أن تفقد أعز أصدقائك، أن تشعر أنك وحيد جدا، ولو كنت محاطا بكثيرين، ألا تجد من يعوضه أو يملأ خواء قلبك أو يشغل فراغا كبيرا تركه.
أن تحتاج له في مواقف بعينها وتفكر كثيرا كيف ستجتازها بدونه. أن ترغب في الذهاب لأماكن والقيام بأشياء ولا تدري من يرافقك فيها. أن تحدث أمورا لا يدركها سواكما فلا تجد من تتبادل معه نظرة أو ضحكة خاطفة. أن تحتاج للبوح بأشياء فلا تعرف لمن تبوح بها وهو صندوقك الأسود ومستودع أسرارك الذي كان يعرف كل شيء ، فما كان عليك سوى النطق بكلمة واحدة فتصل الرسالة وينتهي الأمر، ومن يمتلك الطاقة للحكي من جديد! أن تحتاج للغضب والصراخ، فلا تجد من تصب عليه كل ذلك.
أن تشتاق لحديثكما الصامت وونسا ينسج بينكما دون كلام. ألا تجد من يتنزه معك نزهتك ذات المواصفات الخاصة، تلك النزهة المهدئة للأعصاب التي لا يتفهمها أحد ، نزهة تصمتان فيها أحيانا أو تصمتان كثيرا ، أو تصمتان أكثر مما تتحدثان، مستمتعين بالتواصل دون الحاجة لبذل جهد الحديث، أو تحمل عبء الصخب، أو الاستماع للثرثرة أو الشكوى أو حتى الحكي، أو احتياج للرد أوملء فراغ الصمت او حمل ابتسامة مجاملة، وكأنه اتفاق ضمني بينكما أنكما تحتاجان إلى السكون احيانا، وربما كثيرا.
أن تطيل تأمل الصور، وتعيد الاستماع للرسائل الصوتية مرارا، فتبتسم في ألم على أيام جميلة قد ولت للأبد، و تلوم نفسك على أوقات لم تستثمرها في قربه ووصاله.
ألا تتوقف عن الاتصال بأهله وأن تمتليء شغفا بأرحامه، لعلك تجد فيهم سلوى أو تتنسم فيهم رائحته، أو تلمح في عيونهم طيفا منه، أو تجد في ملامحهم قبسًا من ملامحه التي اشتقت إليها كثيرا.، أو لعلك تجد من يشاركك الألم، أو يبادلك الحديث عنه، بعد أن نويت الف مرة أن تتوقف عن الحديث عنه للجميع فلم تفلح.
أن يظل الطريق إلى بيته مؤلما حزينا، وأن يراودك عند الاقتراب شعوران متناقضان، أولهما سعادة وحماس للتواصل معه في أهله ومكانه، وأن تحتضنك جدران تشربت ذكرياتكما وحكاياكما وضحكاتكما فترتشف منها لعلها تروي ظمأك له، وثانيهما ثقلا يحاوط قلبك لدخولك بيته دون أن تجده.
أن تشتاق لأماكن جمعتكما ، ولا تدري إن كنت تتوارى منها خجلا، وخشية أن تراك بدونه وتسألك فلا تجد جوابا، أو أن تذهب إليها و تطيل النظر لترى أيامكما معا.
أن تعرف أن متعة اللقاء كانت في الصحبة مهما كان المكان بسيطا...أن تفتقده كثيرا كثيرا وتشتاق له كثيرا كثيرا وتتوق لأيامكما معا...أن تدرك أن الحياة قبل رحيله ليست كبعده...أن تصيبك حمى الشعر فتنسج شعرا يقطر ألما لعله يزيح بعض مما يعتمل في قلبك فلا يفعل...أن تمتثل لأمر الله وتسلم له وانت راض بحكمه....ألا تتوقف عن إرسال الهدايا بالدعاء...وتنتظر يوم تتلاقى أروحكما فتحكي كثيرا كثيرا...