الشيخة «أمينة» مقرئة كفيفة: بشوف بكلام ربنا وبلف بيوت البلد أقرا فيها
المقرئة الثمانينية: فقدت النظر في طفولتي وحفظت القرآن كاملا في 3 سنوات
الشيخة أمينة
60 عاما في رحاب الله؛ جابت الشوارع والأزقة ترتل كتاب الله، لم تترك بيتا في قريتها إلا ودخلته تقرأ القرآن، يتبارك بصوتها الحاني أصحاب البيوت وينادونها بـ«البركة» في حلها وترحالها، تحمل الصغار بين يديها ترقيهم بما أتاها الله وما تيسر من كتابه، يهدأ بين يديها الباكي والحائر، ويجد الضائع بوصلة النجاة.
الشيخة أمينة إبراهيم؛ تستخدم القرآن نورا وعكازا لظلام عينيها، وتستند على علمها بكتاب للتغلب على عثرات الحياة ومشاقها. يستعين بها أهل قرية «الدير» مسقط رأسها لتقرأ ما تيسر لها من كتاب الله لتحل البركة عليهم وعلى أطفالهم.
في الصباح الباكر تخرج الشيخة الثمانينية الكفيفة من منزلها، رفقة ابنتها التي ترشدها إلى الطريق، تجوب معها المنازل للقيام بعملها الذي اعتاد عليه لأكثر من 65 عاما، «أنا بدأت حفظ القرآن وأنا في سن 7 سنوات، وفقدت النظر في سن 9 سنوات وأنا بلعب مع الأطفال».
بدأت مهنة قارئة القرآن في المنازل وهي في سن 15 عاما
3 سنوات احتاجتها الشيخة أمينة لحفظ القرآن كاملا، وظلت تعيش حياتها داخل منزلها محاولة تقديم المساعدة لأسرتها على قدر مقدرتها، حتى قررت العمل في تلاوة القرآن، «بدأت أشتغل في قراءة القرآن في البيوت وأنا في سن 15 سنة، وفضلت شغالة على كده لحد لدلوقتي».
تتنوع الأسباب التي تدفع أهل القرية لطلب الشيخة أمينة لطلب القرآن في المنازل، فتارة لتحل البركة في المنزل بقراءة شخص فيه، وأخرى لرقية الأطفال والأبناء وممن يشعرون بالحسد، «لو في عزاء للسيدات، أو الأربعين بتاع حد متوفي برضوا بروح أقرا القرآن هناك للستات».
في حوالي الساعة العاشرة صباحا تبدأ رحلة الشيخة الثمانينة، اليومية في عملها وتنتهي مع آذان المغرب، وتستمر طيلة الأسبوع عدا يوم الثلاثاء، لترتاح فيه من عمل طوال الأسبوع، «وكمان عشان أسيب فرصة لبنتي تشوف بتها وتشتري الأكل والخضار لزوجها وأولادها».
«أمينة»: لا أطلب مبالغ من المال والقرآن هو نور حياتي
لا تطلب الشيخة أمينة مبلغا معينا من المال مقابل تلاوتها للقرآن أو رقيتها لأحد الأشخاص، وإنما تترك للشخص حرية المال الذي يريد أن يدفعه، «كل واحد واللي يجود بيه، ولا عمري أقدر أقول ده قليل أو كثير كله كرم وفضل من ربنا».
رغم فقدانها للبصر لا تشعر بالحزن تجاه تلك الإعاقة، بل على العكس تسعد بها وتشكر الله عليها دوما، «العمي سبب في إني أحفظ القرآن وأشتغل بيه، والقرآن هو حياتي مقدرش أبعد عنه أبدا حتى لو يوم واحد».