الأقوياء فقط هم من يستطيعون تحويل المحنة إلى منحة، وهو ما فعلته الأم العشرينية «شيماء»، ابنة محافظة القليوبية، بعد انفصالها عن زوجها، إذ قررت أن تكون أبًا وأمًا لضمان مستقبل أفضل لطفليها، ما دفعها للتنقل بين أعمال مختلفة كان آخرها العمل في «أوبر»، وفي الوقت نفسه حرصت على استكمال تعليمها الجامعي، بالإضافة إلى مشاركتها في عدة أعمال تطوعية، لتصبح حياتها مزدحمة بالعمل ومفعمة بالأمل والرضا.
«شيماء» بين العمل والدراسة والتطوع
بصوت هادئ رصين، تروي شيماء عبدالكريم، صاحبة الـ28 عامًا، في حديثها لـ«الوطن»، أنها انفصلت عن زوجها منذ 4 سنوات، وبعد عودتها للعيش رفقة والديها قررت أن تتفرغ لرعاية طفليها «نورين» 10 سنوات، و«مالك» 8 سنوات، ثم اتجهت للعمل إذ تنقلت بين عدة أعمال مختلفة في الشركات أو البيع «أون لاين».
لم يقتصر اهتمام الأم العشرينية على أبنائها فقط، ولكنها حرصت أيضا على المشاركة في كثير من الأعمال التطوعية خلال فترة جائحة فيروس كورونا، عبر مساعدة المرضى والاعتناء بهم، أو المساهمة في توفير أسطوانات الأكسجين.
شراء سيارة بالتقسيط والعمل في «أوبر»
بعد فترة من بيع المنتجات «أون لاين»، تمكنت «شيماء» ابنة مدينة شبرا الخيمة محافظة القليوبية، من توفير بعض المال وشراء سيارة بالتقسيط لاستغلالها في زيادة دخلها: «فكرت إني أقعد في البيت أكمل شغل أون لاين وأجيب أي حد أشغله على العربية بس لقيت أن ده منفعش وحصلت مشاكل».
أثناء ذلك، راودها التفكير في اختيار عَمل يُوفر لها المال والوقت الكافيين لرعاية طفليها والاعتناء بهما، وهو ما وجدته من خلال العمل في شركة «أوبر»: «كنت محتاجة حاجة تخليني أكون موجودة مع عيالي معنويًا قبل ماديًا.. عايزة عيالي لما يحتاجوني في أي وقت يلاقوني جنبهم، وده اللي لقيته في الشغل الحر وخاصة أوبر»، وعند خروجها للعمل تترك أبنائها بجوار والديها على أن تعود لهم بين الحين والآخر، ووقتما يحتاجوها.
«شيماء»: البداية مش سهلة لأني سيدة
«البداية مكانتش سهلة خالص، خاصة إني بنت، وفي أماكن كتير مكنتش عرفاها، كمان في الأول كنت بخاف جدًا لما يركب معايا شباب في العربية، بس بعد كده أتعودت».. هكذا تحدثت «شيماء» عن بداية عملها في «أوبر» منذ عامين، إذ أجرت خلالها نحو 2500 رحلة، ووجدت دعمًا كبيرًا مِمَن حولها، بالإضافة إلى عبارات التشجيع اللطيفة التي كانت تتلقاها من الركاب أثناء الرحلة.
استغلت الأم سيارتها الجديدة للمساعدة أيضا في الأعمال التطوعية قدر استطاعتها، من خلال توصيل أجهزة طبية أو أسطوانات الأكسجين لغير القادرين مجانًا: «أحلى حاجة عملتها في حياتي هي العمل التطوعي، لأن بسببه بلاقي ربنا يكرمني ويسندني في أي ضيقة بتعدي عليا»، فضلا عن أنها في أحيان كثيرة تعمل في توصيل المنتجات للزبائن في حال توافق خط سير رحلتها مع أماكنهم.
«شيماء» تستكمل تعليمها الجامعي
منذ انفصالها تمرَّدت «شيماء» على شهادتها الثانوية، لذا اتجهت لاستكمال تعليمها الجامعي، وحرصت على تنظيم يومها والتحقت بكلية التجارة جامعة عين شمس، إذ أنها الآن في عامها الأخير بالكلية: «نفسي أعمل دبلومة في إدارة المستشفيات وأشتغل في المجال الطبي لأنه أكتر حاجة ممكن أقدر أساعد الناس من خلالها».
تتمنى الأم العشرينية امتلاك شركة لشحن المنتجات للحفاظ على مصدر رزق ثابت لأبنائها: «الدنيا بتكون فيها حاجات ومواقف صعبة كتير آه، بس برضو ربنا بيكرم ومبيناس تعب حد، واللي بيتعب بيلاقي».
تعليقات الفيسبوك