«ناصرة» هربت من أسرتها إلى شوارع دسوق: «أواجه البلطجة بملابس الرجال»
ابنة شبرا بائعة البلاستيك: «أهلي كانوا بيجوزوني كتير والشارع أحن منهم»
«ناصرة» هربت من أسرتها في القاهرة لتقيم في شوارع دسوق:«تنكرت في ملابس رجال خوفاً من البلطجية»
ترتدي ملابس رثة لا تبدلها، عبارة عن «تيشيرت» و«بنطلون»، تراها متجولة في شوارع مدينة دسوق، في محافظة كفر الشيخ، متخفية في زي الرجال حتى لا تتعرض لمضايقات، تكسب قوت يومها من «عرق جبينها»، حيث تطوف المدينة شرقاً وغرباً بحثاً عن «البلاستيك»، تجمعه ثم تبيعه لجامعي «الخردة»، ليستقر بها الحال في نهاية كل يوم شاق إلى رصيف مسجد «سيدي إبراهيم الدسوقي»، حيث تقيم في ركن بسيط، تضع به بطانيتين ومخدة صنعتها من بعض القصاصات.
نفسي في مأوى
تحدثت السيدة الشابة، التي تتخفى في ملابس الرجال، لـ«الوطن»، عن طفولتها، قائلةً إن اسمها «ناصرة»، لا تتذكر أنها عاشت طفولة طبيعية، أو فترة مراهقة عادية، بل عاشت في قهر من أهلها، حيث تاجروا بجسدها لمرات عديدة، وأوضحت بقولها: «هربت منهم علشان بيجوزوني كل شوية للي يدفع أكتر، وياخدوا الفلوس، وأقعد شوية مع الزوج وبعدين اتطلق، فكرهت العيشة».
وتابعت السيدة التي تبدو أنها في منتصف العقد الثالث من عمرها: «أنا معيشتش طفولة ولا مراهقة عادية، أنا اتقهرت، وعلشان كدا سيبت أهلي في شبرا بالقاهرة، وجيت على دسوق، أنا بأحب أولياء الله الصالحين ومكنش ليا وجهة، فتوكلت على الله وجيت على هنا».
السيدة الشابة لم تجد لها مأوى ولا ملاذ تلجأ إليه إلا الرصيف بجوار مسجد «الدسوقي» في مدينة دسوق، وقالت: «أنا مليش مكان، ولابسة لبس رجالة علشان محدش يضايقني، وباشتغل علشان أقدر أصرف على نفسي، أنا مش بأمد أيدي لحد، لكن نفسي في مكان أعيش فيه مستورة، وهأشتغل، ومش عاوزة أرجع لأهلي تاني علشان ميبعونيش تاني للي يدفع، أنا لقيت الشارع أحن عليا من أهلي، لكن بأتعرض لمضايقات، رغم تشبهي بالرجال».
ترتكز «ناصرة» إلى جوار شجرة كبيرة على رصيف المسجد، يعرفها البعض، لكن قليلون يعرفون أنها فتاة وليس رجلاً، وتابعت بقولها: «بأنام جنب شجرة هنا بجوار المسجد، ومحدش عارف إني بنت، ناس قليلة أوي اللي عارفة، وأنا مش بأحاول أظهر على أني بنت، علشان خايفة من البلطجية، وبأتعامل على أني راجل، كان نفسي أهلي يكون عندهم عطف وحنية، مكنتش عاوزة أهرب لكن أفعالهم أجبرتني».
لا تحلم «ناصرة» سوى بمكان تعيش فيه عيشة آدمية، تقيها من برودة الشتاء ومن حرارة الصيف، وعبرت عن ذلك الحلم بقولها: «مش عاوزة حاجة غير مكان يأويني ويلمني، وهأفضل اشتغل وأصرف على نفسي، أنا كنت حاسة إني زي العبيد اللي بيشتروا ويبيعوا فيهم».