3 مشردين في شوارع كفر الشيخ "الظلم والمرض أكلا أجسادهم"
محمد طرده أبناؤه طمعا في أملاكه.. فقصد شارع مسجد الدسوقي
المشردون في شوارع كفر الشيخ
مشردين في الشوارع، لا يعرفون وجهتهم ولا من أين أتوا، يجوبون الشوارع، ليجدوا مكاناً بجانب الأرصفة أو بجوار المنازل أو تحت الكباري بمدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، يحلمون بمأوى يقيهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء، بعضهم طرده ذووهم، وآخرون يعانون من أمراض عدة .
«محمود وصالح ومحمد»، 4 مشردين مسنين، يواجهون الشارع وحدهم بمدينة دسوق، يعطف عليهم بعض الأهالي الذين يعرفونهم عن ظهر قلب، يمدونهم بالمأكل والمشرب، لكنهم لم يستطيعوا توفير مأوى لهم، وياملون أن تنقلهم الدولة إلى دور رعاية لرعايتهم، مثلما حدث مع« إيمان»، التي جرى نلقها لإحدى دور الرعاية بالإسكندرية، عقب نشر« الوطن» قصتها مع التشرد والإعاقة.
بملابس رثة، لا يُبدلها، يعيش عم محمود كما يعرف هو أو كما يقلبه أهالي دسوق، في«عشة خشبية» على نهر النيل، منذ 5 أعوام، لا يعرف من أين أتى ولا من هم اهله، في الصباح تجد الرجل متجولاً بين الشوارع، محاولا إيجاد لقمة عيش، يتعاطف معه البعض وتمده إحدى الجمعيات الخيرية بما يحتاجه من مأكل، لكن لا أحد استطاع توفير مأوى له وفق ما قاله محمود أبو الحسن، أحد أعضاء جمعية خيرية: «بنشوف عم محمود من يجي 5 سنوات، بنديله أكل لكن منقدرش نوفرله سكن، إحنا بيصعب علينا منظره، زمان كان ممكن يدخل المسجد يقضي حاجته لكن مع انتشار كورونا، وغلق المساجد، أصبح يقضيها في الشارع أو النيل، وعايش في عشة خشبية، كل ما يملكه هو بطانية وقصاصات قماش عملها مرتبة لينام عليها».
الرجل الذي يبدو من هيئته انه يعاني بعض الأمراض المزمنة، لا يعرف من اين جاء وإلى أين يذهب، فبكلمات لم يستطع نطقها يقول: «اسمي محمود وجيت من بلاد ربنا الواىسعة، وعايش برضو في أرض ربنا، الحمدلله، تعبان لكن بحمد ربنا»، لا يستطيع الرجل التعبير عن نفسه، ويبدو أنه يعاني من أمراض جعلته متلعسماً في الحديث ، كل ما يتمناه اهل المدينة الذين يعرفونه، ان يجد مأوى يقيه حرارة الجو وبرد الشتاء، وأن يلقى رعاية طبية.
بجسد نحيل ولحية كثيفة، ينام صالح وسط أكوام القمامة بجوار المدرسة الإعدادية بنات الواقعة بشارع سعد زغلول في مدينة دسوق، يختلف حاله قليلاً عن عم محمود، فهو شاب يبدو أنه في نهاية الـ 40 من عمره، يعي ما يحدث حوله، لكن يبدو أنه مهتز نفسيا، حافظا للقرآن الكريم، لكن ظروف ما لا يريد أن يحكيها، جعلته يترك قريته الجزيرة الخضراء بمركز مطوبس، لينتقل إلى الشارع ليصبح مأوى له، هو رجل هادئ الطباع، لكنه أحياناً لا يستطيع التحكم في ظروفه.
محمود يعيش في «عشة خشبية» ويعاني من أمراض ولا يعرف أحداً
«بقاله أكتر من سنتين هنا في الشارع، راجل هادي مش بيأذي حد، الناس بتحبه وبتعطف عليه، لكن يعينى بيصعب عليهم، صيف شتاء دا مكانه وسط القمامة وفي الشارع، ونفسنا تكون بلدنا خالية من المشردين، بنحاتول نبحث عنهم ونوصل صوتهم، لما لقينا البلد بتتغير والريس بيوجه برعايتهم»، بهذه العبارات يحكى محمود أبو الحسن، عضو إحدى الجمعيات الخيرية، مآساة الرجل، مطالباً بان يتم توفير أماكن لنقل هؤلاء المشردين .
تقترب من الرجل، يقابلك بكل ترحاب، لا يرغب في الحديث كثيراً بقدر رغبته في ان يسمع كل من يقترب منه، صوته وهو يتلو القرآن الكريم، وحينما ينتهي لا يقوى على التحدث، لكنك تجده راضي بما يعيش فيه حتى وأن كان بين أكوام القمامة:«أنا مش عاوز حاجة، أنا كويس الحمدلله باكل وبشرب وبنام في الشارع، مش طالب حاجة غير ستر ربنا».
على رصيف مسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، يجلس عم محمد، البالغ من العمر أرزله، مرتدياً جلباب «مُتسخ»، وإلى جواره أكياس بلاستيكية، بعضها به بقايا طعام، جمعها ليسد رمقه بقها، تختلف قصته عن قرينيه السابقين، يبكي الرجل على حاله، فكان يوماً ما من أصحاب الأملاك، لكن أولاده وأشقائه طردوه ليستولوا على ميراثه، فجاء من مركز شبراخيت بمحافظة البحيرة، الى مدينة دسوق، مصمماً ان تكون وجهته «ولي الله إبارهيم الدسوقي»: «كنت عايش مرتاح وعندى ملك، لكن الطمع هو اللي خلاني هنا، ولادي واخواتي طردوني، علشان يخدوا أملاكي وبيتى، ملقتش غير بيت ربنا هنا اتحامى فيه، ولأنني من محبي الدسوقي فجيت عنده أناجي ربنا»، بهذه العبارات لخص الرجل مآساته.
صالح: «يعاني من مرض نفسي ويحفظ القرآن ويعيش بين أكوام الزبالة»
يتمنى مواطنون أن يجد الرجل العجوز، مأوى له: «كان في يوم من الأيام صاحب ملك، واليوم في الشارع، بتمنى ينقلوه دار مسنين ويقدموا ليه الرعاية الطبية، المرض اكل أجسادهم ونفسنا بس في ماوى ليهم، والحقيقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بيدينا امل باللى بيعمله مع الغلابة، وهؤلاء من بين الغلابة بل أكثر، لأنهم ليس لهم ماوى»، بهذه العبارات تختتم ميادة مصطفى، أحد اعضاء جمعية خيرية بدسوق، قصة الرجل.