قال الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، أن افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة يمثل إعلان جمهورية جديدة وميلاد دولة جديدة. وأضاف الرئيس السيسي،: "مش سايبين المحافظات ونتحرك في كل الاتجاهات.. وتابع الرئيس السيسي: "الموضوع مش مباني وده تطوير كبير احنا بنعمله.. من أول أسوان حتى العلمين والمنصورة الجديدة والعاصمة الجديدة". افتتاح العاصمة الجديدة إعلان الجمهورية الثانية ". وكل فئات المجتمع مثقفين وفنانين يجهزوا لده..
واختار الرئيس منصة الندوة التثقيفية للقوات المسلحة وذكرى يوم الشهيد ليوجه أنظار المصريين نحو سؤال المستقبل الذي شغل الجميع عنه تحت وطأة ظروف قاسية عاشها عالمنا العربي في العقد الأخير وعشنا مع العالم تحت ظلال جائحة كونية في العام الأخير. وهي دعوة رئاسية كريمة ارجوا ان يأخذها الجميع على محمل الجد ويتجاوز الجميع ضغوط الحاضر والنظر نحو المستقبل.
تجارب ملهمة
فكرة تقسيم حقب التاريخ الى دول هي ابداع مصري خالص بداة مؤخى مصر القدماء وسجلها التاريخ على حجر باليرمو ولوحة الكرنك وقائمة ابيدوس وبردية تورين ولوحة سقارة . ولكنها مسجلة في التاريخ العالمي باسم المؤرخ المصري مانيتون السمنودي ابن مدينة سمنود والكاهن في عصر بطليموس الثاني الذي كلفه بكتابة تاريخ مصر فاعتمد على الوثائق المحفوظة في المعابد المصرية وقسم تاريخ مصر الى ثلاث دول هي الدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة وقسم كل دولة الى مجموعة من الاسر بلغت الثلاثين.
وفى العصر الحديث ونتيجة ولع الفرنسيين بكل ما هو فرعوني قاموا بتقسيم تاريخ جمهوريتهم الى خمس جمهوريات بدأت الأولى منها في 22سبتمبر 1792م والثانية عام 1848 والثالثة عام 1870 والرابعة عام 1944 والخامسة والأخير على يد شارل ديجول عام 1958. وهي تحولات فرضتها تقلبات التاريخ الفرنسي الحادة من الملكية الى الإمبراطورية الى الاحتلال واستقلال المستعمرات.
دروس الجمهورية الأولى
لا يمكن الشروع في بناء الجمهورية المصرية الثانية دون استيعاب دروس الجمهورية الأولى التي ولدت فجر الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م واستمرت حتى أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتقال الى الجمهورية الثانية في يوم الشهيد في التاسع من مارس عام 2021. وهو ما يعنى ان الجمهورية الأولى استمرت قرابة سبعين عاما مرت خلالها بثلاثة محطات كبرى توافق قيها الشعب مع رئيس الجمهورية في كل مرحلة على إجابة مجددة على سؤال الشرعية قدمه الرئيس في الغالب وقبله الشعب وكان الحساب في النهاية في يد الشعب في المرات الثلاثة بمعيار الشرعية التي تم التوافق عليها بين الشعب والرئيس. وهذه المحطات هي:
المحطة الأولى: عبد الناصر وشرعية التحرير قبل الحرية
توافق الشعب مع الرئيس جمال عبد الناصر طوال ثمانية عشر عاما على شرعية التحرير قبل الحرية، التحرير من الاستعمار القديم والتحرر من الاستعمار الجديد وتنازل طواعية عن مطالب الحرية. حتى جاءت لحظة الحقيقة وتم احتلال جزء عزيز من ارض الوطن في نكسة 1967. أدرك الرئيس عبد الناصر ان شرعيته فقدت فقرر التنحي واراد الشعب بعفوية ان يحمله مسؤولية اخفاقه في تثبيت أساس شرعيته فطالبه بالبقاء.
المحطة الثانية: السادات وشرعية النصر بعد النكسة
فرضت مأساة النكسة على الرئيس أنور السادات خيارا واحدا للشرعية وهو تحقيق النصر وتحرير الارض وحقق الرجل المعجزتين وحكم أولا بلا صوت يعلو فوق صوت المعركة حتى تحقق النصر. وحكم ثانيا على وقع اهازيج النصر وتحرير الأرض بالحرب والسلام ومنحه الشعب كل ما يملك في الحالتين. حتى إذا تحول النصر الى نصري والجيش الى جيشي والشعب الى شعبي بدأت الانتفاضات وظهرت المعارضة وكانت مأساة الاغتيال.
المحطة الثالثة: مبارك وشرعية الاستقرار بدل الانهيار
رفع الرئيس حسنى مبارك لواء الاستقرار بديلا عن الانهيار منذ يومه الأول حتى يومه الأخير كأساس لبناء شرعيته وتوافق الشعب معه على ذلك طوال ثلاثين عاما واطمئن هو لصحة معادلة شرعيته وساعدته الظروف الدولية على تثبيت أركانها وقبلها الشعب حتى تحول الاستقرار الى جمود وكشفت تطورات العصر الرقمي قدر الانهيار فكانت يناير 2011وكان التخلي سريعا لان الطرف الثاني لمعادلة الشرعية غلب على الطرف الأول.
دولة جديدة شرعية جديدة في عصر جديد
شارك الكثير من الشعب المصري في احداث الخامس العشرين من يناير وحاول المتفائلون منهم تزيينها بثوب الثورة ايمانا منهم بان عصرا جديدا هو العصر الرقمي قد بدأ وهو يفرض ضرورات جديدة واسس شرعية جديدة. ولكن الاخوان في عام الحزن الذي حكموا فيه مصر جاءوا من خارج العصر ولم يقدموا أساسا لشرعية حكمهم اللهم الا شرعية الذقون بأحجام واشكال مختلفة فقام الشعب المصري بحسه التاريخي الدقيق بإصدار حكم الاعدام التاريخي عليهم في الثلاثين من يونيو 2013.
شرعية الإنجاز بعد شرعية الضرورة
استجاب الجيش المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم الشعب على جماعة الاخوان الإرهابية فاستحق شرعية رئيس الضرورة كما وصفه وقتها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل. ولخص أحد شعارات حملته الانتخابية الأولى الطرف الثاني في معادلة شرعيته قائلا " العمل هو كل ما املكه والعمل هو كل ما اطلبه " وأثمر ذلك إنجازات على الأرض ثبتت معالم شرعيته في كل ركن من اركان الدولة وعلى امتداد خريطة الوطن. وفى المجال الحيوي لمصر في الإقليم الذي ننتمي اليه. ويحق له ونحن معه التطلع الى دولة جديدة والى بدء الجمهورية الثانية. بهدف وضع خريطة جديدة لمصر ورسم ملامح دور مصر في عصر جديد هو العصر الرقمي.
مصر والعصر الرقمي (مؤسسات متعددة الابعاد / شبكات مصالح كونية)
تتحدد شرعية الحكم في أي بلد من وعى القادة بطبيعة العصر وقدرتهم على تلبية متطلبات الظرف التاريخي الذي تمر به مجتمعاتهم. ونحن الان في مصر لسنا محتلين ليكون أساس الشرعية هو التحرير ولسنا مهزومين ليكون أساس شرعية الحكم هو تحقيق النصر ولا نخاف من الانهيار ليكون أساس شرعية الحكم هو الاستقرار. ولكننا نعيش عصرا جديدا هو العصر الرقمي الذي يفرض تحولات جزرية في حياة المجتمعات الإنسانية وستتشكل خرائط القوى في هذا العصر حسب قدرة المجتمعات على فهم جوهره وامتلاك ادواته وتسخيرها في بناء مجتمعات وفق شروط عمله. ولعل اهم مفهومين يلخصان جوهر العصر الرقمي هما: مفهوم الشبكات ومفهوم المؤسسات متعددة الابعاد.
ونحن في مصر ونحن نتطلع الى بناء الجمهورية الثانية التي ستدار من عاصمة جديدة في أمس الحاجة الى إعادة تشكيل مؤسسات المجتمع المصري كلها لتكون مؤسسات متعددة الابعاد تناسب العصر الرقمي في الداخل. وبناء شبكات علاقات مصالح كونية مع العالم الخارجي. مع وضع خريطة جديدة لمصر. وعندها يتوج كل هذا بدستور جديد للجمهورية الثانية يرسخ وجودها لنصف قرن قادمة على الأقل على أسس شرعية دستورية جديدة لأي نظام حكم سوف يأتي.
عشر مؤسسات سيادية متعددة الابعاد
دخلت الإنسانية العصر الرقمي منذ زمن بعيد وكسبت الرقمنة مساحات واسعة من حياة البشر. واحدثت تغيرات في حياة الإنسانية في عقود أكبر مما احدثته الثورة الصناعية في قرون.
والرقمنه (Digitization) هي الأساس العلمي لكل ما تلامسه حواسنا الخمس الان وهي ببساطة عملية معالجة ونقل وحفظ واسترجاع وتوظيف البيانات والمعلومات والمعارف ونواتج الذكاء الإنساني بلغة رقمية تتكون من حرفين هما 0و1. والرقمنه انتجت ثلاثية ثلاث تكنولوجيات محورية تطغي على المشهد الجيوتكنولوجي في مجتمع المعرفة هي: التكنولوجيا البيولوجية وتكنولوجيا النانو وتكنولوجيا المعلومات، ولكل من هذه التكنولوجيات الثلاث منفردة قوة إنجاز فائقة، غير أن مصدر قوتها الأكثر خطورة، يمكن في تلك القدرة التضاعفين الهائلة الناجمة عن اندماجها وتفاعلها.
والرقمنه ككل الثورات الكبرى في التاريخ الإنساني تعمل على تغيير على وجه الحياة على مستويين هما: المستوى المادي ويشمل ثلاثية المواد الخام والأدوات والمعدات ومجالات التطبيق. والمستوى الذهني ويشمل ثلاثية الفكر والثقافة والعلم. ووسائلها في عملية التغيير هذه ثلاثية خشنة هي تكنولوجيا عتاد الأجهزة الرقمية وتكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا التحكم عن بعد، وثلاثية ناعمة تضم البرمجيات وهندسة البرمجيات وهندسة المعرفة وتقاطعاتها الثنائية وفوق الثنائية، وكانت أبرز مجالات تطبيقات الثورة الرقمية حتى الان ثمانية عشر مجالا أساسيا ضم: وسائل الاتصال الرقمية ـوالاعلام الرقمي، والتواصل الاجتماعي، والتجارة الرقمية، والصحة الرقمية. والخدمات الرقمية.
والترفيه والتسلية الرقمية. والتعليم الرقمي. والحرب الرقمية. والاعلان الرقمي، والتسويق الرقمي، وتطبيقات المنزل الذكي، الخدمات المالية الرقمية، وشبكات المركبات المتصلة في البر والبحر والجو. والعلاقات العامة الرقمية. الفنون الرقمية. وتطبيقات الواقع الافتراضي. والألعاب الرقمية. وجاءت كورونا لتدفع تطبيقات العصر الرقمي من القمة الى وسط الهرم الاجتماعي وصولا الى قاعدته ومن شمال العالم الى جنوبه مرورا بشرقه وغربه.
ونحن في مصر ونحن نسعى لإعادة بناء وطننا يجب الا يغيب عنا جوهر العصر وهو علم الرقمنه. ولا تشغلنا مظاهره ونواتجه وتطبيقاته عن جوهره. لان من يملك علم العصر هو وحده القادر على البقاء والصمود والصعود على سلم مجده. وامتلاك جوهر العصر وتسخيره في بناء مجتمع ينتمي لهذا العصر يجب ان يكون يعمل مؤسسي وليس برؤى فردية. ومؤسسات هذا العصر هي مؤسسات نابعة من طبيعته وهي مؤسسات متعددة الابعاد. فما هي المؤسسات متعددة الابعاد تلك؟ وما هي المؤسسات التي نحتاجها في مصر لتأخذ بيدنا كوطن الى ساحات الفاعلين في هذا العصر؟
وفى تقديري اننا في مصر نحتاج عشر مؤسسات سيادية متعددة الابعاد تضمن مقومات بقائنا على ارض الأجداد وتأخذ بيدنا لدخول العصر الرقمي وتجعلنا نجني ثماره وتجنبنا مخاطره. والمؤسسات العشر هي:
1- مؤسسة النيل (الإقليم وليس النهر) في العصر الرقمي وفى كل العصور كان النيل وسيظل شريان حياة المصريين ونحن الان احوج من نكون ان نعيد اليه شيئا من قداسته ووضعه على راس أولويات الوطن. كما اننا لعصور طويلة انصب اهتمامنا بالنيل على النهر ومياهه وان لنا ان نمد بصرنا الى الإقليم. ولن يتأتى لنا ذلك الا بمؤسسة متعددة الابعاد على اعلى مستويات مؤسسات هذا العصر.
2- مؤسسة القناة (الإقليم وليس المجرى / مؤسسة كونية) إذا كان النيل يربطنا بإقليمنا فان القناة تربطنا بالعالم وتربط العالم بنا وتحن بحاجة الى مؤسسة متعددة الابعاد تتجاوز بنا حدود المجرى الملاحي الضيق الى سعة الإقليم ورحابة التفاعل مع العالم
3- مؤسسة عسكرية (الحرب الرقمية) حروب العصر الرقمي هي حروب رقمية واسلحته رقمية وانتصاراته وهزائمه رقمية مما يستوجب وجود مؤسسة عسكرية تراجع عقيدتنا واستراتيجياتنا وخططنا وتكتيكتنا وعمليتنا العسكرية وفق طبيعة العصر الرقمي.
4- مؤسسة امنية (الامن السيبرانى) امن الأرواح والابدان والثروات أصبح رقميا.
5- مؤسسة دينية (الدين في العصر الرقمي) تأخذ بنا الى عالم الايمان في زمن الكفر.
6- مؤسسة تعليمية (التعليم الرقمي والعلوم الرقمية) تستخدم التعليم الرقمي الحقيقي لندخل عوالم العلوم الرقبة.
7- مؤسسة اعلامية (الاعلام الرقمي) لنبني شبكات قوتنا الناعمة محليا وعربيا وعالميا.
8- مؤسسة ثقافية (الثقافة الرقمية) تعمل على نقل التراث رقميا – الابداع الرقمي – البث الرقمي – التلقي الرقمي).
9- مؤسسة اقتصادية (الاقتصاد الرقمي). تعلمنا كيفية خلق القيمة في هذا العصر وتحقيق أكبر عائد منها
10- مؤسسة اجتماعية (المجتمع الرقمي). ترصد تفاعل مجتمع زراعي شبه صناعي مع العصر الرقمي وترسم له مسار حضاري في هذا العصر.
وهذه المؤسسات سيادية بمعنى انها وطنية فوق حكومية. ومتعددة الابعاد بمعنى انها تعنى بالوظائف الإدارية الأربع: التخطيط والتنظيم والمتابعة والرقابة وقبلها التفكير والبحث. كما انها تعمل بشكل متعدد المستويات على ابعاد خمسة هي:
1- الأسس: التي تشمل تعريف المؤسسة وقواعد عملها وتصنيف فئات العمل داخلها
2- شخصية المؤسسة: وتشمل المميزات الخاصة بها والاثر الاقتصادي لها وعوامل التغيير فيها وقطاعتها وظائفها النوعية. واتجاهات حركتها الاجتماعية.
3- فاعلية المؤسسة: وتضم تقييم وجودة وقياس عناصر العمل وفاعلية اعمال هذه المؤسسة.
4- تمثيل المؤسسة: ويضم ادورها واستراتيجيتها واعمالها.
5- التغيير في المؤسسة: ويشمل البيئات والاليات والمستويات والمراحل.
شبكات المصالح الكونية
قدم الرئيس جمال عبد الناصر في كتابه فأسفة الثورة نظرية الدوائر الثلاث وهي: الدائرة الأولى هي الدائرة العربية التي تحيط بنا وترتبط مصالحنا بمصالحها وتاريخنا بتاريخها، والدائرة الثانية هي الدائرة الافريقية التي نحن جزءً منها ونستمد منها شريان حياتنا وهو نهر النيل، والدائرة الثالثة هي الدائرة الإسلامية التي تربطنا بها العقيدة وحقائق التاريخ. وهذه الرؤية ربما كانت تناسب عصرها ولكنها لا تناسب العصر الرقمي باي حال القائم في أساسه على فكر الشبكات التي تربط أصحاب المصلحة بصرف النظر عن الزمان والمكان الذي ينتمون اليه. فالمصالح العربية تتقاطع مع سياسات كل القوى في العالم. والقضايا الافريقية تتحدد في عواصم دول في قارات أخرى.
والمسلمون لم يعودا في دول بعينها بل أصبحوا في كل قارات العالم ولذا فان شبكات الامن القومي المصري ينبغي ان تكون على شكل شبكات مصالح كونية عابرة للحدود والقوميات والثقافات والأديان لتحقيق اكير قدة من المصالح القومية المصرية بمعايير العصر الذي نعيشه.
خريطة جديدة لمصر.
أربعة الاف قرية ومائتي مدينة جديدة
انشات مصر هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالقانون رقم 59 لسنة 1979م وتخصصت في بناء المدن على مجموعة أجيال وصل الى ما يسمى الان بمدن الجيل الرابع وهى منتشرة على مستوى الجمهورية من مدينة العلمين حتى أسوان، وذلك خلال السنوات الأربع الماضية وكان من الواجب منذ ذلك الوقت انشاء هيئة مجتمعات ريفية جديدة ولو تم ذلك ما كنا لنشهد كل هذه العشوائية التي نعانى منها الان او في اسوا الفروض كانت ظاهرة العشوائية في الريف اقل من نسبتها الان وقد ان الأوان لتدارك هذا الخطأ التاريخي بأنشاء هيئة مجتمعات ريفية جديدة تعمل على بناء الريف المصري الجديد بواقع او مائتي مدينة ريفية تتوسط كل منها عشرين قرية مساحة كل منها الف فدان على الأقل في اقرب ظهير صحراوي وتعمل الهيئة على أسس اقتصادية من خلال بيع الأراضي الزراعية وأراضي البناء في المدن والقرى الريفية لمن يرغب من أبناء القرى القديمة التي ستسمى القرية الجديدة باسمها وتجعل كل مدينة بما يتبعها من قرى تتخصص في انتاج سلع محددة تقوم عليها صناعات في المدن الريفية .
وتوظف اليات التمويل ومصادره الداخلية والخارجية. ويعمل المشروع بروح ثورة الثلاثين من يوليو في عمل المشروعات القومية. والتي فتحت شبكة الطرق شرايين حياة وجعلت ما كان بعيدا في الماضي قريبا الان عبر محاور الطرق الجديدة. وادعوا الله ان لا تتأخر هذه الخطوة لان معدل الزيادة السنوية في السكان بما يقارب 2,3مليون سنويا 60 % منه في الريف سيفاقم الازمات الحالية بصورة أكبر. لتتسع رقعة الجمهورية
دستور الجمهورية الثانية والمعادلة الثقافية لمصر
تنبع دساتير الدول والامم من المعادلة الثقافية لتلك الدول والامم، ويشهد التاريخ على ان انجح الدساتير هو الذي يستقرئ عناصر معادلة مجتمعه الثقافية، ويشهد ايضا بان أكثر الدساتير فشلا تلك التي تبتعد باي قدر عن معادلة مجتمعها الثقافية. والمعادلة الثقافية لأي مجتمع هي حاصل ضرب التاريخ × الجغرافيا، وهي تنتج من حاصل تفاعل ابناء هذا المجتمع عبر تاريخهم مع بيئتهم الجغرافية والحضارية ومع محيطهم الجغرافي ومع غيرهم من الشعوب. وتبنى على الاسس الفكرية التي شكلت الطبقات الجيوثقافية لهذا المجتمع .
ومصر اليوم وهي بصدد صياغة دستور جديد يؤسس لجمهوريتها الثانية في حاجة ماسة الى ان يهتدى المخلصون من ابنائها الى عناصر معادلتها الثقافية الحقيقية ليتم صياغة هذا الدستور وفق عناصر هذه المعادلة، وهذه العناصر في تقديري بنيت على ثلاثة اسس فكرية عايشها المجتمع المصري في تاريخه المديد هي: فكر حضارات ما قبل الاديان، والفكر الديني، والفكر الغربي القديم منه والجديد. ونتج عن هذه الاسس الفكرية ثلاث طبقات جيوثقافية في تكوين المعادلة الثقافية للشعب المصري وهي: الثقافة الشعبية المصرية، والثقافة الدينية المصرية، والثقافة العصرية المصرية.
والتعامل الصحيح مع عناصر هذه المعادلة الثقافية المصرية ينبغي ان يتم وفق رباعية من الاجراءات تختصر اساليب التعامل الصحيحة بين المجتمعات وعناصر معادلتها الثقافية هذه الرباعية هي: الاعتراف، والفهم، والتفاعل، والابداع، ولكن الشواهد الحاضرة مع الاسف الشديد تؤكد ان رباعية الفهم الخاطئ لعناصر معادلة مجتمعنا الثقافية هي السائدة وذلك على النحو التالي:
1- عدم الاعتراف: يتبادل حاملي كل مكون من مكونات ثقافتنا الثلاث فأهل الثقافات العصرية ينظرون الى اهل الثقافات الدينية باعتبارهم ظلاميون وارهابيون ويبادلهم اهل الثقافات الدينية عدم الاعتراف هذا بعدم اعتراف اشد ويصفونهم بأنهم اهل بدع وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وينظر اهل الثقافات الدينية الى حاملي الثقافة الشعبية وهم غالبية الشعب بأنهم يعيشون على بقايا الجاهليات الاولى وفى حاجة الى من يخرجهم من الظلام الى النور، كما ينظر اهل الثقافات العصرية الى اهل الثقافات الشعبية تركة ثقيلة من التخلف والجهل والمرض. ويبادل ا
2- هل الثقافات الشعبية الطائفتين السابقتين بعدم اعتراف يتمثل في سلبية مطلقة وسخرية مرة من الجميع.
3- عدم الفهم: قاد عدم الاعتراف السابق كافة العناصر الى عدم الفهم المتبادل بن العناصر الاخرى لكل ما لدى الاخر من ايجابيات وما فيه من قيم ومعتقدات وتقاليد وعادات وادأب وفنون وعلوم وملامح حياته المادية.
4- عدم التفاعل: ادى عدم الفهم الى عدم التفاعل الخلاق بين عناصر معادلتنا الثقافية وسادت واصبحت العلاقات بينها هي علاقات تجاور فقط ولم تسلم الجيرة بينهم من مشاحنات طبيعية احيانا ومفروضة في اغلب الاحيان.
5- عدم الابداع: وصل بنا عدم الاعتراف وعدم الفهم المتبادل وعدم التفاعل الخلاق بين عناصر معادلتنا الثقافية الى عدم الابداع حتى اننا في هذه اللحظة التاريخية من حياتنا التي نحتاج فيها الى صيغة ابداعية تجمع مكوناتنا الثقافية كلها في شكل دستور يمثل مظلة للجميع لنسير الى الامام في امان نجد كل فريق بل كل جماعة من فريق بل كل فرد من جماعة لديه تصور مغاير لكافة الافراد ولكافة الجماعات ولكافة الفرق التي اصبحت فرقاء.
وإذا كان لنا في تاريخ جمهوريتنا الاولى التي بدأت بثورة وانتهت بثورة من درس يجب ان نستوعبه في تأسيسنا لجمهوريتنا الثانية فهو في رأيي ان الجمهورية الاولى انتهت بثورة بسبب ان ما حكمت به من دساتير كان بعيدا عن معادلة المجتمع الثقافية مما جعلها حبرا على ورق وجعل الحكام بكمون بذواتهم وطبع كل حاكم مرحلة حكمه بطبعه فكان هنالك المستبد العادل (عبد الناصر) والاقل استبدادا والاقل عدلا (السادات) والمستبد بلا عدل (مبارك). فهل تملك مصر اليوم اباءا مؤسسين لجمهوريتها الثانية؟