مشكلة الحكومة فى التعامل مع كورونا أنها تريد الوقوف فى منتصف الطريق.
من يقف فى منتصف الطريق تدهسه العربات.
وزارة الصحة خرجت منذ بضعة أيام تحذّر المصريين من الأسبوعين القادمين (آخر أسبوع فى رمضان وأسبوع العيد) وتأثيرهما الكبير على منحنى انتشار وباء كورونا.
القرارات التى اتخذتها الحكومة عقب هذا التحذير بتبكير مواعيد إغلاق المحلات والمقاهى وحظر الأفراح والاحتفالات وعدم اصطحاب الأطفال فى صلاة العيد ليس لها جدوى حقيقية فى محاصرة الخطر الذى يحمله الأسبوعان القادمان، كما تؤكد وزارة الصحة.
الحكومة بهذه القرارات برأت ذمتها من خطر تعلم أنه سيقع، وذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى هيّأت الأجواء لتجديد حديثها عن إهمال وقلة وعى، إذا ارتفع -لا قدر الله- منحنى الإصابات بالفيروس.
تبكير مواعيد غلق المحلات أو محاصرة التجمعات أو منع اصطحاب الأطفال فى الصلوات، إجراءات لا تمنع الناس من النزول والتكاثر والتزاحم ونقل العدوى فى ما بينهم.. الحكومة بهذه القرارات لم تفعل أكثر من غسل يدها من القادم، فإذا ارتفعت معدلات الإصابة والوفيات -وهى تزيد حالياً- خرجت على الشعب وقالت لقد قمت بالواجب علىّ واتخذت إجراءات، لكن الناس لم تلتزم بسبب قلة وعيها وإهمالها.
كان الواجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات أكثر صرامة من ذلك، كما فعلت دول كثيرة ففرضت غلقاً وحظراً عاماً على مواطنيها، وللعلم بعض هذه الدول لا تواجه خطر كورونا بالحجم الذى نواجهه خلال الموجة الثالثة.
أحجمت الحكومة عن اتخاذ قرار بالإغلاق لمدة أسبوعين، ورقصت على السلم بمجموعة القرارات التى اتخذتها.
الحكومة بالطبع تخشى التداعيات الاقتصادية للإغلاق، وهو أمر طبيعى، ولكن لماذا لم تفكر غيرها من الحكومات على هذا النحو؟، وما التأثيرات الداهمة على الاقتصاد إذا أغلقت الحكومة لمدة أسبوعين.. فى وقت نرى فيه دولاً مقدراتها الاقتصادية أضعاف مقدرات مصر وخسائرها، وبالتالى أضعاف مضاعفة تتخذ قرارات بالإغلاق، حفاظاً على سلامة مواطنيها؟
أخشى أن أقول إن الحكومة لا تريد أن تتخذ قراراً بالإغلاق، لأنها «مكسوفة من الاعتراف بأننا نعانى من كورونا».. الحكومة مثلها مثل المواطن الذى يخفى عمن حوله إصابته بالفيروس، لأنه يجد فى ذلك عاراً وشناراً، لكنه لا يتردّد فى الاحتكاك بالناس ونشر العدوى بينهم!
الحكومة تنظر إلى «الإغلاق» كخطوة سيئة تحمل فى باطنها عار الاعتراف بكورونا!
كما أن الإصابة بفيروس كورونا ليس عاراً على الفرد فإن قرارات «الإغلاق» ليست عاراً على الحكومة.
طبقاً لبيانات وزارة الصحة فإن منحنى الإصابات زاد بشكل مضطرد خلال الأيام الماضية، ولو تذكرنا أحاديث سابقة للمسئولين عن المتواليات العددية والهندسية، فعلينا أن نتوقع ارتفاعاً أكبر فى منحنى الإصابات خلال الأسابيع القادمة.
ستخرج الحكومة وتبرر ذلك بعدم وعى الشعب.. وكلامها صحيح.. ولكن فلتشاور لنا على شعب واعٍ من شعوب العالم نجا بطريق غير طريق الإغلاق.. ولتشاور لنا على حكومة مكسوفة كسوفها؟.