبى يتسم بازدواج المعايير، ولم يعد هذا الخطاب يجدى معنا الآن، فمصر ٢٠٢٠ تختلف عن مصر ٢٠١٣، فلم تعد الدولة الهشة فقد أصبح لها درع وسيف، ولكن لا بد من الأخذ فى الحسبان وضع سقف للحبس الاحتياطى، حتى لا يتحول إلى عقوبة، وهذا كان طلب المجلس مراراً من مجلس النواب، لتعديل قانون الإجراءات الجنائية.

الدستور المصرى يتضمّن بوضوح حماية حقوق الإنسان، ومصر شكّلت مجلساً قومياً لحقوق الإنسان، ووزارة الخارجية لديها قطاع خاص بحقوق الإنسان، ووزارة الداخلية لديها قطاع خاص بحقوق الإنسان، ويجرى دعوة الإعلاميين والنواب والشخصيات العامة مرتين سنوياً لزيارة السجون المصرية والتأكد من احترام الحقوق الشخصية والقانونية وحق توكيل المحامى وحق العرض الطبى وحق التحدث للأقارب والأسر والزيارات الدورية، وقد تكون تعاملات بعض شباب الضباط أو بعض أمناء الشرطة من الخريجين الجدد، إلا أن مصر شهدت على الأقل ١٠ قضايا فى السنوات الخمس الأخيرة من عقوبات الضباط والأمناء والجنود فى عدة وقائع، ولم تتدخل وزارة الداخلية فى أعمال القضاء، ومن كانت لديه شكوى فليتقدم فوراً لوزارة الداخلية أو مجلس حقوق الإنسان.

ومن المؤكد أن المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للطفولة يشكلان إضافة حقيقية لحماية حقوق المرأة كإنسان وحقوق الطفل كإنسان صغير السن، لكن له كامل حقوقه، وتلك إضافات لا بد أن يلتفت إليها مجلس النواب الأوروبى، وكما قال الرئيس السيسى بحق إن حقوق الإنسان ليست فقط حق التظاهر وحق النقد، وإنما حقوقه الأساسية فى الأمن والغذاء والدواء والتعليم والإسكان والكساء، فهى حقوق قد تكون أهم من حق التعبير، وراجع معى آيات القرآن فى حقوق الإنسان التى أعلنها الله سبحانه وتعالى فى سورة طه من الآية 117 حتى الآية 122.