رمضان في العزل.. فطار وسحور «محمد» بين مصابي كورونا: مش بقعد في بيتي
محمد عرجون
بين منازل مصابي كورونا في العزل يقضي «محمد عرجون» ساعات صيامه في نهار رمضان لمتابعة الحالات المتأخرة منهم، يحادثه أحدهم في منتصف الليل فيترك أطباق السحور جانبًا ويهرول إلى العنوان المذكور، وفي النهار يستفيق على صوت هاتفه يخبره أحد أصدقائه بوجود حالة مريض عزل منزلي يصارع الموت يحتاج لرعاية عاجلة، فيترك فراشه متخليًا عن ساعات راحته من أجل مهمة إنسانية بدأها في مارس من العام الماضي منذ بداية أزمة الوباء الحالي.
للعام الثاني على التوالي يفقد «عرجون» إحساسه بشهر رمضان التي اعتاد فيها على لمة الأسرة حول مائدة الفطار وتجمع الرجال في صلاة التراويح، ساعات يومه كلها تنقضي بين منازل مصابي كورونا منذ أن تطوع بتمريض أهل أسوان مجانا في ذروة الموجة الأولى من الوباء، «رمضان السنة دي ميختلفش عن السنة اللي فاتت أوقات كتير بنفطر ونتسحر وإحنا رايحين في الطريق للحالات المصابة»، يقول الشاب الثلاثيني في بداية حديثه لـ«الوطن».
سحور وفطار في الشارع
في مطلع يوليو الماضي، خطف الفيروس المستجد والدة المتطوع الشاب، بعد 9 أيام قضتهم في مستشفى الصداقة للعزل بأسوان، فجدد العزم على ألا يترك مصابا حتى يشفى، يتولى قياس نسبة الأكسجين وضرب الحقن وتركيب المحلول وغيرها من إسعافات أولية، يجلس يكمل سهرته بجانب المريض يرعاه ويراقب تطور حالته دون استسلام لحزنه على أمه، «شغالين ليل ونهار في رمضان نادرًا لما بلحق أفطر أو أتسحر مع أهلي».
على مدار شهور تطوعه في تمريض مصابي كورونا في العزل المنزلي واجه الشاب الثلاثيني حالات وفاة قليلة ممن تعامل معهم مقارنة بحالات الشفاء التي تمت على يده، أصعبهم حالة الطفلة مودة التي تبلغ من العمر ست سنوات فقط تدهورت حالتها سريعا لظروف مرضها بسرطان المخ، ولفظت أنفاسها الأخيرة في بيتها قبل أن يتمكن من إنقاذها، إلى جانب سيدة أخرى أصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية لم ينفع معها محاولات الإنعاش وجرعات الأكسجين، «لحد ما وصلت البيت ليها في أقل من نص ساعة كانت ماتت».
يرى المتطوع الأسواني في وقت فراغه بعد توقف أعمال المقاولات بسبب الظروف الحالية، فرصة كبيرة عليه أن يغتنمها في فعل الخير ومساندة أهل بلده في تلك الأوقات العصية، «كل واحد فينا ليه دور يساعد بيه أهل بلده عشان نعدي الأزمة»، متمنيًا أن تمر الأيام بسلام دون فقد لعزيز آخر عليه وأن يبيت الجميع مطمئنًا كل ليلة بعد رفع الوباء.