السيد على أبو فرحة يكتب.. جامعة البسفور: عندما يكون الطلاب إرهابيون ينشرون الخراب (١)
السيد على أبو فرحة
ماذا يحدث في جامعة البسفور؟ ولماذا يتظاهر منتسبيها؟ ولماذا هذه الجامعة تحديداً؟ ولماذا اتسعت رقعة الاحتجاجات في جامعات أخرى؟
شهدت جامعة البسفور – بوغازيجي في اللغة التركية- أرقى وأقدم الجامعات التركية، احتجاجات عنيفة منذ مطلع شهر يناير العام الجاري، وقد جاءت تلك الاحتجاجات على خلفية زحف أردوغان على مساحة جديدة في المجتمع والدولة التركية بهدف تأميمها سياسياً وعقائدياً، حيث أصدر قراراً رئاسياً بتعيين "مليح بولو" رئيساً للجامعة في مطلع يناير، ولكن يجب قراءة هذه الحادثة في إطار صورة أوسع مفرداتها كالتالي:
- يسعى أردوغان لتأميم سياسي وعقائدي للمؤسسات التعليمية في ضوء استراتيجيته التدريجية بعد زحفه على المؤسسة العسكرية ثم القضائية على مدار العقدين الفائتين، وذلك بهدف إحكام سيطرته الشخصية والحزبية على كافة مؤسسات ومقدرات الدولة التركية لتأمين استمراره حاكماً لتركيا لأطول فترة ممكنة، وهو ما تمثل في تعديل آلية تعيين رؤساء الجامعات عشية محاولة الانقلاب عليه في ١٥ يوليو ٢٠١٦، ليكون بموجب قرار رئاسي منفرد لا يأخذ في اعتباره أية أصول جامعية.
- زكت شهوة أردوغان نحو إحكام قبضته على التعليم موقف تلك الجامعة تحديداً لعدة اعتبارات أولها أنها أحد أكثر الجامعات التركية استقلالاً عن الحياة السياسية من ناحية، وبُعداً عن توجهاته الفكرية حيث ينشط فيها اليساريون" من ناحية أخرى، ثانياً أنها البوابة الأهم للنخبة السياسية والقضائية والاقتصادية التركية على مدار عقود، وثالث تلك الاعتبارات وأهمها هو موقف طلابها عام ٢٠١٨ الرافض للتدخل العسكري التركي في شمال سوريا وذلك عبر تظاهرات عارمة انتهت بقمع شرطي، وقد وصفهم أردوغان حينها بـ "الخونة والإرهابيين".
- أصدر أردوغان في مطلع يناير ٢٠٢١ قرارا رئاسيا بتعيين "مليح بوبلو" رئيساً للجامعة، وهو من غير منتسبيها حيث يعد أول رئيس لها من خارجها منذ عام ١٩٨٠م، كما أنه شخصية حزبية ترشحت سابقاً عن الحزب الحاكم في الانتخابات، وغير مرموقة أكاديمياً، وكان قد عّين أردوغان عشية محاولة انقلاب ٢٠١٦ رئيسا لذات الجامعة ولكن من منتسبيها وذلك بعد أيام قليلة من انتخاب رئيسها قبيل المحاولة الانتقلابية.
- تصاعدت احتجاجات منتسبي الجامعة واتسعت نطاقها في ضوء تضامن طلاب جامعات تركية أخرى معهم، حتى وصفهم "أردوغان" بـأنهم "إرهابيون ينشرون الخراب" ووصف وزير داخليته "سليمان صويلو" موقفهم بـ"الفاشي"، مؤكداً عضويتهم في منظمات إرهابية كـ"الحزب
- الشيوعي وحزب التحرير الشعبي الثوري"، واتسعت دائرة الاعتقال والتوقيف بين طلابها فقط لتصل لمائتي طالب تقريباً.
- وكرد فعل على تلك الاحتجاجات أصدر أردوغان قراراً بتعيين ١١ رئيساً جديداً دفعة واحدة عقب شهر من احتجاجات البسفور، ليؤكد لأنصاره سيطرته على الموقف.
يبدو مما سبق أن الواقعة المذكورة تجلياتها السياسية أوسع من مجرد تعيين أكاديمي، وهو ما سنتناوله في مقام لاحق.
د.السيد علي أبو فرحة، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين