دينا عبدالفتاح تكتب : .. حتى تهدأ الجائحة!
دينا عبدالفتاح
دخلنا فعلياً الموجة الثالثة من جائحة كورونا، وأخذت الإصابات بـ«كوفيد - 19» تعاود الارتفاع، وكذلك الوفيات، وما زال المصريون مكتظين فى الشوارع، متجمعين فى المقاهى، منتشرين فى الأسواق.. فلا إجراءات احترازية، ولا وعى، ولا خوف من الجائحة.. وكأنها نزلة برد يمكن أن نصاب بها.. وكأنها لم تكن جائحة أخذت أرواح ملايين البشر حول العالم، وكسرت صمود أقوى وأعتى النظم الصحية العالمية، واهتز أمامها التقدم العلمى والبحوث الطبية وقدرات الولايات المتحدة التى صوّرتها أفلام هوليوود بأنها قادرة على العيش فوق سطح المريخ والانتصار على الكائنات الفضائية ومحاربة البشر العمالقة الذين يخرجون من باطن الأرض ويحملون أسلحة بحجم بلاد كاملة!
الآن نحن فى مصر فى مفترق طرق.. إما أن نسيطر على انتشار الجائحة ويأخذ منحنى الإصابات فى التراجع أو الثبات أو النمو الطفيف، وإما أن نستمر فى اللامبالاة ويزداد معدل الإصابات، وينمو الخطر حولنا جميعاً.
فإن كان بيننا من يظن أنه بعيد عن الخطر فهو مخطئ.. فإن كانت بالفعل مناعته قوية وقادرة على تحمُّل الفيروس وخطره، فعليه ألا يكون وسيلة لنقل الخطر لغيره، خاصة ممن هم كبار سن أو أصحاب أمراض مزمنة أو مناعة ضعيفة، وهم الصفوف الأولى التى يقوم الفيروس بحصد أرواحهم دون شفقة.
أدعو الجميع لمزيد من الحذر والقلق والخوف.. الوضع أصبح صعباً فى بلدان عالمية كثيرة، أهمها الهند والبرازيل وتركيا وغيرها، ولسنا بعيدين عن الخطر.. بل نحن معرضون للدخول فى ذروة هذا الوباء إذا استمرت حالة اللامبالاة الحالية واستمر الأفراد فى اعتقادهم بأن هذا الفيروس بعيد عنهم وأنه إذا جاء سيتم التعامل معه بمنطق «نزلة برد وتعدى».
حالة الاستهتار من البعض قد يكون ثمنها غالياً وسيدفعه الجميع.. فبخلاف الأرواح التى ستُزهق، سيدفع اقتصاد مصر الثمن، من خلال اضطرار الحكومة لتطبيق إجراءات تصاعدية للمكافحة وردع الانتشار، ونعود إلى حالة الإغلاق التى كنا عليها فى الربع الثانى من عام 2020، وما نتج عنها من انهيار المراكز المالية للشركات وتسريح العمالة، وتخفيض مستويات الدخول، ونقص فرص العمل بالأسواق وخلافه من الآثار السلبية التى أثرت على أغلب المصريين خلال العام الماضى.
كما أن مثل هذه الإجراءات قادرة على استنزاف الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية الذى بنته الدولة على مدار سنوات من الإصلاح الاقتصادى، وقادرة كذلك على تخفيض معدلات النمو المتوقعة للاقتصاد المصرى خلال العامين الحالى والقادم، وبالتالى تأثر مستقبل الاقتصاد بشكل عام.
وبالتالى نحن أمام اختيار إما أن ندرك الموقف فى بدايته.. أو نتحمل سوء العواقب المؤكدة، وحينها لن يجدى الندم، ولا يعلم أى منا من سيفقد من أحبائه؟ أو كم سيتأثر دخله؟
كما أدعو الحكومة والدولة بالكامل إلى مواجهة حازمة مع حالة اللاوعى التى أظهرها الناس خلال الأيام الحالية، والتى أفرزت زيادات الإصابات والوفيات المعلن عنها فى الأرقام الرسمية للدولة، مع زيادة بعشرات الأضعاف فى الإصابات التى لا تعلم عنها الدولة شيئاً لأن أصحاب هذه الإصابات لم يكلفوا أنفسهم الذهاب للمستشفيات أو إجراء المسحات، أو حتى التبليغ عن حالاتهم فى الخط الساخن المخصص لمكافحة فيروس كورونا فى وزارة الصحة.
فهناك عائلات بالكامل خلال الفترة الحالية مصابة بهذا الفيروس الشرس، وتعانى من أعراض ضعيفة أو متوسطة أو قوية، ومع ذلك يتحركون وسط الناس ولا يبالون بخطورة نقل العدوى، بل والأصعب والأغرب من ذلك أنهم غير معترفين بأن ما لديهم هو فيروس كورونا ومستمرون فى المقولة الشائعة «عندى شوية برد».
فمفهوم البرد حالياً غير معترف به، أى شخص لديه أعراض البرد عليه أن يفترض أنه مصاب بفيروس كورونا إلى أن يثبت العكس.. ولا يفترض أنه مصاب بنزلة برد حتى تثبت إصابته بفيروس كورونا، لأنه حتى يتم الإثبات يمكن أن يخلف عشرات الإصابات، وبعض الوفيات، وهو ونحن فى غنى عن ذلك.. والله الحافظ.