«الوطن» بصحبة ناهد الشيالة بعد مداخلة السيسي لدعمها: حاسة إني بحلم
السيدة ناهد الشيالة
أعين تفيض من الدمع فرحا، وألسنة لا تردد إلا حمدا، وملامح تبدلت من العبوس الذي نال منها ما نال سنوات عدة، إلى ابتسامة لا تغيب لحظة، ذلك الباب الخشبي الذي بهت لون طلائه، من رائحة الفقر التي تحوم بالمكان ليلا، لم يغلق لحظة من كثرة الزائرين المهنئين لسكان البيت، تلك الأريكة الممزقة تشهد على بكاء «ناهد»، قبل ساعات قلائل من مكالمة هاتفية من رئيس الجمهورية، جاءت تزف البشرى إليها بتحقيق حلم بات انتظاره، بالأمس بدا الطريق مظلما، واليوم تستقبل شمس مشرقة لتجلو شقاء الماضي من ذاكرتها.
تفاصيل مشهد يعكس حالة السيدة «ناهد» أو سيدة التروسيكل، بعد المداخلة الهاتفية التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي وأصدر خلالها أوامره بدعمها، وتلبية كل مطالبها، «حاسة إني في حلم والفرحة مش سيعاني»، تقول الأم الثلاثينية في بداية لقاء «الوطن» بها، بعد استجابة الرئيس للقصة المنشورة بتاريخ 18 سبتمبر 2020.
تنهَض الأم من غَفوتها مبكرا على صدُوح إذاعة القرآن الكريم بالتواشيح الدينية من المقاهي والمحال الملاصقة للبيت، تخرج من بيتها بخطوات مُتثاقلة، بحثًا عن أحد يرغب في نقل أثاث أو أجهزة كهربائية تارة، أو الراغبين في نقل أشولة الطوب والرمل والأسمنت في مواقع البناء، متحدية الرجال في أكثر المهن قسوة، مُسيَّرة وليست مُخيرة، أجبرتها ظروفها الصعبة إلى التخلي عن أنوثتها لملء بطون أبنائها، فباتت تعرف بين أبناء منطقتها "بشتيل" بـ"ناهد الشيالة".
تحكم إغلاق باب منزلها صباح كل يوم على بناتها الخمس بمفتاح تضعه في محفظة بالية تكاد تخلو من النقود إلى جنيهات معدودة، تقطع خطوات قليلة صوب "التروسيكل" الذي تمتلكه، اشترته قبل عامين بالتقسيط لتعمل عليه، وتنقل به أجولة الرمل والطوب، تدّور محركاته فتتصاعد منه أدخنة رمادية، فيتجلى خاتمها الفضي الذي يلمع في إصبعها وسط تشققات وجروح يدل على سيدة لم تعش أجمل سنوات عمرها، تهم بالصعود عليه، فيكشف الجلباب المتبقي على صدره قليل من الفصوص اللامعة بنطال ذكروي ارتدته لتتحرك بحرية في عالم ذكوري، لغته الوحيدة هو "القوة"، "طول عمري وأنا شقيانة ومش عايزة أحوج بناتي لحد"، تقول السيدة الثلاثينية والدموع تجري في عينيها.
بعد غياب زوجها منذ عامين اضطرت للعمل "شيالة" واشترت "تروسيكل" بالتقسيط لتنقل عليه الأشولة والعفش، وباتت تحلم ب«كشك» به بضاعة قليلة ليرحمها من العناء و"الشقا"، «كنت بحلم بكشك النهاردة بقى عندي محل كمان» تقول ناهد بصوت يملؤه الفرحة بعد توقيع عقد محل خاص بها وشقة ذات غرفات ثلاث بحضور اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة.
استقبل اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، ونائبه الدكتورة هند عبدالحليم، السيدة ناهد، صاحبة قصة «ناهد حمالة قسية» التي انفردت بها «الوطن» في سبتمبر الماضي، بعد مداخلة الرئيس عبدالفتاح السيسي معها على الهواء مباشرة، في أثناء عرض قصتها، ووعد بتكفل حالتها وبناتها الخمسة.
ووعد محافظ الجيزة السيدة ناهد بمحل بدلا من الكشك، وشقة مكونة من 3 غرف وصالة مجهزة بالكامل، ووقعت على عقد الشقة والمحل، وسجدت السيدة «ناهد» شكرًا لله عند مدخل مبنى المحافظة.
وقال اللواء أحمد رشاد في حديثه لـ«الوطن»، إنه فور توصيات الرئيس السيسي كلف مجلس المدينة بحصر احتياجات السيدة ناهد وتسليمها شقة جاهزة خلال أسبوعين، ومنحها عقد محل بمحتوياته كافة.