أكثر من 30 مدينة جديدة أُنشئت فى عهد الرئيس السيسى، بالإضافة إلى العاصمة الإدارية، كل ذلك يمثل نقلة كبيرة فى حركة التشييد والبناء، لم تشهدها مصر على مدار تاريخها، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد أعمى البصر والبصيرة، كما أن هذه المدن والعاصمة يجرى تنفيذها على أعلى مستوى من التخطيط العمرانى وتتوافر فيها كافة الخدمات وعناصر جودة الحياة، وهى مدن ذكية تكنولوجية، كما أن المدن القديمة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية ما زالت تحاول الحفاظ على جمالها وانضباطها وتكافح القبح والعشوائية.
مشكلتنا الكبيرة فى العواصم والمدن القديمة التابعة للحكم المحلى والتى ضربتها الفوضى والعشوائيات، وتحاول الدولة إنقاذها، وتبذل جهوداً كبيرة فى تحسين وتطوير الخدمات والمرافق بها، ولذلك أتمنى أن تهتم الحكومة بملف احتلال الأرصفة وتأجير الشوارع وإغلاق الجراجات، وأن تشد على أيدى المحافظين والمحليات لتحقيق إنجاز فى هذا الملف، لأن مردوده إيجابى ليس فقط على المواطنين بل على البلد كله، وأيضاً على الاستثمار والسياحة، لأن الزائر الأجنبى، سواء كان سائحاً أو مستثمراً أو مسئولاً، حينما يخرج من مطار القاهرة يعرف ما إذا كنا دولة متحضرة وتحترم القانون أم لا من خلال مشهد الشارع والرصيف، وللأسف الشديد وضعنا الحالى فى هذا الملف غير جيد، وقدر الحكومة الحالية أنها ورثت هذه التركة الثقيلة، فالأرصفة محتلة من أصحاب المحلات والعقارات، والشوارع يسيطر عليها البلطجية (السياس) ويفرضون إتاوات على المواطنين فى مقابل انتظار سياراتهم، ومشاكل ومشاجرات يومية، بعضها انتهى بضحايا، وكل صاحب عقار أو محل تجارى أو شركة خاصة يظن أنه امتلك العقار والشارع والرصيف، ويمنع حتى المشاة من استخدامه، والسيارات من الانتظار، ويضع حواجز خرسانية أو حديدية تحت سمع وبصر المسئولين بالمحليات وتواطئهم أحياناً، وليس منطقياً أن تنفق الدولة عشرات المليارات على تطوير المدن وتحقق نهضة غير مسبوقة فى مجال الطرق والكبارى ثم يقوم البعض بتشويه ذلك بالحواجز والكتل الخرسانية.
أيضاً العشوائية فى إنشاء الأرصفة أصبحت شيئاً مقززاً رغم أننا ننفق عليها الكثير، ولكن يؤسفنى القول بأنه لا يوجد لدينا رصيف يصلح للاستخدام من المواطنين الأصحاء، فما بالك بأهالينا ذوى الاحتياجات الخاصة؟! الرصيف فى الخارج مصمم حتى يستخدمه المكفوفون دون مساعدة، ونحن لا نطمع فى الوصول لهذه المرحلة حالياً.. كل آمالنا فقط تحريرها من التعديات والإشغالات.
أيضاً الجراجات المغلقة كتبت فيها كثيراً، وهى مشكلة تسهم بشكل كبير فى فوضى وازدحام الشارع، فكل صاحب عقار بمجرد حصوله على رخصة البناء يغلق الجراج أو يبيعه ويحوله إلى نشاط تجارى، وبدلاً من أن يستوعب سيارات سكان العقار يتسبب فى أزمة مرورية، والمشكلة حلها سهل، إما إعادة استخدام الجراجات والوحدات الإدارية والسكنية فى أغراضها أو تغريم أصحابها بمبالغ كبيرة تُنفَق فى بناء جراجات عامة وتطوير منظومة نقل جماعى محترمة ورخيصة. ليست القاهرة فقط التى تعانى من أزمة الانتظار، ولكن معاناة المحافظات أكثر بسبب الجراجات المغلقة وفوضى المرور، ومطلوب حلول جذرية سريعة وعاجلة قبل أن تتحول كل شوارع المدن إلى جراج كبير وتتوقف فيها حركة المرور تماماً.
«الشارع، الرصيف، الجراج» أبسط حقوق المواطن، كما أن الحفاظ عليها لا يحتاج إلى موارد بقدر حاجته إلى إرادة تطبيق القانون.
والأمر بسيط، كل من احتل الرصيف أو حجز الشارع لنفسه أو أغلق الجراج يدفع مقابل ذلك أو يمتنع عنه لأنه يعتدى على ملكية عامة وليست خاصة، والله الموفق والمستعان.